قبل يومين لفت نظري تجمهر مجموعة من الشباب صغار السن أعمارهم تتراوح بين 13 والـ 17 عاماً على أقصى تقدير يقفون خارج أحد المجمعات التجارية بمدينة الخبر في فوضى عارمة يتدافعون للدخول كل يحاول أن يتجاوز حراس الأمن أو يستغفلهم كي يحشر نفسه بين إحدى العوائل , أشفقت عليهم والله وشعرتـ بالحرج أمام الأجانب والسائقين المصطفين أمام البوابة وهم يرون أبناء الوطن يستجدون هؤلاء الحراس كي يتمكنوا من إقتحام تلك البوابات المنيعة ويقدمون التبريرات والححج لٌإقناعهم , وفي المقابل السائقين والأجانب بمجرد أن يمروا من أمام البوابات تشرع لهم الأبواب وتحتضنهم المراكز بشرط أن يكون رجل غير مواطن ( غير سعودي ).
من الغريب انه لم يطفئ ثورة هذه الذئاب كل تلك الدروس الدينية والخطب والكتيبات والمخيمات والمحاضرات ورجال الهيئة والفصل بين الجنسين ونجد أن الأجانب الذين تربوا في مجتمعات غير منغقلة وطبيعية نثق بهم أكثر مما نثق برجالنا الذين تربوا على الدين والصلاح والفضيلة ..
هذه الظاهرة تستحق التوقف عندها وتحليلها اجتماعيًا وفكريًا للوقوف على أسبابها لماذا المجتمع يمنح الثقة للجنسيات الأخرى في التعامل مع المرأة السعودية وينتزع هذه الثقة من الرجل السعودي , وما سبب الهجوم والخوف الغير مبرر من السعوديين تحديداً عندما نتطرق الى أي موضوع بخص المرأة !!
من المُلفِت للنظر أن هناكـ أزمة ثقة بين الرجال السعوديين بعضهم البعض وأزمة ثقة كذلك بين النساء وبين المجتمع .. فالثقافة المحلية تولي الأجنبي الثقة في العمل والتعامل والتواجد والإختلاط مع النساء في الأسواق والمحال العامة والخلوة معهن في المركبات .. وتمنع وتعيب وتنتقد وتخشى الرجل السعودي ( فقط ) وكأن الخصوصية المحلية خلقت نوع من العداء بين الرجل والمرأة و المجتمع علماً بأن هذه الصورة التقليدية يتم الاحتفاء بها وتأكيدها في كل موضوع يتعلق بالمرأة السعودية .
على سبيل المثال لا الحصر
إن استقراءَ ومتابعة ردود الفعل تجاه قضية قيادة المراة للسيارة تؤكد بأن هناكـ مجرم وعدو يجوب الشوراع فالمفروض منا نحن النساء أن نستجدي هذا العدو ونقبع في البيوت خوفاً من هجومه على أعراضنا.. فكل الخوف من ردة فعل رجل الشارع السعودي وكأننا نقدم صورة للعالم بأن أبناء الوطن هم قطيع من الذئاب يتربصون بنساء المسلمين حتى تغلغل هذا المفهوم وشكل الصورة النمطية الماثلة أمام العالم عن أبناء وطني تمثلهم بصورة بشعة غير إيجابية , عوضاً عن بعض التعليقات التي نقرأها لبعض القراء وهم يهددون ويتوعدون المرأة السعودية في حال قادت السيارة بأن مصيرها الإغتصاب والخطف والتحرش ,حتى في الخطاب الديني السعودي التقليدي نجدهم يتحدثون عن بني جنسهم وكأنه ذئب ينتظر إغتصاب تلكـ الفريسة والتلذذ بها والسؤال هنا .. لماذا لا يستطيعون أن يتحدثوا عن الرجل السعودي على أنه رجل نزيه مسلم مستنير العقل يحافظ على أعراض النساء المسلمات ويحترم الجواهر المكنونة ؟
هذه القولبة والصورة الذهنية عن فرضية التعامل بين الجنسين أنتقلت الى الخطاب الديني المتوجس من المرأة خصوصاً وأن الكثير من الخطب عندما تتطرق الى مواضيع النساء تبدأ عادة بـحديث الرسول عليه الصلاة والسلام (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) أو بحديث (( فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) أو بقوله تعالى (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )) بدون تفسير معنى هذه الأحاديث أو الآيات أو أسبابها لكنها تلتف على هذا النص الديني لتصوير المرأة على أساس أنها كائن فاسد مفسد يجب الأخذ بيدهـ .. وأنها أساس البلاء وأصل الفتن وأسباب انتكاس حال الأمة الإسلامية مما جعل ردة فعل الكثير من الرجال تنعكس على تصرفات لا مسؤولة وعنف مضاد وتسلط يمارس ضد النساء من باب التوجس وأخذ الحيطة والحذر من هذا الشيطان القابع في بيوتهم .. مما ساعد بشكل كبير الى تحويل بعض فئات المجتمع الى قنابل موقوتة بعدما تشربوا هذه الثقافة التي تعزز نظرة الذئب للنعجة وتوجس النعجة من الذئاب .
ولا نزال هنا ننتظر نحن النساء ننتظر تبديل هذه النظرة التقليدية الايديولوجية ضدنا وأطفاء فتيل الريبة والشك وسوء الظنون التي زرعتموها في نفوس أبناءنا وإخواننا ورجالنا عنا نحن النساء السعوديات منكم أنتم تحديداً , في أنتظار أن ننزع هذا الهلع والخوف والتوجس من رجال الوطن وطرد كل هذه الأفكار التي تتصور لنا في حال رؤيتنا لكم .. في أنتظار ولادة قانون متكامل ينزع سلطة وجبروت هذا العدو المفترس الذي يتحدثون عنه .. وأخيراً أرجوكم أن لاتحولوا شباب هذا الجيل الى ذئاب بشرية مثلما فعلتم بمن قبلهم فهم اليوم في مرحلة تأهب تدفع بهم لأن يتحولوا الى دراكولا بشري أنتقاماً من مجتمع كامل أنتقم من طفولته وشكك بدينه و بقيمه وأخلاقه وتربيته.
التعليقات (0)