الجهل والفقر من أوصاف العبودية والعلم والغني من أوصاف الربوبية فمن قارن فقره بغني ربه لم يحزنه فقره ..لأن الله الغني بغير حدود قادر علي أن يجعله غنيا فوق الأغنياء أو مستغنيا بغني ربه الذي لا تنفد خزائنه ويتلقي بالرضا ما يأتيه من ربه كل يوم وكل لحظة...وإذا أقر بفقره ورضي به استغني بغني ربه.... ومن أقر بجهله فقد التمس من علم ربه ...وكما لا تعلم النطفة من علم الجنين.. ولا يعلم الجنين من علم الطفولة.. وكما لا يعلم الطفل من علم البالغ العالم: كذلك لا يعلم الأحياء من علوم الميتين.... وإن كان الموت فناء فإن الحياة لا تستحق الحماية إلا بقدرما يتقي الإنسان من الجوع والعطش وبقدر ما يستطيع توفيره من الملبس والمسكن وأن يبحث فيما يدفع المرض ويستجلب الرزق بالعمل الجاد ...كما أن الحياة علي فرض إنكار البعث سوف تخلو من الرجاء والأمل فيما بعدها... وتلك تنقص من أمل الإنسان فيما بعد الموت... كما تحذف الأمل الذي يبعث في النفس السعادة قبل الموت.... وفي نفس الوقت تزيد من فرحة المؤمن في الدنيا إذا آمن أن بعد الموت حياة أبدية.... فتسعد نفسه في الدنيا قبل موته....وتلك بالطبع سعادة لا يشعر بها الملحد ولا منكر البعث ....وإن كان الموت فاتحة علم حقيقى فكيف لأحد أن يتخلي عن علم محتمل وحياة أفضل وهي حياة الآخرة ويختار حياة منقطعة بالفناء المؤكد وهي الحياة الدنيا ؟
إن العلم العارض أي الذي يأتي بعد الجهل المتيقن لا ينفي ما بقي أو خفي من العلوم والمعارف...بل يثبت أن ما لم يعلم بحر أمام نقطة علمناها...أو أن ما علمناه قطرة في بحر العلم.....ويصدق هذا القول ما يكتشف ويخترع كل يوم من مكتشفات ومخترعات جديدة....... ومن ذا الذي يعتقد أن العلم قد توقف عند حاضرنا القريب ؟ وما يدرينا أن العلم القادم سوف يتضاءل علمنا أمامه كنقطة في بحر أيضا ؟ إن الجاهل قد أصبح علي يقين بهذا التطور......ولذلك فجدير بمن تحقق من فقره أن يستعين بالغني... وبمن أقر بجهله أن يستزيد من علم العالم رب العالمين (واتقوا الله ويعلمكم الله)
التعليقات (0)