حواديت حارتنا كباقي حارات فلسطين لن تخرج عن النقاش في الشأن السياسي، وبعد خطاب محمود عباس كان السؤال الأبرز هو: ما الفرق بين مشروع حماس وفتح السياسي…؟ وربما كانت الإجابة لدى الأغلب بأنه لا فرق بين كلا الحركتين مستشهدين بعبارات السيد محمود عباس وخالد مشعل بقبولهما دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967م.
وربما هذا الحديث دفعني لكتابة تلك السطور، فالفرق كبير، فحركة المقاومة الإسلامية حماس وانطلاقاً من رؤيتها المرحلية لحل الصراع فهي تقبل بتحرير أي شبر من فلسطين التاريخية، وبذلك هي تقبل بدولة فلسطينية على حدود العام 1967م دون الاعتراف بإسرائيل، وهذا له دلالات كبيرة، فحماس وانطلاقاً من رؤيتها الإستراتيجية المستندة على الوعد الإلهي، وحركة الكون، فإن زوال إسرائيل هو حتمية قرآنية، وأن مستقبل الإسلام والمسلمين في العالم في تطور وازدياد، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن مستقبل المسلمين في روسيا عام 2050م ربما يكونوا أغلبية سكانية.
وبذلك ترفض حماس الاعتراف في إسرائيل لترك فرصة التحرير الكامل للأجيال القادمة..
ومن حركة الكون وتغير الأشياء راهنت حماس قبل ربيع الثورات العربية بأن تلك الأنظمة الشمولية ستسقط، وفعلاً حل الربيع العربي وبدأت تسقط الأنظمة المستبدة الواحدة تلو الأخرى، وترى حماس بأن النظام العالمي أحادي القطبية لن يدوم إلى الأبد، وسيأتي اليوم وتنهار مكانة الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما تطرق إليه السيد صامويل هنتغتون في مقاله صدام الحضارات بأن الصدام القادم سيكون بين ثلاث حضارات هي الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية والحضارة الكونفوشيوسية "الصينية"، وفعلاً بدأت إرهاصات السقوط للولايات المتحدة الأمريكية فمن أزمتها الاقتصادية، إلى فشل إستراتيجيتها في العراق وأفغانستان، وسقوط حلفائها التقليديين في الشرق الأوسط، ومحاولة الولايات المتحدة من ركوب أمواج الثورات العربية والتي قد تغرق في أمواجها العاتية لأن نبض الشعوب وانتمائها ستعيد البوصلة من جديد لمصالحه القومية ومشروعها الحضاري الإسلامي.
أما حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" وانطلاقاً من هيمنتها على القرار السياسي في منظمة التحرير الفلسطينية فهي تقبل بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967م، وسبق أن أعلنت القيادة الفلسطينية موافقتها على مبدأ تبادل الأراضي مع إسرائيل، وهذا الطرح ينسجم مع ما جاء في خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم 19/5/2011م، مع الاعتراف بإسرائيل، وحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين، بمعنى قبولها بنسبة من الحقوق الوطنية المشروعة ضمن نظرية العدل النسبي التي تحدث بها السيد محمود عباس في خطابه الشهير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
خلاصة القول: فإن الفرق من وجهة نظري بين حركتي فتح وحماس يتلخص في أن حماس ترى في الصراع مع الصهاينة بأنه صراع وجود، بينما حركة فتح ترى بأنه صراع حدود، وبين تلك الرؤيتين مسافات كبيرة…
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)