مواضيع اليوم

الفرح الحقيقي ... في طاعة الله

ياسر العزاوي

2009-09-29 12:11:24

0

جاء في معاجم اللغة ان العيد هو: كل يوم فيه جمع واشتقاقه من عاد يعود كأنهم عادوا إليه وقيل : اشتقاقه من العادة لأنهم اعتادوه.
وبهذا اقترنت فكرة العيد بحالات الفرح اكثر من اقترانها بحالات الحزن وذلك لميول الانسان الفطرية نحو الفرح ، فمنذ وجوده على الارض اتخذ محطات زمنية للتعبير عن هذه الحالة وبشتى الوسائل والطرق ، وربما لم يكن ليدرك ماهي الاثار المترتبة على هذه المحطات والتي باتت رتيبة ومكررة في اوقات محددة ، ولكنها كلما جاءت حملت معها بهجة وفرحة اكبر من ذي قبل بل وفكرة اكثر تطورا للتعبير عنها ، لذا جاءت احدى الوسائل المبتكرة ولاجل ديمومة هذه المناسبات هي تقديم الهدايا او التهادي فيما بين الناس وقد اصبحت من السنن الحسنة التي يقوممن بها وبشكل لم يسبق له اي تخطيط لان حجم حالة الفرح لايحددها تخطيط مسبق كونها تخضع في واقع الامر الى اعتبارات وجدانية خارجة عن حدود الموازنات المادية ، ولهذا اقرت الديانات المختلفة بعض هذه المناسبات واعتبرتها احدى وسائل الجذب وعومل التشويق في الدعوة لها كما اعتبرتها احدى محطات الاستراحة ولكن وفق المعايير الالهية والتي تهدف للارتقاء بالانسان الى ماهو افضل ، وعلى رأس هذه الديانات ديننا الاسلامي الحنيف ، فقد اكدت شريعتنا السمحاء على ثقافة التحابب والتوادد اضافة الى التهادي لما لها من اثر بناء في انشاء مجتمع متماسك متآزر يشد بعضه بعضا وقد قال النبي الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم) في هذا الباب (تهادوا تحابوا) ، وفي نفس الوقت يريد ان يؤكد ان الارتباط فيما بين الناس يجب ان يكون ارتباطا معنويا وضمن اطر الارتقاء بالانسان الى الكمالات المرسومة له وفق النظرية الالهية ، فتقديم الهدية صغيرة كانت ام كبيرة ، رخيصة ام ثمينة كل حسب شأنه انما هي في حقيقتها ترويض للنفس البشرية على الزهد بما في ايدينا كونه زائل لامحالة ولكن ليس دون مقابل وانما سيكون المقابل هو النعيم الاخروي الدائم وفوق هذا وذاك رضا المنعم الخالق سبحانه وتعالى.
ومن هذا المنطلق جاءت فكرة زكاة الفطرة لترسخ مبدأ انسانيا فريدا في نوعه الاوهو مبدأ التكافل الاجتماعي وهو واضح من كيفية صرف اموال الزكاة اذ نرى ان الشرائح التي تشملها موارد الصرف غالبا ما تكون من طبقة الفقراء والمساكين وابناء السبيل وغيرهم مما هو مبسوط شرحه في الرسائل العملية لفقهاء المسلمين ، اذ يفترض ان تقوم المؤسسة الدينية بتوزيعها بشكل يضمن معه الحفاظ على كرامة هؤلاء في مثل هذه الايام على الاقل ، كما ان الشريعة لم تغفل الجانب التربوي للمجتمع ، فهي بقدر ماتكون قريبة ومنسجمة مع البناء السليم له بتبنيها لهكذا مشاريع ، فهي تبتعد بنفس المقدار عن عوامل تفكيكه وتدميره فتعزلها وتستثنيها من العطاء كـشارب الخمر او تارك الصلاة او المتجاهر بالفسق ، كما وتستثني ايضا من ينكر اهم دعامة من دعائم المجتمع المسلم الا وهو الحاكم او الامام المنصوص عليه في القرآن والسنة وهو ما يعبر عنهم بـ( النواصب) . وفرحة العيد عادة تكون بحجم ما قدم له من الطاعات والعبادات خلال مدة شهر رمضان المبارك فمنهم من يجد الفرحة في انقضاء المدة المقررة لقانون الانقطاع عن الاكل والشرب وهو ما يمكن وصفه بـ (سجن الطاعة الاجباري) وهؤلاء يمثل لهم العيد ورقة الافراج من هذا السجن والعودة الى ما كانوا عليه من عادات ، وهي فرحة اغلب الناس حيث يصدق عليهم الحديث الشريف (كم من صائم ليس له من صيامه الا الجوع) . ومنهم من يجد الفرحة في كل يوم من ايام شهر رمضان وان فرحة العيد تكون متممة لافراح ثلاثين يوما مضت لانه كان يجد حلاوة الطاعة والانقطاع لله سبحانه وتعالى في كل يوم من تلك الايام وهذا مصداق قول امير المؤمنين (عليه السلام) : (كل يوم لايعصى الله فيه فهو يوم عيد) اذن اصل الفرحة للمؤمن هي في عدم العصيان والطاعة والامتثال بشكل مستمر لامر الله عز وجل وهو تقرب للمحبوب وفي الوقت ذاته تعبير عن الانتصار على الذات والنفس الامارة بالسوء فالعيد لدى هؤلاء هو يوم الفوز بالجوائز النفيسة والمعدة من قبل الباري تعالى وهو مايصفه الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم) بيوم الجوائز فيقول للمؤمنين : (اغدوا الى جوائزكم) ومؤكد ان الجوائز التي يخبر عنها الرسول هي غير جوائز البشر فهي من النوع الذي لاتفنى ولاتبلى بل تتجدد كلما تقادم عليها الزمن في بحبوحة الرضا الالهي وجنة الخلد التي اعدت للمتقين . اما الاثر الاجتماعي لهذا التجمع الالهي فهو مايزيد في وثاقة العلاقات والاواصر بين ابناء المجتمع المسلم وهو عامل مهم من عوامل ازالة الحواجز النفسية المترتبة والمتراكمة بسبب بعض الخصومات الحاصلة بين العوائل ، ففي التصافح والسلام وتبادل التهاني والتبريكات فيما بين المؤمنين تتساقط الذنوب ومن ثم الضغائن والحساسيات التي تراكمت طيلة عام كامل فهو يوم يكون فيه الانسان اكثر انشراحا وانفتاحا على الاخرين ، لذا نرى الناس في ايام الاعياد يكونون اكثر انسجاما واكثر حبا للاجتماع وهذا بحد ذاته احد عوامل وحدة المسلمين وظهورهم كأمة واحدة منسجمة ومتحابة لايفرقها شيء وهي باجتماعها هذا ستكون اهلا لنزول الرحمة الالهية والتي بلا شك ستملء قلوب الذين امنوا بالمودة والمحبة وستزيل كل الاحقاد والضغائن من القلوب وسيكونون ممن عنتهم الاية الكريمة : (ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ربنا ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا) فأذا كنا كذلك فسيكون حقا عيدنا سعيدا وسيفيض على ما بعده من الايام سعادة اكبر ووئام اجمل.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !