قبل أي شيء لابد أن نعترف جميعا أن تركيبة الشخصية العسكرية لا تصلح لحكم مدني ناجح ، والتاريخ بعد ثورة 52 كفيل لإثبات هذا ، ومن المنطق أن أي نظام حاكم تزيد أخطاءه وسلبياته وفساده أضعافا مضاعفة عن إنجازاته فهو نظام فاسد وفاشل وسيء ويجب رحيله فورا ، إذن الحكم العسكري والعقل العسكري المـبـني على استخدام القوة في التعامل مع جميع المواقف لا يصلح لإدارة دولة خصوصا في ظل ظروف تحتاج لخبرة سياسية كبيرة في التعامل مع الأحداث اليومية بعد ثورة مثل الثورة المصرية ، وأنا هنا لا أقلل من شأن الشخصية العسكرية ، ولكن هناك حكمة تقول(أن الرجل المناسب في المكان المناسب) ، كما أن علماء النفس بـيّــنوا أهمية ظاهرة الفروق الفردية في الحياة الإنسانية ، ومجنون من يعتقد في نفسه أنه صالح وجاهز وكفء للقيام بأي عمل وشرح هذه المسألة يحتاج مقالا مفصلا سيأتي وقته.
أحداث ماسبيرو
عند النظر لهذه الجريمة المكررة لابد من تشغيل العقل الإنساني والرجوع قليلا للوراء من ناحية ومن ناحية أخرى لابد من البحث عن صاحب المصلحة في تخريب مصر وتحويلها لفوضى بعد أن هدد بذلك علانية دون أن يحاسبه أحد ، ودون أن يسأله أحد من القائمين على الحكم في البلاد هل هذه تهديدات حقيقية قابلة للتنفيذ.؟
وتفصيل هذا
أن أعضاء أحد عشر حزبا أعلنوا صراحة في اجتماع أنهم في حال تطبيق قانون العزل السياسي عليهم واستبعادهم من ممارسة العمل السياسي خلال ثلاثة أو خمسة سنوات قادمة ، كان أول رد فعل لهم بدون أي مونتاج كالآتي( تهديدات بحشد 15 مليون مصري واحتلال جميع المحافظات وقطع خطوط القطارات وقطع كابلات الكهرباء ، وتهديدات واضحة بنشر الفوضى وتخريب مصر من فوق ومن تحت كما قال من هدد) ، فلول النظام شعروا بالخطر عندما وجدوا الانتخابات ععلى الأبواب وملامح العملية الانتخابية بدأت توضع فعلا ، فكان تفكيرهم في الرد بقسوة وقوة بتعطيل كل شيء ودخول البلاد في أزمة حقيقية ، التفاصيل على هذا الرابط
http://www.alarabiya.net/articles/2011/10/02/169847.html
ورغم خطورة هذا الكلام إلا أن المجلس العسكري لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم ولا يبحث إلا عن شيء واحد فقط بقاءه في السلطة ودفاعه عن مبارك ، كما تورط رجاله في أفعال إجرامية كما تورط من قبل رجال العادلي في معارك إجرامية ضد الأبرياء المصريين.
صاحب المصلحة هو كلمة السر في أحداث ماسبيرو يوم 9 أكتوبر 2011م ، أعتقد أن (توجيه تهمة تخريب مصر وجرها لحرب أهلية) إلى كل قيادات الأحزاب الذين هددوا منذ أيام هو أمر طبيعي جدا ومنطقي جدا وعادل جدا ، لكن يبدو أن المجلس العسكري يريد استمرار حالة عدم الاستقرار والفوضى والفراغ الأمني التي تضمن بقاء المجلس في السلطة لفترة أطول ، وأنا هنا لا أتجنى على المجلس العسكري لأن أنصار المخلوع مبارك من قبل في عشرات المرات أمام أكاديمية الشرطة مكان محاكمة المخلوع هتفوا صراحة بالآتي(ها نهد السجن ونولع فيه لو حسني مبارك حكموا عليه) ، كما قالوا أيضا (أن مبارك هو الريس غصب عنهم) وهنا لابد أن نسأل المجلس العسكري الذي يقول أنه يحمي الثورة لماذا لم يتم القبض على من هتفوا وهددوا بحرق السجن وهدمه والتحقيق معهم .؟ ، وهل مبارك فعلا هو الريس حتى هذه اللحظة.؟
في حقيقة الأمر بكل وضوح وثقة أقولها مبارك هو رئيس مصر حتى هذه اللحظة والسبب ما قاله في خطابه الثاني أو الثالث (يجب الاختيار بين الفوضى والاستقرار) والحدق يفهم.
التلفزيون المصري الكذاب المنافق المضلل الذي عاش ينافق مبارك وزبانيته على مدى ثلاثة عقود لدرجة التسبيح بحمده ليلا ونهارا في جميع القنوات ، والذي كان يذيع في أصعب أيام الثورة المصرية مشهدا لكوبري قصر النيل والمراكب الراسية في ماء النيل الهاديء ، بينما كان شباب مصر يقتلون قنصا ، اليوم تحول فجأة لمتابعة حية لحدث خطير مثل معركة ماسبيرو ، حيث تعامل مع الموقف بكل نذالة وخيانة للأمانة الوطنية ، وكان على وشك الإيقاع بين المسلمين والنصارى ، التلفزيون تابع الأحداث بكل حرفية زائفة مضللة تخدم فئة بعينها ، التلفزيون الذي يُنفق عليه من أموال الشعب كان يقوم بإعداد المصريين خلال دقائق للنزول للشارع وبداية حرب أهلية حقيقية ، التلفزيون المصري الذي من واجبه البحث من مصالح المصريين وتهدئة الأجواء في أي ظرف متوتر تمر به مصر فعل العكس ، ووضع الزيت على النار بكميات كبيرة جدا وبكل غباء وخيانة لهذا الوطن ، وهذا التلفزيون كان ينتقد قناة الجزيرة أيام الثورة لأنها تعرض الحقيقة التي لولاها لمات عشرات الآلاف دون أن يعلم عنهم أحد.
القناصة
ظهر القناصة من جديد يقتلون أبناء مصر كالعصافير من فوق أسطح البنايات وبشهادة الشهود الذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الشهادة ورغم ذلك سيخرج علينا وزير الداخلية معلنا أن الوزارة ليس بها قناصة ولا أسلحة قنص ، وسينكر المجلس العسكري أيضا مسألة دهس المصريين بالمدرعات ، فهذه هي السياسة التي تعلموها من مبارك منذ أربع عقود أو أكثر
http://ahl-alquran.com/arabic/show_news.php?main_id=20161
أخيرا ..
اليوم غير البارحة لا يصح القول بأن الثورة المصرية في خطر ، ولكن مصر كلها في خطر ، جميع المصريين في خطر ، ولا يمكن التعامل مع الحدث على أنه محاولة لإثارة فتنة بين مسلمين ونصارى ، ولكن لابد من الشعور بخطورة الموقف وحساسيته وأهميته ، لأن الجو مليء بالكبت والغبار والأتربة والسحابات السوداء والكل لديه الاستعداد ، والأخطر من هذا كله أن بلطجية وزارة الداخلية لا زالوا يتمتعون بحرية لا يتمتع بها معظم المصريين لأنهم يملكون القوة المتمثلة في السلاح ويملكون السلطة بحماية الدولة لهم ، وفلول النظام داخل وخارج السجون ينفقون من أموال المصريين على عمليات تخريب مصر وحرقها ، والكل يتكلم بأعلى صوته ويعتبر نفسه المسئول عن الثورة وحامى حماها.
من الآن أقولها بمليء الفم من يحاول التحدث عن الثورة وعن حمايتها يجب عليه فعل الآتي:
القبض على جميع البلطجية وهذا الأمر ليس صعبا واسألوا وزارة الداخلية.
التحقيق مع قيادات الأحزاب الذين هددوا صراحة بتخريب مصر ونشر الفوضى واحتلال المحافظات وقطع الطرق والكابلات.
القبض على أنصار المخلوع الذين يهددون منذ شهور دون أن يحاسبهم أحد.
تجميد أرصدة نزلاء طره من العصابة الحاكمة لمنعهم من الإنفاق على تخريب مصر وهم داخل السجون ، ولا يخفى على أحد أن أحمد بيه عز لا زال يتحكم في سعر الحديد وهو في طره ، وهذا مثال توضيحي فقط.
يجب وقف التمويل الوهابي داخل مصر والتحقيق فيه كما يتم التحقيق في تمويل المنظمات المدنية.
يجب محاكمة كل من يخطئ وإنهاء مهزلة المجالس العرفية التي تتحول فيها الجرائم إلى أخطاء صغيرة تتكرر كل يوم.
نحن في أمس الحاجة لمشاعر 25 يناير حين وقف المسلمون والنصارى فريق يقيم الصلوات وفريق يقيم قداسا ويحمي كل منهما الآخر.
هذه هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ مصر والمصريين.
و تذكروا جميعا أن كل ما يحدث سيؤدي لدخول مصر حكومة وشعبا في نفق مظلم من الخلافات والمشاكل اللانهائية ستغطي على محاكمة مبارك ورموز نظامه القتلة والمجرمين ، فكروا من هو صاحب المصلحة فيما نحن فيه الآن.؟
التعليقات (0)