إن من أسباب تخلف أمتنا الإسلامية في العصر الحديث هو إتباع المسلمين لاجتهادات آبائنا الأقدمين و تـأليههم و اتخاذهم أربابا من دون الله... وهو ما حذر منه القرآن مرارا و تكرارا : و إذا قيل اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ../ وهو نفس الخطأ الذي وقع فيه اليهود و النصارى من قبلنا ؟ فقد : اتخذ اليهود و النصارى أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله و المسيح ابن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلاها واحدا لا إلاه إلا هو سبحانه و تعالى عما يشركون .../
إن فكرة الخلافة بالطريقة التي يدعو إليها حزب التحرير و غيره من الحركات الإسلامية ... هي فكرة ارتآها المسلمون القدامى لتطبيق شرع الله في عصرهم – في أحسن الحالات - لا أظن عاقلا يتبناها في العصر الحديث ... و أكبر دليل على ذلك أن حزب التحرير يناضل منذ خمسينات القرن الماضي من أجل "الخلافة" لكنه فشل تماما في إقناع المسلمين بفكرته التي تعود إلى 14 قرن ماضية ... بل ساهم بقسطه في تكلس فكر المسلمين و تخلفهم الحضاري، دون فائدة تذكر ...؟
ما أريد قوله أن قوانين الله و شرعه في القرآن هي التي يجب أن يحافظ المسلمون على الخضوع و الالتزام بها ... لأنها قوانين الفطرة التي فطر الله الناس عليها منذ خلقهم .. أي أن قوانين الله قوانين سرمدية / أزلية صالحة لكل زمان و مكان و لذلك هي معجزة عن الإتيان بمثلها من قبل جميع خلق الله من الجن و الإنس و الملائكة .. لذلك قد أخبرنا الله أنه عز وجل قد : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا و الذي أوحينا إليك و ما وصينا به إبراهيم موسى و عيسى أن أقيموا الدين و لا تتفرقوا فيه ... سورة الشورى الآية 13 .
أما الشكل الذي يتخذه المسلمون في عصرهم لتجسيد شرع الله و أحكامه في مختلف ميادين الحياة و تحقيق العدالة و الأخوة الإنسانية ... فيخضع للتطور و التنقيح و الإجتهاد .. بحسب ما يراه المسلمون صالحا لهم في زمنهم و مكانهم ... ؟
إن الفرق بيني و بين كل الحركات و الأحزاب الإسلامية و القومية ... أنها تنظر إلى مشكلات العصر الحديث من خلال أقوال الرسول صلى الله عليه و سلم و من خلال أقوال المدارس الفقهية المختلفة سواء كانت حديثة أو قديمة عوضا عن الإنطلاق من آيات الله مباشرة لبحث هذه المشكلات المعاصرة ...؟ مما يحول بينها و بين رؤية الحقيقة .. و هذه العملية الخاطئة في التفكير حولت جميع المفكرين الإسلاميين و حركاتهم السياسية إلى اللعب خارج أطرهم الزمانية و المكانية .. بل صاروا دراويش العصر الحديث ... ؟؟.. إن هذا السلوك الخاطئ في التفكير وهو اعتماد مقولات بشرية نسبية قديمة أو حديثة لرؤية الواقع المعيش للبشر من شأنه أن يصنع حواجز و معوقات معرفية تمنع الإنسان عن تبين الحق و بالتالي تحوله إلى مشرك بالله دون أن يدري ... و بالتالي فالشرك بالله هو تلك الحواجز التي يحيط بها الإنسان نفسه كموروث الآباء و عاداتهم و تقاليدهم واجتهاداتهم في أزمانهم و غيرها و يصبح ذلك الموروث - و هنا كل التراث الإسلامي .. ما عدا القرآن - حاجزا أمام بصيرة الإنسان لتبين الحق و العيش به و الإستمساك به ... و يكفي أن تلقي نظرة على بلاد – العراق – أخي المسلم لترى أن الذي يحكم سلوكيات المسلمين هناك ليس شريعة الله بل فتاوي رجال الدين عندهم ؟ و بالتالي فالعراقيون و المسلمون عموما قد فرطوا منذ زمن بعيد في آيات الله التي يحفظونها عن ظهر قلب و لكنهم لا يلتزمون و لو بمضمون آية واحدة – كالحمار يحمل أسفاره ؟ ... فكم قتلت القاعدة من أناس أبرياء بدعوى الجهاد في سبيل الله ... مع أن الله قد حرم قتل نفس واحدة و اعتبار قتل نفس بغير نفس كقتل الناس جميعا ...- راجع مقال : الإسلام يكره الإرهاب و يجرم الإرهابيين ..في مدونتي – و الحاصل أن المسلمين قد صاروا يتخذون من أئمتهم " أربابا من دون الله يتبعون فتاويهم دون التقيد بشرع الله المبين .؟
التعليقات (0)