مواضيع اليوم

الفرح الدامي .. !

عوني عارف ظاهر

2011-07-27 12:45:07

0

قصّة ..

الفرح الدامي .. !
بقلم : عمر غوراني


إهداء : إلى روحها الطهور ، التي كان فرحها يوم حزنها ..

كان البيت يدور ويمور ، من فوق ومن تحت ؛ النور والبلور ، والشراب والكؤوس ، وفوح الطيوب .والصبايا والنسوة مبتهجات ، باسمات وضاحكات في أعالي البيت ، ممتلئ بهنّ المكان ، من غير ضيق ولا ازدحام ؛ لقد أُعـِدّ لهذه الليلة بحرص بالغ ..وكلهنّ قد أخذت زينتها .

 

الصبايا يرقصن في تناغم بديع مع ألحان بديعة ساحرة قد تعالت في الأفق .. و هي بينهنّ جميعا ً ، كأنها االعروس ليلة زفافها .. تتلقى قبلات التهنئة من كل صاعدة ،تضمها بكل حبّ .. ودّ صادق ، أضفى على الحفل بهجة مضاعفة .. إنها فتاة ودود ، قريبة إلى كل نفس .. حبيبة كل فتيات البلدة ونسوتها ؛ أترابها ومن هنّ أسنّ ومن دونها سناّ .. إلا ّ واحدة !

وفي أسافل البيت كما في أعاليه من فرح و ابتهاج ؛ شباب و فتيه من القربى و الأصحاب ، جلس الكبار على كراسيهم يصفقون مع الألحان و الأنغام ، و الصغار تحلّقوا في دائرة وسيعة يرقصون و يدبكون .. ما كان لهم أن يتخلفوا عن الدعوة ؛ إن للداعي مكانة في أفئدتهم ، و هم يعلمون ما لأخته من مودة في قلبه ..
الأنوار الخاصة بالأفراح من كل لون تتلألأ .. و نجومها و أقمارها من صنوف شتى كذلك . و في الحفل من كل ما يبهج الحواس ..
حبّ أستثنائي ، ذلك الحبّ الذي في قلبه لأخته ، لم ينقص منه ولد ولا بنت هما ولداه . و قد كانت تـُراهـِن زوجه على ذلك معزية نفسها من غيرة جبلت عليها ..
قالت بدلال الأخت الحبيبة ، و هي ترى ما يبالغ به من إعداد لنجاحها : هذا للـ ( الثانوية العامة ) فما عساك تصنع يوم تخرجي من الجامعة ..؟
و حين لم يجد التعبير اللائق ، التزم الصمت متنهدا ً ..
قالت زوجه لتخفي ما بها و ملمحة في آن : و فرحك بزواجها ..؟
فرد على الفور : و من قال إنّي سأفرح بزواجها ..!
الأنوار و الألحان و الطيوب و الكؤوس و الحلوى ، و كل شئ في المكان يدور في تناغم و اتّساق ، يصنع حبورا و بهجة اسثنائيين .. لا يشذّ ّ عن هذا الاتـّساق و التناغم إلا أصوات مدوّية تصم الآذان من ألعاب نارية تنثر في السماء الوان نجومها ..
قال في نفسه : ليتني أراها الآن و أرى مقدار بهجتها و هي بين أترابها مسرورة .. ليتني أراها وسط النسوة فرحة ..
و هم ّ أن يفعل و يصعد ليراها .. لكنّ الحياء صده . أما هي فكان بها ما به من شوق ، فأطلت في نظرة لامحة من الشرفة لترى أخاها و ما يصنع ، فرأت فرحا غامرا ً في صحن الدار مثلما في أعلاها ، فامتلأت نفسها غبطة و حبورا ، ثم ارتدت مبتهجة إلى مدعواتها ..
قال في نفسه ، و يده تمتد إلى خاصرته يستل مسدسه ، و كأنه لم يكتف بدوي ّ ألعاب النار : إنها أختي . . فهل أدّخر في يوم فرحتها شيئا ً ..؟
أما هي فقد عاودها الشوق ، فأحبت أن تخطف نظرة إلى أخيها لترى مبلغ سروره ..
لقد بلغ سروره منتهاه .. حين استل مسدسه و صوبه إلى الأعلى ، معلنا ً رصاصـُه ذروة ابتهاجه ..
تـُرى، ما بال النسوة في أعلى البيت ..؟
نوح باك ٍ أم ترنم شادي ..؟ ! هل جُنن ّ حتى يضج البيت بالعويل ..؟ أتراهن سئمن الألحان و الغناء فاصطنعن النوح و البكاء ..؟
لقد أطفئت الأنوار.. و أظلم المكان ، و خرست الألحان ، و صمت كل شيء.. إلاّ بكاءٌ و عويلٌ .. على مَن لأجلها كان الحفل والفرح والسرور ..!

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات