مواضيع اليوم

الفراق

الفراق

الأمس , الذكرى السنوية الاولى لرحيل زوج ابنة اخى - أخى المتوفى ايضا - طبيب شاب , يافع , فارع الطول , نضر , موفور الصحة , بارع فى عمله .
رغم صغر سنة فقد كان جراح ماهر تتلمذ على يد والده الجراح الشهير .
فى احدى  العمليات الجراحية الصغرى . واثناء خياطه جرح لدى مريضه تخترق الأبرة الملوثة يده فتنقل له فيروس كبدى , يهاجمه بضراوة , يمرض لفترة قصيرة , ثم يرحل عن عالمنا . رغم قصر الفترة الزمنية التى صاهرنا خلالها ,
كم أفتقده , لأدبه الجم ووسامته وحسن معاشرته ولينه وذوقه ورقته , والتزامه الدينى والأخلاقى , وطموحه ونبوغه العلمى , ولكنها ارادة الله , وانا لله وانا اليه راجعون .

اليوم الذكرى الثالثة لرحيل زوج أختى , كان صديقى , رفضته حينما تقدم لخطبة أختى , وحجتى , اننا أصدقاء ويجب ان تبقى صداقتنا هى رابطنا الأوحد , فلسنا بحاجة الى مزيد من الروابط .
لديه اصرار وعناد ومثابرة , ظل يحاول ويحاول مع والدى ووالدتى – رحمهما الله – حتى ظفر بها وكان له ما أراد وله منها ابناء هم الآن فى الجامعة .
كنت أذهب الى منزله بدافعين , زيارة اختى وأولادها , وزيارة صديقى .
كنا نلتقى بصفة دائمة وبشكل شبه يومى .
اذا لم نتقابل ليومين او ثلاثة , كان يقرعنى بأن اختى واولادها ملزمين منى فى حال حدوث مكروه .
لم يكن به أى مرض حتى يكثر من مثل هذا القول , ولكنه جرى على لسانه دوما فكأنه يعرف طالعه .
أيضا أحد فيروسات الكبد يدهمه , يمرض حوالى الشهر , ويرحل عن عالمنا – وهو وحيد والديه – مخلفا لوعة وأسى لكل من حوله ويترك لى ذكريات صداقة عمرى وخفة دمه وكلماته التى ترن فى اذنى ( اختك وأولادها ملزمين منك ) .

بعد أسبوع , تحل ذكرى رحيل صديقى – الأكبر منى سنا – الذكرى السنوية الأولى , فكأن شهر يونيو هو شهر الحصاد .
أو شهر نضج الثمار وسقوطها , أو شهر تبديل أوراق الشجر لم يمرض , ولكنه رحل فجأة .
بطبيعتى المواقف الانسانية تبكينى , للدرجة التى معها أبكى وأنا أشاهد الأفلام وأدارى نفسى امام أولادى ,
يوم رحيل صديقى , الصدمة عقدت لسانى وجففت منابع الدموع فى عينى .
لم ابك , وان كنت مازلت حزينا عليه , أسهر الليلى سارحا فى اجترار الذكريات .
فى فترة من الفترات وصلنا لدرجة من المعايشة اننا لم نعد نترك بعضنا وذلك على حساب وقتنا لدى اسرتينا .
أثار هذا حفيظة أسرته وبعض أقاربه , وحقد بعض الأصدقاء والمعارف .
ظنا منهم ان هذا الوقت معى يعيقه عن آداء عمله – وهو رجل الأعمال الناجح – فبدأت محاولات الايقاع بيننا .
كان يحكى لى كل ما يقال له بهذا الخصوص حتى من أقرب المقربين له .
أحسست ان قربى الشديد منه على وشك ان يؤثر فى استقرار اسرته , بدأت فى الابتعاد التدريجى – انسحاب منظم – طبقا لخطة وضعتها سلفا .
خلال عام كنا قد تباعدنا تماما .
رغم هذا , مازال فى قلبى , وأحفظ سره وما أئتمننى عليه .
وأحكى بفخر ان فلان كان صديقى , وأترحم عليه فى سرى وفى جهرى , وأدعو له بالمغفرة فى صلاتى .
رحم الله الدكتور محمد ايمن المغربل .
رحم الله المحاسب عادل محمد عبد الرازق .
رحم الله المهندس محمود عبد الفتاح .
رحم الله جميع امواتنا , آمين .

فقدت أبى وأمى وبعض أخوتى وأقارب وأصدقاء لى ,
ولكنى لم أقدر على نعى أو رثاء أى منهم ,
حاولت من قبل أن أنعى بعض من فقدت من أصدقائى ولم يطاوعنى قلمى – الا ما ندر - .
اليوم ,
قلمى مستكينا مثلى , حزينا مثلى , طاوعنى كى أجتر الذكريات .
وهو ما يثير استغرابى لقلم عنيد يطاوعنى فقط عند ( الفراق ) .
Eg_eisa@yahoo.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !