لو لم تكن (لو) مدخلا من مداخل الشيطان ، لتمنيت أن يقوم الشعب المصري بإنتفاضته ضد نظام مبارك في مرحلة أبكر من عمر الثلاثين سنة الماضية ! .. ليس لسلبية الرجل ولا لتردّي الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية والسياسية فحسب ، بل للمؤشرات الأخلاقية التي بدأت ترتفع لدى المواطنين ، والحس بالمسؤولية المُتزايد في أوساطهم تجاه بعضهم البعض ، وتجاه مؤسسات وطنهم ومُقدّراته ، وذلك كله رغم الحصار الحكومي لهم بالبوليس و(البلطجية) ، ورغم رميهم بكل شيء قذر ملموس أو معنوي ! ..
فهاهي وكالات الأنباء العالمية تنقل أروع الصور ، لفسيفساء إنسانية تشكّلت خصّيصا من أجل مصر ! .. مصر المسلم والمسيحي والملحد والعلماني ! .. مصر واحدة من أجل الحق الأوحد في الحرية والعدل والسلام ! .. مصر الصوت الموحّد لسمفونية (الوطن فوق كل إعتبار) ! .. الوطن فوق كل توجهات أوإنتماءات سياسية ، وفوق كل إختلافات إيديولوجية أونزاعات عقائدية ، وفوق كل نزعات شخصية ضيقة وأنانية ! ..
وهذا ما بدا جليا في مداخلات بعض المواطنين وتصريحاتهم لوسائل الإعلام ، بأنهم يعيشون أجواءاً غامرة من الراحة النفسية رغم الأوضاع المتأزمة ! .. فقس مسيحي قال بأن الكنائس لم تتعرض للهجوم منذ قيام المظاهرات المنادية بسقوط مبارك ، رغم إنعدام رجال الأمن الذين تحوّلوا إلى مسوخ لاهم من الحكومة ولاهم من الشعب ؟! .. وفتاة شابة قالت بأنها لم تتعرض للتحرش منذ أن سلّ الشباب (حفظهم الله ورعاهم) سيوف إراداتهم من أغماد مكبوتاتهم الجنسية ، ومنذ أن بدأوا بتفجير طاقاتهم في أمور جادة ، كالنهوض بالوطن وإنتشاله من تحت جسد النظام العجوز والمستبد ! ..
ومثل هذه الصور تُظهر مدى إرتفاع الهمم ، ومدى ترفع النفوس عن سفاسف الأمور وسخيفها ، وأيضا مدى تكاتف الجهود ووحدة الإرادات من أجل تحقيق هدف أسمى هو: وطن ديمقراطي يسع الجميع بمعتقداتهم وتوجهاتهم وتحزباتهم وأيضا بتناقضاتهم ! .. وحاكم عادل تؤرقه مشاكلهم ونزاعاتهم وإختلافاتهم ! .. حاكم غني بالحكمة وبالإيمان والتقوى ، يهبهم جميع حقوقهم حتى لو أغفلوها أو كانوا عنها من الساكِتيـن ، فكيف إذا كانوا بها مُطالبين وأيضا شرعِيّين ؟! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديـن : 04 . 02 . 2011
التعليقات (0)