مواضيع اليوم

الفتنة الكبرى : أول الفرقة وعموم الفوضى

Sami Kazour

2016-02-06 15:18:38

0

لما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه بقيت المدينة خمسة أيام وأميرها الغافقي بن حرب قاتل عثمان ، وحاروا فيمن يخلف عثمان على الناس ، فطافوا على رؤوس الصحابة علي والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر فرفضوا جميعا ، وذلك لأن الدعوة إنما هي من قتلة عثمان ، ولما ألحوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه قبل فبايعه طلحة والزبير وبايعه الناس جميعا إلا طائفة من الأنصار وبعض الصحابة 

ولما استقر أمر البيعة لعلي دخل عليه رؤوس الصحابة رضي الله عنهم فطلبوا منه إقامة الحدود والأخذ بدم الخليفة المقتول ، فاعتذر علي رضي الله عنه بأن لهؤلاء مدد وأعوان ، وأن الأمر سيزداد سوءا وأنه لا يمكنه ذلك في الوقت الحالي ، فقد كان يتربص بهم الدوائر ليتمكن منهم فيأخذهم بما كسبت أيديهم ، ولا بد لك أن تعلم أن هؤلاء كانوا يشكلون قوة كبيرة في المدينة ، ويكفي أن تعلم أن قاتل عثمان قد أمسى بعيد مقتله أميرا لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد استحوذوا على علي رضي الله عنه وحجبوا عنه علية الصحابة 

وكان النعمان بن بشير بعيد قتل عثمان خرج إلى معاوية بقميص عثمان مضرجا بدم عثمان ، فوضعه معاوية على المنبر وندب الناس للأخذ بثأر عثمان ، وتباكى الناس حوله سنة كاملة واعتزلوا النساء ، وكانت هذه التصرفات الرعناء سببا في عموم الفوضى في مصر والكوفة وغيرها متذرعين بنفس ما تذرع به معاوية

وفي خضم هذه الفوضى جعل علي رضوان الله عليه يستشير الناس فيما يفعل ، وخير من نصحه ابن عباس رضي الله عنهما حيث أشار عليه أن يقر على الأمصار عمال عثمان ريثما تستتب له الأمور ، وخصوصا أن يقر معاوية على الشام لأن معاوية كان على الشام أيام عمر وعثمان وقد تمكن منها تمكن الخليفة ، ولكن عليا رفض ذلك وولى عليها ابن عباس فرفض خوفا أن يقتله معاوية

ثم ولى علي على الشام سهل بن حنيف فلما وصل تبوك تلقته خيل معاوية فردوه فرجع إلى علي ، وكان هذا أول الفرقة في أمر الأمة ودينها ، وقد كان سيدنا معاوية رضي الله ععنه سببا في هذا الافتراق وتصديع جسد الأمة ، فلم تعهد الأمة من قبله معصية العمال لأمر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان معاوية أول من فعل ذلك

بعث علي لمعاوية كتب كثيرة فلم يرد عليه جوابا ، وأبى معاوية رضي الله عنه إلا الفتنة وتذرع بدم عثمان وطالب عليا بإقامة الحدود ، وقد أخطأ الاجتهاد منطلقا من أنه متمكن من الشام وبيده قوة ليست لعلي تمكنه من توطيد أمر الدولة والقصاص لدم عثمان ، في حين أن عليا لم يكن متمكنا من أمر الخلافة وحوله قتلة عثمان يحجبونه عن علية الصحابة

ولكن قد كانت لسيدنا علي نظرة أخرى فقد أصبح خليفة وأميرا للمؤمنين ، وله على الناس جميعهم تقيهم وفاسقهم حق الطاعة والامتثال للأوامر ، وإنما هذا الحق أحقه إياه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان علي يرجو أن يتقوى بأهل الأمصار في الشام ومصر والكوفة على قتلة عثمان وأهل الفتنة الأولى في المدينة

ولما يأس سيدنا علي رضي الله من هؤلاء عزم على قتال أهل الشام ، وعلم أنهم إنما يريدون الفرقة وتصديع بنيان الأمة ، وكتب إلى عماله على مصر والكوفة يستنفروا الناس لقتال معاوية ، وخطب بالناس يحثهم وهو عازم أن يقاتل من يعصيه بمن يطيعه ، حتى يكتب الله توحيد أمر الأمة من جديد

وقد جاء إليه الحسن بن علي رضي الله عنهما فنصحه أن يترك هذا الأمر لما فيه من سفك لدماء المسلمين ووقوع الاختلاف بينهم ، فلم يقبل منه ولم يقبل قبله من ابن عباس أن يسايس الناس فيظهر لهم غير ما يبطن ، وقد صار أمير للناس ومسؤول أمام الله عن رعيته ، فصمم رضي الله عنه على قتال معاوية في الشام ورتب الجيش ودفع اللواء لابنه محمد بن الحنفية رضي الله عنه ، واستخلف على المدينة قثم بن العباس رضي الله عنهما ، ولكن حصل ما شغله عن ذلك كما سنذكر في المقالة القادمة إن شاء الله تعالى 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !