مواضيع اليوم

الفتاوى العشوائية وغياب المسئولية

nasser damaj

2010-04-30 11:08:49

0

 الفتاوى العشوائية وغياب المسؤولية  
بقلم د. : كلثم جبر ..  

يفاجأ الإنسان المسلم ببعض الفتاوى الدينية التي يحتار في أمرها نتيجة تناقضها أحياناً وتصادمها مع الواقع أو عدم انسجامها مع روح العصر أحياناً أخرى، إضافة إلى عدم اعتمادها على أدلة موثوقة من مصادر التشريع الإسلامي وهي الكتاب الكريم والسنة النبوية المشرفة وإجماع أئمة المسلمين، وقد أصبحت الفتوى متاحة للجميع بحجة الاجتهاد وهو اجتهاد يفتقر إلى المقومات الأساسية، ويقود في الغالب إلى نتائج كارثية عندما يتبعها أناس ليس لديهم من الوعي الديني ما يحميهم من الوقوع في شرك مثل هذه الفتاوى العشوائية التي تغيب عنها المسؤولية الدينية والأخلاقية والوطنية، ولا عجب في ظل هذه الفوضى أن تصدر فتوى هنا ثم تتبعها فتوى مناقضة هناك وقد يحدث هذا في البلد المسلم الواحد الذي يخضع للنظام نفسه، ولكن هذا النظام يواجه بمن يتحايل عليه، من أناس اتخذوا الفتوى مطية لتحقيق مآربهم والوصول إلى أهدافهم والسيطرة على عقول محدودي الفهم وتسخيرهم للقيام بمهمات تخدمهم أو تخدم أفكارهم الضالة المضللة.

ولا شك أن لهذه الفتاوى أخطارها الجسيمة فهي تلعب دوراً خطيراً في تضليل المسلمين عن النهج القويم للدين الإسلامي، كما أنها تسهم في زرع الفتنة والخلاف بين صفوف المسلمين، وقد تقود إلى الغلو وارتكاب المحرمات، والانخراط في خلايا الإرهاب، وجميعها تقود الأمة إلى الخلف، لتبدو ضعيفة بين الأمم، لا حولا لها ولا قوة في مواجهة الأخطار التي تحيط بها من كل جانب، وهي أمور لابد أن تكون محل عناية القيادات الإسلامية، والمستنيرين من علماء الدين الإسلامي الحنيف، وأن تسنّ في الدول الإسلامية قوانين تمنع الفتاوى المرتجلة مع فرض الجزاء الرادع لمن يرتكب مثل هذه الأمور، على أن تسند مسائل الفتوى لمجلس أعلى أعضاؤه من الثقات من علماء المسلمين، على أن يكون على مستوى العالم الإسلامي حتى لا تتناقض أو تتقاطع الأنظمة والقوانين بين كل بلد إسلامي وآخر، وحتى يتم القضاء على ظاهرة الفتاوى المتناقضة بين المسلمين، وغالباً ما ينتقل هذا التناقض إلى أجهزة الإعلام التي تزيد الطين بلة، وتسهم في توسيع شقة الخلاف بين علماء المسلمين، وبين الأخذ والرد في أجهزة الإعلام المختلفة يضيع الكثير من الحقائق، ويجد المسلم نفسه في حيرة من أمره، لا يعرف أي المفتين على صواب وأيهم على خطأ، وقد يقوده ذلك إلى الانحراف والتشكيك في معتقده الديني.

إن غياب المسؤولية عن أذهان بعض المفتين يقودهم إلى ارتكاب أخطاء قد يعرفونها لكنهم يتجاهلونها بسبب سعيهم لتحقيق أهداف معينة، ومثل هؤلاء المفتين لن يتردّدوا عن إصدار فتاواهم العشوائية لنيل رضا السلطة وعدم التصادم معها، وفي بلادنا العربية الكثير من هؤلاء المفتين الذين يراعون تعاليم السلطة وينسون تعاليم الخالق، وما على المرء إلا أن يشاهد بعض الفضائيات ليرى فوضى الفتاوى حتى بين أصحاب المذهب الواحد، في البلد الواحد.

محاربة الفتاوى المرتجلة لن تحل إلا بتوحيد الفتاوى بين المسلمين، ومن قبل جهة رسمية موحدة، وعلى مستوى العالم الإسلامي.
جريدة الراية القطرية ـ الأربعاء 7/4/2010




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات