الفنون والمعرفة متى نراها
في كل بلدٍ من بلدان العالم يوجد مؤسسات تٌعنى بالثقافة والمعرفة والفنون , مؤسسات تدعم الشأن الثقافي وما يتفرع منه بشتى الوسائل والطرق والعلة في ذلك الحفاظ على تاريخ الشعوب وتعزيز القيم وتحقيق الترفية المنظم للمجتمعات وقتل الفراغ بطريقة ممتعة سهلة يسيرة !.
المجتمع السعودي يعاني من قلة في وجود تلك المؤسسات ويعاني من ضعف المناشط الفنية والثقافية , والسبب فكري فهناك تيار محسوب على المجتمع يقف ضد الفنون محرماً ورافضاً لوجودها , ذلك التيار أهمل بقية مكونات المجتمع الفكرية فناك تيارات ومذاهب تؤمن بالفنون ولا ترى فيها أي حرمة والمثير في الأمر أن تلك التيارات والمذاهب مرجعيتها واحدة سلفية وطنية وليست من كوكب أخر .
الفنون بمختلف أنواعها ومدارسها منتج بشري إنساني من الإنسان إلى الإنسان ووجودها عاملٌ من عوامل المعرفة ووسيلة لتشجيع المواهب وصقلها ووسيلة تحارب وتقاوم سليبات المجتمع الفردية والجماعية .
في فترة من فترات الماضي كانت الفنون الغنائية والمسرحية والفعاليات الفنية والسينمائية حاضرة بقوة فالمشهد السعودي الوطني كان صافياً متفاعلاً مع نفسه في عملية رائعة تنم عن حيوية المجتمع وإنسانيته , لكن ومع متغيرات ضربت المنطقة وبروز إتجاه فكري متطرف سمى نفسه بالصحوة الإسلامية غابت تلك الفعاليات والمناشط بقوة الضغط الفكري فأصبح المشهد المحلي ممتليء بالضبابية والسوداوية وتحول المجتمع من مجتمع إنساني إلى مجتمع جامد تحركه العاطفة يمنه ويسره , التيار الصحوي ناتج تسييس الدين والتدين أستغل ظروف تاريخية ليظهر على السطح وينشر أفكاره وأدبياته , ذلك التيار تسبب في الكثير والكثير من المشكلات فليس أولها طمس معالم البلد الفنية والتاريخية " الآثار " وليس أخرها نشر أفكار وأراء تمس الوحدة الوطنية وتنال من مكونات المجتمع المذهبية وتشرعن الموت والتدمير تحت مسميات النصرة والنفير ؟
التيار الصحوي أنقسم على نفسه مع مرور الوقت وعادت بعض الرموز إلى حضن المجتمع بعد أن سرقوا زهرة شباب المجتمع , لكن ذلك لا يكفي فالمجتمع لا يسعى لمحاكمة الماضي بقدر ما يسعى لطي صفحته إلى الأبد عبر نشر مراجعات فكرية وإعادة ما سلب من المجتمع للمجتمع ومن ضمن الأشياء المسلوبة التعددية والتعايش والفنون والمعرفة والثقافة فكل تلك الأشياء سٌلبت وتسببت في موت المجتمع إنسانياً ومعرفياً ؟.
الفنون وأشياء أخرى يجب أن تعود إلى المجتمع ليطمئن المجتمع ويعيش إنسانيته ويتفاعل مع محيطه بشتى الوسائل والطرق فالفنون والفعاليات الثقافية والمعرفية والأدبية والمناشط الفنية السينمائية والغنائية متى تعود ويتفاعل معها المجتمع بكافة أطيافه ليحيا المجتمع حياة طبيعية غير ممسوخة فالمجتمعات الحية تعيش في ظل الفنون أما المجتمعات الميتة المريضة فتعيش في ظلام دامس كخفافيش الظلام ؟..
التعليقات (0)