خطوة في الاتجاه الصحيح كانت هي الاسراع باحالة المتهمين باعمال العنف الطائفي في مدينة امبابة المصرية إلى المحكمة العسكرية العليا..وكذلك كانت التصريحات التي اعلنها المستشار عبدالعزيز الجندي وزير العدل المصري بتصميم مجلس الوزراء على التنفيذ الحازم لمواد القانون على كل من يعبث في أمن الوطن..والتصدي بكل حزم وقوة لكافة محاولات المساس بدور العبادة وتوقيع أقصى العقوبات على كل من يثبت اشتراكه في هذه الجريمة..
وقد يكون من الصواب هو الاتجاه الى الفصل بين الاختلافات الفكرية والجرائم الجنائية في هذه الحالة بالذات من خلال تفعيل الفقرات القانونية التي تعالج مثل هذه التفلتات مترفعة عن اللجوء للاجراءات الاستثنائية أو قانون الطورائ..لتفريغ تلك الممارسات المدانة من اي ابعاد او انعكاسات ايديولوجية ووضعها في مكانها الصحيح كاعمال ارهابية جنائية تهدف الى التثوير المرتبط بنشر ادعاءات ملتبسة ما بين الالتزام الديني والتقاليد الشعبية من خلال استدعاء الحساسية الشعبية المفرطة من نداء المرأة الاسيرة المستباحة الساكنة في ضمير ووجدان وذاكرة الشعب والتي تتكأ على تراث طويل من المحكيات يمتد من استغاثات المرأة المسلمة في عمورية ولن ينتهي بالفتاة المزعومة التي تستصرخ رجال وشيوخ الامة الاسلامية لتخليصها من اسر الكنيسة المتطيرة من اعتناقها للاسلام..
ادعاءات يثير الكثير من الشك توقيتها وتزامنها مع ظهور السيدة كاميليا شحاتة على شاشة احدى القنوات الفضائية للتأكيد على تمسكها بانتمائها الديني ونفي الشائعات التي أطلقها السلفيون بشأن إسلامها واختطافها وسجنها بأحد أديرة الكنيسة.كما يثير الريبة صدورها من التيارات السلفية التي تواطأت مع نظام مبارك قبل الثورة محرمين التظاهر والاحتجاج بحجة عدم حلية الخروج على الحاكم.. وليعودوا لضرب هيبة الدولة وحكم القانون من خلال دفع اتباعها على تطبيق شريعتهم الغابية على انها حدود الله..
ورغم تأكيدنا على الجانب الارهابي الجنائي في الموضوع..فليس من الحكمة تجاهل ان هذا الحادث لم يكن نتاج رد فعل عفوي بقدر كونه جزء من حلقة من مسلسل لم يكن اوله أحداث كنسية أطفيح.. مروراً بقنا..وغير مرشح للانتهاء بامبابة ما دامت الحكومة المصرية ماضية في تكريس سياستها الخاطئة في تبويس اللحى وفض المنازعات عن طريق اللقاءات المداهنة المرائية المنتحلة الخطاب الوسطي التصالحي بين رجال دين من الطرفين..
ان مثل هذه السياسات المتراخية تمهد الطريق امام القوى السلفية المتطرفة التي لا تعترف بمرجعية الدولة والقانون وحاكميتهما على الوطن لتخليق الظروف والمعطيات التي تؤدي الى تكوين قوة دينية موازية ومتقاطعة مع القوى النظامية تستأثر بمناطق معينة تمارس فيها فكرها الاقصائي الطائفي العنصري -غير المؤمن باي حق للمختلف عقائديا - المتعارض مع مفهوم المواطنة الحرة المتساوية..
ونرجو ان لا يعد هذا تدخلا في الشأن الداخلي المصري ان قلنا ان الحل الوحيد لمواجهة القوى المعادية لمتبنيات الثورة المصرية المباركة هو في اعلاء مبدأ تجريم الممارسات التي تخلط الدين بالسياسة ومجابهة القائمين عليها بالمحاسبة والادانة وبقوة القانون..
لقد تكبد العراقيون..نتيجة لنفس الشعارات التي تتعلق باحتجاز سيدات متأسلمات في الكنائس القبطية..ولنفس حادثة السيدة كاميليا التي فضحت كذب ورياء وتلفيق السلفيين.. اكثر من خمسين شهيدا من خيرة شباب اهلنا المسيحيين في الاعتداء الذي طال كنيسة سيدة النجاة في بغداد قبل اشهر قليلة..وهذا ما يجعلنا نتحسس المشاعر الاليمة التي تعتصر لها قلوب الاخوة الاقباط في الجيزة ويتردد صداها في نبض ووجدان المواطن العراقي الصابر الجريح..ولنفس السبب نشد على ايدي الحكومة المصرية ونبارك اجراءاتها المعلنة في التطبيق الحازم لقانون الارهاب وقانون البلطجة وتنفيذهما بصرامة وقوة بالاضافة الى الضرب بيد من حديد على مثيري الفوضى والاضطراب..فالفتنة تراقب الامر بنصف عين مغمضة..فان لم تعد الى النوم صاغرة مجبرة..يجب ان تفقأ الشعوب لها -بتوحدها وصمودها- كلتا عينيها لتضل وتعمى عن امال وتطلعات ومستقبل الاوطان الحرة واهدافها في العدالة والمساواة والتنمية والسلام..
التعليقات (0)