مواضيع اليوم

الفلسفة الجزائرية

رَوان إرشيد

2012-08-04 10:13:26

0

 

 

 

الفلسفة الجزائرية

 

يا أرضا عقوقا!.. تطعمين الأجنبي و تتركين أبناءك للجوع، إنني لن أعود إليك إن لم تصبحي حرة!..
مالك بن نبي


العقل هو مصنع الفكر، و الفكر هو مصنع الرشاد، و الأمة الراشدة هي نفسها الرائدة، و عليه قامت الثورات، و دارت المعارك الفكرية على أكثر من صعيد، و على العديد من الجبهات، و بأكثر من وسيلة، لنجعل من القدرات المعرفية صكا مدفوع الثمن أمام الهجمات الشرسة من هنا، و من هناك، و من هذه النقطة، و اعتمادا على ما تقدم نجد الآتي: ما موقع الفلسفة الجزائرية من الفكر الفلسفي العالمي؟ وهل هي موجودة حقا ما تسمى بالفلسفة الجزائرية؟
عام 1962م، هو عام لم و لن تنساه الأجيال الجزائرية على مرّ العصور، لأنها سنة عرفت استقلال الجزائر، و إثبات أنّها دولة مستقلة لا علاقة لها بفرنسا، كما أثبتت من قبل أنها أمّة مستقلة لا علاقة لها بالأتراك، أو العثمانيين، لكن: مـــا علاقة الاستقلال الجزائري بالتميّز الفكري للأمة و الدولة الجزائريتيْن على حد السواء؟
التأمل في الفكر الجزائري يأخذنا إلى عدّة ثنايا، تبدأ بالصراع، و تنتهي بالصراع العميق و الشرخ الواضح، كلما ازددت عمقا في تدبّر أساسات التفكير في هذه النقطة من العالم.
فمنذ الدولة العثمانية، و الصراع قائم في مجال الفكر، و الذي خلق فسيفساء معقدة المكوّنات إلى الآن، جعلته يرتبط بكل متطلبات الحياة، و حتى تغلغلت في شكل عقائد فرقت الضمائر في نوع من المجابهة حينا، و الانقياد في أغلب الأحيان.
فالفكر في هذه المنطقة كان و ما يزال يأخذ صبغة الفلسفة، و ذلك لأنه يتحرّك بجملة محددات، تنساب لتمسك بعصب الحياة الرئيسي، و الذي هو في الأصل عبارة عن مجموع المجالات المعيشية للفرد كوحدة، و المجتمع كمجموع وحدات، و أمّة كميراث، و دولة كقوّة محركة عبر يد واحدة، و بعقل مركزي. هذا ما سمي بالفكر الجزائري في العلن، و لقّب بالفلسفة الجزائرية في السرّ، لكنني أنا مـــزوار محمد سعيد اليوم لا أظنّ أنه بقي ســرا، ما دام أنه يتكلم بلسانه عما يجول في خاطر هذا الإنسان من هذه المنطقة. لدى يمكننا أن نقول عن فكر الجزائريين أنه فلسفة جزائرية خالصة، قامت على الصراع، و هي مجهولة النهاية النهائية.
و لو عدنا على نحو تدريجي، فإنّ هذا الفكر الفلسفي الجزائري، قام على نقائض متصارعة، على ساحة غير محدودة، فقد بدأت بالصراع الفكري المقاوم، و هذا ما ظهر في مقاومة العروبة، ثمّ مقاومة الثقافة التركية، و من بعدها محاربة الثقافة الفرنسية، و الآن هي تقاوم و تجادل الثقافة الأحادية المتنوعة، أي أنها كرد فعل، تمت إقامته من إقامة نقيض لمؤثر خارجي، أخذ من العناصر الذاتية، و الداخلية منبعا للتحفيز، و منه انبثقت الفلسفة الاثباتية، و التي ترى حقوق الفرد الجزائري ككيان متميّز، و ظهرت الفلسفة التوعوية من أجل إيقاظ الجزائري و إشعاره بمدى أصالته، مما ولّد عناصر فكرية متناسقة و منسجمة، شارك في إقامتها أجيال من الجزائريين، عن إدراك أو غير إدراك، ليخطّوا نوعا من المسارات، و هذا كله لإثبات الإثبات من جهة، و الرد على ما يحاول التسلل إلى قوامها من جهة أخرى، مما أظهر هذه العملية على أنها عملية مبعثرة، و غير منسجمة، لكنها كانت تدير تنوعها في حقيقة الأمر عبر اتجاهيْن رئيسييْن، بقيا إلى الآن في حالة تجاذب و تذبذب، دون أن ينهار احدهما، و يحسم الأمر لصالح عقيدته أو إيديولوجيته المعتمد عليها.
و من هنا يمكننا القول أنّ الفلسفة الجزائرية، و رغم تعددها و تنوّعها، إلاّ أنّها تبقى فلسفة خاصة، تغذي التناقض، و تتغذى من المقاومة و الممانعة الفكرية، و تجعل من التميّز عنوانا لها و هدفا، و هذا كله بفضل عقول أبناء هذه المنطقة الشريفة التي تدعى الجزائر.


السيّد: مــــزوار محمد سعيد

 

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات