علي جبار عطية
الأربعاء 19-12-2012
يحار المرء حين يصل الى سن الشيخوخة في تعامله مع الاخرين فلن تجد شخصاً تحدثه بهذا الامر لايشكو من غربة حقيقية وهي غربة شخصية لاغربة مكان وزمان فحسب .
ومن ابرز مظاهر الغربة ان الشخص يحتاج حين يتكلم الى شرح مسهب وتفصيل ممل لبعض الاحداث والذكريات مع انه كان معتاداً على ذكر الرواية من دون شرح لانه كان يحكيها في مجتمع شبه متجانس من حيث الفئة العمرية !
على سبيل المثال لو تكلمت مع شخص ولد في التسعينيات واردت ان تورد حكاية من الستينيات فلابد ان تتوقف مع تفاصيل تلك الحكاية وشخصياتها والظروف المحيطة بها ولو اردت ان تتحدث عن الخدمة العسكرية والنعمة التي يعيشها الجيل الحالي الذي لاتنتظره الحرب ولايراجع دائرة التجنيد فيصعب عليك ان تجعل المستمع يتفاعل معك كما كنت لاتتفاعل مع من يحدثك عن الاقطاع والحصة التموينية سنوات الحرب العالمية الثانية !
حتى في المجال الرياضي لايمكن ايصال صورة نابضة بالحياة لشخص مثل كاتب السطور كان يتابع مباراة فريقه الوطني بكرة القدم بالمذياع ويتعايش مع تفاصيل المباراة اولاً بأول في حين يتخير حاليا المتابع الكروي ليس القناة الواضحة وانما القناة الصوتية الملائمة لذوقه !
في مرحلة عمرية سابقة كنت اعجب لبعض المتحدثين الشيوخ حين يستغرق في التفاصيل واظن ذلك من علامات الكبر والشيخوخة ولكن حين تصل الى هذا العمر او مايقاربه تعتذر من ظنونك لانك ترى في المستمع اسئلة حيرى تحاول ان تجيب عنها بالحواشي !
يحاول بعضهم ردم هذه الفجوة بمواكبته لتقنيات هذا العصر وتفهمه للاجيال الجديدة وهذا امر جيد ويشعر بالحيوية والتفاعل مع الحياة لكن ليس كل شخص يقدر على ذلك ومن هنا نعرف سر نوبات الاكتئاب التي يعانيها بعض كبار السن الذين تتسع في حياتهم مساحة الفجوة بينهم وبين غيرهم بل تصل الى درجة القطيعة وهذا اغلاق مبكر لنافذة الامل ولحديث الشيخوخة شجون !
التعليقات (0)