الفقر في دنكاليا الي أين يمضي ؟!(1-8)

الفقر في دنكاليا الي أين يمضي؟! ( 1- 8 )
بقلم : ادريس حسن يعيدي
2012/11/15
بسبب إطلاعي ومعرفتي العميقة لما يجري من سياسات ومخططات جهنمية بشعة للتفقير والتجويع المتعمد التي يتبعها النظام في منطقة دنكاليا وأريافها ومدنها الساحالية خلال عقدين منصرمين وكل يوم ألمس وأشعر مآسي لإنسانية معذبة تتململ وتتمرق تحت الاشجار وكل يوم أسمع صرخاتهم وآهاتهم وكل يوم أرى أجسامهم التي صارت عبارة عن عظام وعروق عارية من شدة الضعف والهزال وبشكل عام أرى وأسمع صور مفجعة وقصص مخجلة مستفزة للضمير الإنساني ناهيك عن ضمير الإخوة أبناء الوطن الواحد لذلك قررت أن أكشف حجم الفقر وأسلط الضوء الكاشف حول مظاهره ومدى إتساعه وكيف عمق النظام جذوره وجذر مآسيه وكوارثه في هذه المنطقة البعيدة عن عيون الاعلام الداخلي والخارجي؟وما هي الاساليب التي إستخذمه ؟ أريد أن أكتب عن معاناتهم ومآسيهم وأريد إيصال صورتهم وصوت إنسانيتهم المعذبة الي إخوانهم وأبناء وطنهم في كل أنحاء العالم لكن هذا لا يعني أبداً أن الفقر خاص في دنكاليا لأنني أعلم وأُدرك تمام الإدراك أن كل مناطق ارتريا دون استثناء تعاني وتقاسي مرارات الفقر المدقع وأن المواد الغذائية الأساسية معدومة في كل المدن الارترية وأن منطقة دنكاليا كأحد المناطق الارترية التي تعاني وتقاسي وتنزف وتئن تحت جبال من المعاناة والآلآم والأحزان وأعلم ان ارتريا تحت سيطرة نظام بائس يحمل كم هائل من الكراهية المشبعة بالأيدولوجية العنصرية المدمرة لجميع الارتريين وأعلم أنه جاثم علي كل منافذ أنفسنا ومنافذ مواردنا بقوة السلاح وبقوة نفوذ دولتنا التي للأسف أُستخذمت ضدنا أنا أعلم وكلنا نعلم ان سياسات النظام صارخة علي العنصرية والانتهازية والسطحية والغباء وغياب العقل والمنطق والضمير وكلنا نعلم أن أساليبهم ناطقة علي العنف والفجاجة والوقاحة وعنتريات صبيانية غير مسؤولة .
لذلك قبل ما أدخل في الموضوع الأساسي أتحدث حول سؤال هل الفقر المدقع الذي نراه ونسمعه يومياً في ارتريا طبيعي ناشئ بسبب ندرة الموارد الاقتصادية في البلد أم هو فقر مصطنع صنعوه لإعدامنا؟؟ كمقدمة لسلسلة مقالاتي التي سأكتبها تحت عنوان (مشكلة الفقر في دنكاليا الي أين يمضي بنا ؟) وأبدأ مقالي الأول عن الفقر في إرتريا وهو كما نعلم كسر كل التوقعات وتجاوز كل الأوصاف وضرب أرقاماً قياسية حتي إنعدمت السلع الأساسية في الأسواق ودخل الشعب الارتري في حالات مرعبة من البؤس والشقاء ومراحل معقدة من اليأس والإحباط حتى عجزوا عن توفير أقواتهم الضرورية لأطفالهم ولأُسرهم ووصلوا الي درجة الموت جوعاً ..

وكل يوم تتوالى علي مسامعنا قصص مخجلة وحكايات مؤلمة للإنسانية المعذبة في داخل الخريطة الارترية وهي الخريطة التي أراد لها الخالق الغنى والرفاهية وهي نفس الخريطة التي تحلم وتتمنى سكناها كل الامم والشعوب الطامعة للغنى والنفوذ عبر قرون طويلة .
فعجباً لهذا الشعب المسكين الذي كان يُفترض أن يعيش وفي أفواهم ملاعق من ذهب فكيف لا وأن دولتهم تفترش ألف كيلو متر مربع من البحر الإحمر المعروف بثرواته الهائلة ورابضة أمام منطقة باب المندب الإستراتيجي مع جزرها الحيوية ومنافذها القريبة علي خطوط الملاحة الدولية وهي منطقة معروفة بالجاذبية من العيار الثقيل وعلي مرمى حجر منها يمر 30% من النفط العالمي و8% من التجارة الدولية وهي منطقة واقعة بمحاذات الخليج حيث الغنى والرفاهية وفوق هذا كله تملك شعب واعي كادح معروف بركوبه المخاطر لتحقيق ارادته اي كانت ناهيك أنْ يعجز تسخير تلك الخريطة الجاهزة التي لا تجتمع لشعبٍ من الشعوب لأهميتها من جهه وخطورتها البالغة من جه أخرى لذلك قد دفع الشعب الارتري فاتورة الدفاع عنها بأثمان باهضة لا تقدر بثمن حيث قاوموا وتحملوا المشاق وبدأوا برحلة طويلة صعبة ومريرة منذ الاربعينات.. في النهاية بعد نصف قرن من التضحيات والتمزقات وويلات الحروب أعلنوا بميلاد الاستغلال الذي طالما حلموا به وطالما إنتظروه وطالما ضحوا من أجله حيث كانت آمالهم وتوقعاتهم مرتفعة ومن خلال قراءاتي لما كتبته آيادي النخب الارترية في العقود التي سبقت الاستقلال وجدت أنهم قد توقعوا دون استثناء بمستقبل باهر ومزدهر لإرتريا حتى صاحب مشروع معجزة الموت جوعاً علي ضفاف البحر الاحمر وفي منطقة باب المندب السيد سياس افورقي رئيس إرتريا قد صرح في فترة الاستقلال أنه سيحول إرتريا سنغافورة القرن الافريقي ..
و لم يخطر ببال أحد من الإرتريين أنه سيأتي علي إرتريا يوم تُهددها كوارث المجاعة الي درجة التي تعلن فيها المنظمات الدولية أن ارتريا دولة منكوبة .
حتى لم يدر في خُلد أكبر المتشائمين قتامة وظلمة أنه يأتي زمان علي الشعب الإرتري يهربون منها بجلدهم وروحهم الي خارج وطنهم بحثاً عن لقمة عيش يصدون بهم رمقهم لكي يبقوا علي قيد الحياة حتى وصلوا الي درجة التي يُفضل فيه بعض الإرتريين العيش في سجون الدول المجاورة من العيش حراً في داخل إرتريا ...
والغالبية العظمى من الشعب الارتري يتساؤلون بإندهاش لماذا هذا التناقض العجيب وتلك الفجوة المهولة بين خريطة حباها الله كل هذه النعم وشعب معروف بوعيه وحزمه وكدحه وإرادته الصلبة التي تتحدى المستحيل وتحولها الي واقع ناهيك عن عجزهم في إستغلال خريطة جاهزة حباها الله كل الخيرات ولا تحتاج كبير عناء لإستخراجها وبين واقع بائس غارق في مستنقع آسن وعفن من الفقر المدقع والموت بالجوع والأبئة والامراض؟؟؟ كيف يصل حجم الفقر في بلد مثل إرتريا الي درجة الموت جوعاً ؟؟؟ وبعض النخب والمثقفين يطرحون سؤال أكثر جدية وأقرب واقعية هل الفقر الذي نعيشه في ارتريا هو فقر طبيعي ناشئ بسبب ندرة الموارد الاقتصادية أم هو فقر مصطنع صنعوه لإعدامنا وتصفيتنا ؟؟؟ في إعتقادي كل هاؤلاء الذين تزمجر أدمغتهم آلاف التساؤلات بسبب الحيرة فهم يملكون من الأسباب القوية التي تدعوهم للدهشة والحيرة وأنا مثلهم من أشد المتفاجئيين حيث لم يستوعب عقلي فهم تلك المفارقة المثيرة للإستغراب لكن حينما أدركت كنه وماهية فلسفة الجبهة الشعبية التي تحكم إرتريا خلال عقدين من الزمن وحينما توغلت أكثر وأعمق في أيدولوجيتها العنصرية وممارساتها المشينة التي تترجم بها استراتيجياتها المدمرة وصلت الي يقين أنني أمام نفسيات مصابة بالهوس المزمن وأمام عقليات تعاني الإغتراب العقلي والإضطراب الادراكي وبسبب هوسهم المرضي وغربتهم العقلية واضطرابهم إدراكي أصبحوا عبارة عن أشباح لا تجيد شئ غير قتل الأحلام الجميلة وصناعة الكوابيس المرعبة عن طريق البطش بالأرواح والأجساد وخنقها والتلذذ بتعذيبها تخيلوا معي ماذا يحدث لو وصل مثل هاؤلاء الي صناعة القرار في البلد ؟ بالفعل اذا وقع سيف السلطة بيد هاؤلاء حتماً سيدمرون بها الأوطان ويذبحون بها شعوبهم واذا لم يجدوا ما يذبحون بها سيذبحون بها أنفسهم وهذه السيناريو هي نفس السيناريو التي حصلت في إرتريا حيث وقعت إرتريا بيد رجل يعاني إضطراب نفسي معقد ومركب من (هوس مزمن + إضطراب إدراكي + إغتراب عقلي ) أنا أتساءل بربكم ماذا تنتظرون ممن إجتمعت عليه هذه الصفات المرضية الثلاثة ؟ وتكون المادة التي تطلع بعد خلط هذه الوصفات الثلاثة حتماً ستكون مدمرة للإنسانية ناهيك عن تدمير ارتريا وشعبها فقط بل مدرة للبشرية . لذلك رئسنا إعتقد بسبب مرضه أن العالم كله يتآمر ضد دولته وضد شعبه وأنهم كلهم يستهدفون دولته وأن خطاباته لا تنفك ولا تتواني عن تكرار نظرية المآمرة التي تقودها أمريكا ومخابراتها ومعها مخابرات الغرب كله ضدد بلده بيد اثيوبيا لذلك دخل في صراعات مدمرة وحروب عبثية لا معنى لها ولا فائدة منها الا في دماغه المريض وعزل إرتريا والشعب الإرتري عن العالم الخارجي والجوار الاقليمي معتقداً أنه يحمي بلده لكن في الحقيقة يحبسها ويجمد مصالحها الحيوية من التبادلات المنفعية ويدمر مواردها من الانتجاج والتجدد وفي النهاية حيث حول ارتريا كلها الي سجن كبير لا يمكن العيش .
ولم يقف عند هذا الحد بل أخذ يتهم ويوجه لومه وشكوكه بمسؤولية التدهور الحاصل في البلد الي شعبه المسكين ناسياً أن أفعاله وسياساته وأساليبه هي السبب للأسف لم يدرك هذه الحقيقة بسب إغترابه العقلي وغياب وعيه وعدم إدراكه للأمور كما هي في الواقع حيث سخركل طاقته التدميرية لتدمير بلده وإخضاع شعبه وبدأ يصب جام غضبه ولعناته وعذاباته علي رؤوس الشعب فأخذ يبطش بهذا بتهمة الخيانة العظمى بإعتباره نقل أسرار الدولة وتخابر لصالح القوى الاقليمية والدولية ويبطش بالآخرين بإعتبارهم لم يؤمنوا بالوطن أصلاً وهم خونة من زمان قبل أن يولد الاستقلال وقسم شعبه كما فعل فرعون الي طائفتين:-
الاولى: يقربها ويوزع عليها صكوك الغفران ووسام الوطنية دون غيرهم بإعتبارهم يوافقونه في الذوق والهوى ثم يعطيهم صولجان السلطة وصلاحيات بلاقيود لإخضاع البلاد والعباد بحسب أذواقه المريضة التي لا تتتلائم مع أذواق الأسوياء .
الثانية : وهي غالبية المواطنين الأسوياء الذين لا يتوافقون مع أذواقه وهواه ولهاؤلاء يكيل علي كاهلهم أطنان من الآلآم والشقاء وجبال من البؤس والعذاب ويسلط عليهم كلابُه وزبانيتُه لكي يمارسوا عليهم هواية البطش والتنكيل والنهب والسلب والطرد والإبعاد عن الوطن .
أعود للإجابة علي سؤال المطروح في السطور السابقة هل الفقر في إرتريا طبيعي أم مصطنع؟ وهنا تحضرني مقولة الشهيرة لمارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانية السابقة ( الفقر إختياري وليس إجباري ) وأعود للإجابة علي السؤال المطروح من خلال أساليب وممارسات النظام وأفعاله التي يترجم بها استراتجياته علي الأرض أستطيع أن أقول بكل ثقة أنّ ما يجري في إرتريا تفقير إختياري متعمد من النظام وليس فقر طبيعي ناشئ من ندرة الموارد الاقتصادية وليس مجاعة حقيقية يمكن فهم أسبابها لذلك أذكر لكم ثلاثة نماذج توضح أن ما يجري ليس مجاعة حقيقية وإنما هو تفقير متعمد من قبل نظام الجبهة الشعبية .
النموذج الاول : حينما أطلقت بعض المنظمات الدولية صرخات إنسانية لتدارك خطر الفقر في ارتريا قبل إستحالة إيقافه فهنا غضب السيد سياس افورقي (صانع معجزة المجاعة ) مستهزاً ومتهماً تلك المنظمات الانسانية بالجاسوسية لأمريكا ثم قال ( لا يوجد فقر في ارتريا وأن شعب الارتري في غنى عن المساعدة ) فأغلق الأبواب أمام شعبه المنهك علي الدوام دون إعتبار للذين يموتون جوعاً ودون مبالاة لمعاناتهم الانسانية المعذبة ودون تقديم البديل لإنقاذهم من براثن الموت.
النموذج الثاني : حينما وقع بركان نبرو في جنوب دنكاليا قد فرض النظام علي المنطقة المنكوبة تعتيم إعلامي صارم وأخفى المتضررين والنازحين من العالم الخارجي وفي البداية إلتزم الصمت وأحجب الصورة عن التلفزيون القومي لكن حينما زادت عليه الضغوط قام بتقليل شأن البركان وصوره علي أنه بركان بسيط وخطره محدود رغم هوله ورغم بشاعته ورغم فداحة الخسائر وفي الخطوة الثانية أغلق المنطقة المنكوبة بالكامل ومنع التصوير ورفض المساعدات الانسانية ومنع دخول المنظمات الانسانية وفي نفس الوقت لم يتم تقديم شئ مما يستحقونه سأتكلم في مقال خاص عن معاناتهم لا حقاً.
النموذج الثالث : وبعض المواطنيين يسافرون الي اليمن لكي يجلبوا معهم بعض المواد الغذائية لإسعاف أسرهم وإنقاذهم من براثن الجوع لكن جنرالات النظام يمنعون جلب تلك المواد ويتصدون منهم ويلاحقونهم في البحار والشواطئ والجزر واذا وجدوا شئ في القوارب والفيبرات الآتية من اليمن يصادرونها بالقوة وتبقى الأسر والاهالي والاطفال يموتون جوعاً لان مسؤولي وجنرالات النظام قطعوا الطريق وصادروا المواد الغذائية التي كانت يمكن ان تسعفهم .
هذه النماذج الثلاثة عبارة عن مثال فقط وكلنا يعلم الامثلة لا تعد ولا تحصى لذلك انا اعتبر الفقر والمجاعة التي نراها ونسمعها في ارتريا هي عبارة عن غول أو شبح صنعته الجبهة الشعبية بقيادة قاتل الأحلام وصانع الكوابيس وصاحب معجزة الموت جوعاً في منطقة باب المندب السيد سياس افورقي رئيس ارتريا حيث صنعوه عمداً لإعدام أو تصفية المختلفيين معهم أيدلوجياً وسياسياً ووثقافياً وإجتماعياً معتقدين بسبب غبائهم أنهم بإستطاعتهم تحويل الشعب الارتري الي منحرفييين غير أسياء مثلهم لكي يسيروا في فلك الرئيس المضطرب نفسياً وفلك زبانيته المعتوهين لكي يوافقوا علي سياساتهم الجهنمية وإستراتيجياتهم العنصرية ...
يتبع....
yaqiidi@yahoo.com

http://awna1.com/DISC-v117.htm
http://www.farajat.net/ar/27062
http://www.hafash.org/index.php?option=com_content&view=article&id=2040:2012-11-14&catid=29:arabic&Itemid=328