لستُ أدري لماذا يعاودني الحنين بين فترة وأخرى للولوج في عالم الممثلين والممثلات الأحياء منهم والأموات ، هل هو الحسد لما يتمتعون به من شهرة ومن أضواء تخطف الأبصار، أم الرغبة في مناكفتهم ومن ثم التقرب إليهم من باب ( خالف تعرف ) أو لأسباب أخرى لا أستطيع البوح بها لنفسي حتى لا أصاب بشيء من الغرور .. لستُ أدري ، المهم أن أسبابي في كل الأحوال غير بريئة ..
والأهم بعد هذه المقدمة ( المملة ) أراني مضطرا وبكل أسف أن أدخل لموضوعي وهو حجاب الفنانات ( والفنانين أيضا ) فقد رأيت مؤخرا أحدهم اعتزل الفن ولبس عمامة أحاطت برأسه وأذنيه ممتدة بطول يوم ( السبت ) لتصل إلى صدره وجزء من سرته ،، وعندما سألتُ نفسي أجابتني أنه نوع من الحجاب الرجولي فشكرتُ لها هذا التوضيح القيم وعدتُ لسؤالها عن السر في كثرة المتحجبين والمتحجبات والتائبين والتائبات المرضى منهم والمريضات ( الشيّاب والشيابات ) وأركز هنا على صفتي المرض والشيب مضيفا لهما خفوت الأضواء وقلة العروض الفنية ..
فقالت لي نفسي ( الأمارة بكل شيء ) وما شأنك بهذا ولمَ الظن السيئ علما أن الهداية من الله وهوالذي يهدي من يشاء .. أم إنك منقهر ومنبطة كبدك من عدم قدرتك على التحجب أنت الآخر ..
فقلتُ لها تأمرينني بالتريث والظن الحسن وأنت تظنين بي الظنون ولا أنكر هنا أن البعض القليل منهم قد هداه الله إلى طريقه فحبب له طريق الخير وتمسك به أيما تمسك ودليلي على ذلك ثلة من فنانينا وفناناتنا ابتعدوا عن الأضواء تماما وقروا في بيوتهم ولم يتبرجوا لوسائل الإعلام لا من قريب ولا من بعيد كشادية وشمس البارودي وهناء ثروت ومحمد العربي وغيرهم أما ما أقصد هنا فهم الكثرة الغالبة التي طبلت وزمرت لنفسها قبل أن تعتزل وأخبرت أمة لا إله إلا الله بعزمها هذا واشترت ساعات وأسابيع إعلانية في القنوات التلفزيونية كي تخبر القاصي والداني بقرارها ، أي أنها ما خرجت من التمثيل إلا أشرة بطرة ، هذه واحدة والثانية إنها وبعد اعتزالها بقليل قررت العودة بأساليب كثيرة فالبعض اختار تقديم البرامج الوعظية والدينية وأصبح يستخدم خبرته كممثل في التلاعب بتقاطيع وجهه فمرة يغمض عينا ( ويسكّر أخرى ) ومرة يفتح فمه حتى تظن أنه ينوي والعياذ بالله أن يتثاءب ومرة يرفع أرنبة أنفه ويجعلها تتنطط كالسعادين كل هذا ممتزجا بصوت أجش مستكين وتمتمات لا تفهمها تذكرك بتمتمات الشحاذين على باب السيدة أو حي الحسين بالقاهرة .. حتى لتخال نفسك جالسا أمام كتلة إيمانية مهترئة من كثرة ما مر بها من تلوين وفتح وغلق واستكانة ، يحسبهم الجاهل بهائم من التنطع ..
وكأن مهنة الوعظ والإرشاد والنصح هي مهنة من لامهنة له ، وكأنها لا تحتاج من أساسيات سوى ماض أسود بغيض وتنطع في القول يحسبه الأبله نصحا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الضحك على الذقون واقفا على رجليه ..
والبعض الآخر عاد للأضواء ليسجل مذكراته الفنية فتجده يتنطط من قناة لأخرى سارداً للناس ماضيه الأسود الذي يزعم أنه هرب منه .. وهو بذلك يهرب من الشيء إليه ، وكلما مات زميل أو زميلة له استدعته القناة ليقرأ عليه الفاتحة ويتكلم عن مآثره وصدقه في الأداء الفني وصدقها ومراعاتها الله في رقصاتها وأنها لا تبخس الناس في الرقص أشياءهم .. ثم يختم ذلك بقول أستغفر الله ..
أما ثالثة الأثافىء فهي الفئة التي عادت للأضواء من خلال الفن نفسه ولكن بعمامة بالنسبة لآخر الرجال المحترمين وحجاب مزركش ومطرز ومعنطز بالنسبة لآخر النساء المحترمات .. عادوا مرة أخرى ليمثلوا مسلسلات تحوي كل شيء من رقص وغناء واختلاط وما شابه والشيء الوحيد المختلف فيه أن ( الحاجة )محجبة وأما بقية البهارات فما زالت على ما هي عليه .. وبما أنها حاجة جاوزت الستين ليس إلا فإنها ستأتي بدور أم وهي بذلك جمعت كل حسنات المجتمع فيها .. وحولها ( يا كِبدي ) ولادها يقبلون ويتلمسون يديها ويحضنونها إن عادوا من السفر ( وما تستغربش فهي أمهم الرؤوم ) ستعترض علي وتقول : ( أمهم إزاي دا في المسلسل مش في الحقيقة .. يعني حرام ) سأرد عليك ردي الملجم المخرس : ( دا .. تمسييييل ) .. وعجبي
التعليقات (0)