مواضيع اليوم

الفكرة

إسماعيل الصياح

2013-01-01 00:00:00

0

 

 
وقف أمامه طويلاً يتصفحُ وجههُ المنحوتِ بذكريات الأيام الفائتة، كان لأخيه عالمه الخاص، عالم لا يعي فيه إلا نفسه، وربما يعرف أناس ينتمون لذلك العالم!من يدري؟
كان وليد محتاجا جدا لأخيه ، ودّ  لو يفهم معنى عزوفه عن الزواج ، والى هذا السن ،بدأ يخاطب صمته ويذكره بكل مواقف الاحتياج وآخرها زواج أبيه فانتقاله  لبيت جديد، وعلى الرغم من أنهم كبارٌ على عطف الأب! إلا أنه قد خلف شرخا.
لكنّ أخاه وبنفس تلك النظرة الغريبة التي قارب عمرها العشرين والتي تحيرَ في صفتها، أهي استنكار لواقع ما ؟ أم أنها لغة لعالم آخر، لم ينبس ببنت شفة.
حوار من طرف واحد تقطعه بابتسامة مفتعلة أختهما المعلمة العائدة للتو قائلة وهي مسترسلة في طريقها لوضع حقيبتها ورزمة ورق:
يجدر بنا الاحتفال إذ لم نجتمع منذ زمن، و بكتلة من الدخان الممتزج بغصة زمن محترق قد أدمن عطب ثوانيه يقاطع تهكمها وليد قائلا:
انظري له إنّه لا يتنازل عن فكرته، مازال عنيدا.
بيد إن أخاهما انسلّ من بينهما كما العادة ليخرج وكأنه مأمور بالقطيعة.
وأختهما راحت تقلب بقنوات التلفاز المكررة كعمرها الذي بدت ملامح الضياع على محياه بعد إن أعدت غداءها المطبوخ من الليلة الفائتة حيثما اعتادت على هذا النمط منذ وفاة والدتهم.
لم يكن وليد لديه شك بان كل شخص تسيره فكرة وقرر في نفسه إن يهتدي للفكرة التي تقبع في رأس أخيه،لابد من حل طلاسمها ، كي يحرره من براثنها ، لذلك استذكر كل الإجراءات المتخذة لعلاجه سابقا وحاول إن يفسر كل المواقف التي مرت على أخيه ، جهد في تقمص شخصية أخيه كي يطلع على عالمه  الخاص.
ولوهلة... انفتحت شيفرات الصمت في الذاكرة وعاش وكأنه في غيبوبة ،وحينما أفاق، شعر وكأنه شبحٌ  يُطارِدْ، لم يكن يشعر بالزمن الذي استغرقه في دخول ذلك العالم ، بالكاد أخرج نقاله الذي لم يرن سوى برسائل الشركة ، ليرى أن الوقت قد أفل وقارب منتصف الليل ، لم يعِ لماذا ارتاد أماكن لم يرتدها من قبل !
وبدأت تراوده فكرة الخلاص من رأس أخيه، فأوجس خيفة من أن أخاه قد صار فكرة.
عاد سريعا إلى البيت، وأخرج بندقيته - التي استبدلها مع جندي أيام الانسحاب من الكويت برغيف خبز- وبدأ يتحين الفرصة في اصطياد تلك الفكرة، صعد إلى السطح، وانتظر.
بينما أختهما التي كلما كان يعزف النعاس على أوتار عينيها سيمفونية حزن يجعلها تراقص فّزاعة في كابوس أزرق،تتناول قرصا مهدئا لتخبو نار العنس في ثلج صدرها.
وفي الغد صعد الشقي ابن جارهم مختلساً خطاه  ليرسل بطيوره الملونة في السماء وعلق استغرابه لنومة وليد خشية صوته الأجش الذي طالما وبخه به ، لم يدم ذلك طويلا ليسترق النظر إليه خلسة فيراه بوضع مختلف ،هرع إليه سريعا بخفته المعروفة لدى الجميع في التسلق ليقف عند رأسه المثقوب من اختراق طلقة من فمه، إلا أن ما أثار استغراب الصبي هو ترتيب وليد لأعقاب السجائر بشكل غريب وبجانبها علبة السجائر  مكتوب عليها بخط واضح عبارة (( لقد حل في رأسي )).


إسماعيل الصياح

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !