بقلم عزالدين مراغب 

هناك فرق كبير بين حرية التعبير و الاساءة, بمعنى ان حرية التعبير تعني انك تعبر عن رأيك تجاه جهة معينة او سلوك او كيان مثل دولة او شخصية عامة, مثل رئيس دولة او وزير او سفير او قنصل او سلوك معين في المجتمع ,,

فأما الاساءة تختلف تماما عن حرية التعبير , الاساءة تعني انك تعبر عن رأيك تجاه اشخاص بعينهم ,, وتبذل قصارى جهدك لتشهر شخص بعينه, وتتطرق الى قدراته العقلية والفكرية لكي تبرهن للناس انه متخلف عقليا او فكريا وانه جاهل لايفقه شيئا وتقحم نفسك في حياته الشخصية ,وتتجاهل افكاره و تناقش الانسان بعينه وتذكر اسم فلان وعلان وتقول هذا محرض وهذا جبان وذاك شجاع او تقول عن فلان مطبل ومنافق وجاهل ,, او تتهم كل من لايحمل فكرك بالعمالة او التحريض وتهجم قبائل الناس, وتخاطب الشخص الذي يخالفك كعدوا لك ,, وتنتحل اسم شخصية عامة وتتحدث بأسمه دون وجه حق , او تنتقد كل ما يقع في عينك ليقال عنك فاهم ومثقف , او تمثل دور القاضي في النقاشات, او دور المحامي, و تتطاول على ادارة الصفحة عند اي تجاوز ليقال عنك جريء او تحاول ان تفرض آرائك على الناس بالقوة وإن لم يستجيبوا لأفكارك, تقفز وتتهم المحايدين بالعمالة و الى أخره...

او تقوم بزرع فتن بين القبائل , وتمجد قبيلتك وتسيء الى القبائل الاخرى ,,

اليس هناك فرق كبير بين حرية التعبير والاساءة ؟..

وصراحة ليس هناك رجل عاقل وقوي يحاول ان يثبت نفسه من خلال الاساءة الى الاخرين او النقاش الانفعالي ،, دائما وحدهم الضعفاء ينفعلون ويبحثون عن مكانة بين الرجال عن طريق الاساءة والصراخ وفي الحقيقة

ان الاساءة والصراخ والانفعال في الحوارات وغير الحوارات ,,,

يعتبر اسلوب صبياني ورخيص جدا فليس له مكان في عالم يتطور بوتائر متصاعدة, واصبح وعي الناس اكبر من قبل بكثير

بحيث لاتنطلي عليهم الاساليب الرخيصة في اثبات الذات, المتمثلة في تخويف الناس عن طريق الانفعال والتجريح والصوت العالي جدا ,, مستحيل ان تثبت ذات او تنشر فكر سلمي او ثوري عن طريق الانفعال والتشهير والصراخ وتصيد اخطاء الاخرين بل ستصبح آرائك واجتهاداتك مجرد تسلية عند الناس,

بل ان الذي يريد ان ينشر فكر ثوري او سلمي او ديني, يجب عليه اولا ان ينمي فكره وعقله من خلال تعلم اساليب الحوار الفعال والقدرة على اقناع الاخرين بكل هدوء وعقلانية وبالمنطق والارقام والاحصائيات , وعليه ايضا ان يتعلم كيف يتحاور مع الناس بكل ادب واحترام ,,

زمن نشر الفكر و اثبات الذات عن طريق الانفعال والغضب الغير مبرر واستخدام ألمفردات الغير مسؤولة انتهى ,

لم تعد تلك الاساليب البدائية تجدي نفعا ، نحن الآن في الالفية الثالثة اي نحن في عصر ثورة العلم والفكر والمنطق واصبح المعيار الحقيقي لقوة الرجل يكمن في عقله وفكره وقدرته على التحليل المنطقي , وقدرته على اقناع الاخرين , والتفكير العميق الذي يحرره من الانفعالات والغضب الزائد عن حده ,,

الله سبحانه وتعالى اعطانا قدرات عظيمة متمثلة في طاقات جسدية محدودة ولكنها متجددة بشكل يومي وقدارت عقلية هائلة اكبر مما نتصورها بكثير , ولكن نقطة ضعفنا تكمن في الانفعالات والغضب الزائد عن حده وسوء التقييم اي نعطي الامور الصغيرة اكبر من حجمها من حيث لانشعر وذلك يرجع لسوء التقييم والتفكير السطحي ,,, نحن عندما لانسخدم عقولنا كما يجب ، ولا نفكر بعمق عند إذن سوف نكون ضحية لسوء التقييم وبالتالي نعطي مشاكلنا الصغيرة اكبر من حجمها, وننسى الامور المهمة او المشاكل الكبيرة ونزج بأنفسنا في غياهب جدالات عقيمة لاتجدي نفعا.