الفنون رسائل لم تقرأ بعناية
للفن رسالة يجهلها البعض ويعلمها آخرون , رسالة ينقلها عبر وسائط مختلفة فالفن التشكيلي ينقل رسالة الرسام والصورة الفوتوغرافية تنقل رسالة المصور , والمشهد المسرحي ينقل رسالة الكاتب والفيلم السينمائي كذلك الخ , فالفنون تؤدي رسالة سامية على الرغم من سقطات بعض الدخلاء على الفن . الفيلسوف أفلاطون وضع شروطاً للفنان وكأنها معايير أكاديمية لمن أراد دخول معترك الفن فالفن لا يكون جيداً الإ إذا كان من يقوم عليه ويعمل به جيداً : فالفنان الجيد عند أفلاطون لابد أن يتميز بمميزات تؤهله لأن يقدم رسالة سامية وتلك المميزات هي : 1- أن يكون الفنان على معرفة وثيقة بطبيعة الخير والحق والجمال حتى يحسن التعبير عنها . 2-أن يلتزم الفنان بالقيم والأخلاق والتقاليد والأعراف وعلى هذا يخدم المجتمع . 3-أن يلتزم التعبير عن التناسب والأئتلاف اللذين يؤثران في النفس البشرية . 4-المحافظة على النسب الصحيحة والمقاييس الهندسية المثالية . هذه شروط الفن المتميز عند أفلاطون فيلسوف عصره وماوراء عصره فتميز الفنان شرط أساسي لتميز ما ينتج عنه من رسائل . أمتلأ الفضاء بمشاهد سينمائية ودرامية أشبه ماتكون بالتهريج , وتحتضن دور الفنون التشكيلية والمسرحية أعمال أشبه ماتكون بالخربشات والمواقف المضحكة , ويمتطيء جواد الإشراف والإخراج الفني من يظن بنفسه أنه فارس محترف , ويمتهن الكتابة والتدقيق من وقع أسيراً لأحلام اليقظة وظن بنفسه أنه قادر على كتابة النصوص وتقديم المفيد المختصر , دخلاء على الفن يهمهم المال والشهرة على حساب ملهم الشعوب ترياق التخلف مذيب جلطات التطرف , عين الحقيقة لسان الحرية صوت المجتمع الصامت ؟ جريمة التطفل على الفنون لا تختلف عن جريمة إهماله أو منعه أو التضييق عليه وعلى محبية , فالمتطفل يقتل الرسائل الحقيقية للفن ويساهم من حيث لايدري في إهماله وتهميشه فالمتلقي لا ينقصه رؤية مشاهد وأعمال لا تحترم ذوقه ولا تقدم رسالة تغير من واقعه فضلاً عن إدخال البهجة والسرور بقلبه . بالأمس القريب وأقصد هنا السنوات الماضية كانت دور السينما العربية ملاذاً لأفلام الواقع وتلك ميزة السينما , فمن القاهرة إلى الشام كانت دور السينما تعرض أفلاماً واقعية لحياة المواطن العربي اليومية مشاهد قاسية وأحلام طاغية وسياسات قتلت الأحلام والارواح بمقبرة الفساد السياسي والمالي , مشاهد لم يقرئها السياسي العربي بتمعن فكل ما كان يشغله هو حماية مكتسبات فسادة ومشاهدت الحلقات الساخنة بأفلام الإثارة فكانت النتيجة إحتراق الأرض بنيران الغضب ثورات خلعت رداء الخوف والقت به على قارعة الطريق ! قد يكون السياسي العربي وضع السينما وغيرها من الفنون بأخر أهتماماته لأنها في عرفه ملهاة للمجتمعات ولم يعلم أنها متنفس الشعوب وملهمتة وحاضنة همومة , فالمشاهد أو المتابع قد يعلم حقيقة لكن الفن وضع كل الحقائق أمامه ولامناص من مواجهة تلك الحقائق , فمع التسلية قدمت الفنون الحقائق بقالب أمتع المشاهد واضحك السياسي وأوقد نيران الإبداع ومواصلة العمل على كشف الحقائق المختلفة لتتحرك المجتمعات نحو طريق الغد المشرق . تتغير رسائل الفنون بتغير الزمان , والربيع العربي غير الكثير وسيغير , ولن يرى الجميع أثره الإ بعدما تستقر الاوضاع وتهدأ الحناجر وتعود الناس إلى حياتها اليومية , تغير لابد أن يقابله تغير في عقلية المبدع والفنان , فالمجتمعات العربية تفتحت ورفضت الجهل مؤقتاً , وتلك هي الحقيقة , فالفنان والمبدع العربي عليه الا يغفل عن واقع الحياة اليومية للمشاهد والمتابع فالمشاهد والمتابع ناقد صامت , ولن يبدع الفنان أياً كان نشاطة الإ إذا كانت المؤسسات الفنية تضع في إعتبارها تغيرات الزمن وظروف المرحلة الحالية والقادمة ؟ نحن بحاجة لفن راقي ينقل الرسائل من مكان لأخر , يمتع ويحلل وينقل الحقيقة , يعكس الصور الجميلة ويفتح أفق المعرفة والخيال للعقل البشري , ولن يكون ذلك الإ بتواري الدخلاء وعودة الفن بمدارسة واتجاهاتة إلى الحياة أكاديمياً ونقابياً بلا تمييع أو تضييق , فصقل المواهب ونقد الاعمال بحاجة لمؤسسات رائدة تؤهل وترعى فرسائل الفنون وإن قرئت من قبل الإ أنها ما تزال تحتوي على رموز لم تقرأ بعد , لكي يقرأ المجتمع الرسالة بعناية لابد من فن فنان لافن تاجر وباحث عن مال وشهرة فالقضية هنا قضية رسائل ودخلاء ؟؟
التعليقات (0)