لما سارت بعوث المسلمين من الشام والعراق لنصرة أمير المؤمنين ، وصل خبرهم أهل الفتنة فجدوا في حصار دار عثمان رضي الله عنه ، واقتتلوا عند بابه اقتتالا عظيما حتى قتلوا بعض أصحاب عثمان ، وجرح بعض أبناء الصحابة كعبد الله بن الزبير والحسن بن علي رضي الله عنهم جميعا
لما رأى سيدنا عثمان ذلك وكان قبله رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عزم عليهم أن يغمدوا السيف وأصر عليهم أن ينصرفوا لبيوتهم فانصرفوا ، ولم يبقى عنده إلا أهل بيته وغلمانه
وكان أول من دخل عليه رجل يقال له الموت الأسود فخنق عثمان حتى ظنه مات ، ثم دخل عليه محمد بن أبي بكر الصديق فأخذ بلحية عثمان وشحطه حتى باب البيت ، وعثمان يقول له : "مهلا يا ابن أخي ، فوالله لقد أخذت مأخذا ما كان أبوك ليأخذ به" فاستفاق ابن الصديق رضي الله عن الصديق فانصرف مستحييا نادما
ثم دخل الغافقي بن حرب فضرب عثمان بحديدة في يده ورفس المصحف الذي بين يديه وقد سالت دماء عثمان عليه ، ثم دخل سودان بن حمران ولما منعته زوج عثمان نائلة رضي الله عنها ضربها بالسيف فقطع يدها وضرب عثمان فقتله ، ثم وثب عليه الملعون عمرو بن الحمق فجلس على صدر عثمان وما زال به رمق ، فطعنه تسع طعنات وقال : أما ثلاث منهن فلله ، وست لما كان في صدري عليه
ثم أرادوا حز رأسه فصاحت النساء -نائلة وأم البنين- فتركوه رهبة ، ومالوا على داره فنهبوها حتى الأقداح ثم خرجوا قاصدين بيت المال لينهبوه
قتلوه ووالله لشسع نعله عند الله خير منهم جميعا ، وكان ذلك في يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة مضت من ذي الحجة لعام 35 للهجرة ، ولقد كان قتله فرقة للأمة ومضيعة لهيبتها بعد أن كانت جسدا واحدا وأمة واحدة
وما يجب أن تعلمه ولا تستريب فيه مثقال ذرة : إن ما تذرعوا به من ذرائع وأسباب سياسية كانت أو مالية ، إنما جميعها باطل لا أصل له ، فقد كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أمير الناس جميعا ، وليس لهم إلا السمع والطاعة مالم يأمر بمعصية ، فكيف وهو رضي الله عنه أتقى الناس وأنقاهم روحا وأصفاهم سجية
وخير القول عن عثمان وأدق الوصف فيه ما قال رضي الله عنه عن نفسه إذ قال : "وإني لرابع أربعة في الإسلام ، ولقد أنكحني رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته ثم توفيت ، فأنحكني البنت الأخرى ، ووالله ما زنيت ولا سرقت في جاهلية ولا إسلام ، ولا تمنيت منذ أسلمت ، ولا مسست فرجي بيميني منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد جمعت القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أتت علي جمعة إلا وأنا أعتق فيها رقبة منذ أسلمت ، ووالله لئن قتلتموني لا تحابون بعدي أبدا ، ولا تصلون بعدي جميعا أبدا"
رضي الله عنه وأرضاه وفعلا من بعده افترقت الأمة كما سنذكر لاحقا بالتفصيل في المقالات القادمة إن شاء الله تعالى
التعليقات (0)