مواضيع اليوم

الفتاوى الصحيحة في الرد على العلمانية القبيحة

 

استباقاً لزمنٍ لمْ يأت بَْعد، واستشرافاً لعهدٍ يُطل جزءٌ منه علينا ، وبقعة تشاؤم في ظلِ تفاؤلي الشديدِ بالثورة المجيدة، والتلاحم الوطني الرائع، واثبات المصريين، خاصة الشباب، أنهم قادرون علىَ الأخذ بزمام القيادة لايصال مصر لبَرِّ الأمان، قررتُ أنْ أتخيل طرحَ أسئلة على أحد  الذين انشقت الأرض عنهم فخرجوا علينا يقطفون ثمار ثورة 25 يناير، وأتخيل اجاباته وفتاواه، فجاء المشهدُ كالتالي:
س. التلفزيون حرامٌ شرعاً، والكاميرا والتصوير، ولكنك تطل علينا من الشاشة الصغيرة متحدثاً مع امرأةٍ كاسيةٍ عاريةٍ في خلوة، فكيف تبرر ذلك؟
ج. هذا هراءٌ لأنني لم أصافحها، ولم تقع عينايَ علىَ جسدِها وصدرها، فأنا أنظر إلى الأسفل حتى لا تقع فتنة.
وهناك رجالٌ ونساء في الاستديو، فهذه ليست خلوة!
س. لكنك لم تجب عن سؤالي: هل التصوير حلال لذوي الأرواح، ثم إن الكاميرا صناعة الكفار، وأنت تثير بلبلة بين المؤمنين، فكيف ترى الأمرَ، سيدنا الشيخ؟
ج. نعم، التصوير حرام إلا لشيوخ الفضائيات لأننا نجاهد عبر الأثير، أما كل صناعات الكُفّار العلمية فهي حلال لنا ما دمنا نستخدمها في الاستعداد لاعلان الخلافة.
س. عندما تعلنون، إن شاء الله، الخلافةَ من استانبول أو أنقرة أو قُمْ أو الكرخ او طشقند أو سمرقند، فهل سيأتي ملوك ورؤساء وأمراء العالميّن العربي والاسلامي لتقديم أوراق اعتمادهم للخليفة؟
ج. هذا صحيحٌ تماماً، وسننسحبُ من الأمم المتحدة، وسنقاطع كلَّ مصارف العالم غير الاسلامي، وسنصُكّ عٌملة إسلامية موَحَدة وموَحِدة في مطابع صنعها المؤمنون، وليس عليها صور نساء، ولا يمسّها إلا المطهرون.
س. ماذا لو رفضتْ دول العالم زيارة الخليفة، وأصدرتْ محكمة الجنايات الدولية أمراً بمطاردته، حتى لو كانت التهمة ملَفَقة، وهل سيحل محل رجب طيب أردوغان؟
ج. الخليفة لا يُسافر لكن زعماء العالم يأتون إليه صاغرين، وينتظرون علىَ بابه حتى يأذن لهم، ويطلب منهم اعتناقَ الاسلام كما فعل العقيد الليبي مع الفتيات الايطاليات الجميلات.
س. وماذا إذا رفض ملكٌ أو أميرٌ أو زعيمٌ عربي أو اسلامي أوامرَ الخليفة؟
ج. نرسل إليه من يجبره على الطاعة، ويمر جيشُ الخليفة عبر الصحراء، ويخوض لجّة البحر، فيهزم جيشَ الزعيم العاصي!
س. ما رأيك في مليونية اللحية، ومليونية المنقبات؟
ج. هذه بداية مُفرحة للمؤمنين، وستعقبها جمعات كثيرة، فلدينا خطط لمليونية الحث على الزواج بأكثر من واحدة، ومليونية مقاطعة العلمانيين والملحدين واليساريين والشيوعيين، ومليونية تحريم كشف الوجه للمرأة، ومليونية فصل النساء عن الرجال في الشارع، أي أن الرجل يسير على الرصيف الأيمن والمرأة على الرصيف الأيسر!
س. مهلا سيدنا الشيخ، فماذا يفعل الرجل القاطن في بيت على الجانب الأيسر؟
ج. عليه أن يدور حول البيت من الجانب الآخر، أو ينتقل فورا إلى بيت في الجانب الأيمن، هل هذه معضلة أيها العلمانيون الأغبياء؟
نسيت أيضا أن هناك مليونية تطالب باحراق كتب الفلسفة وعلوم الجينات، ومليونية لتحريم كشف الطبيب الرجل على المرأة حتى لو كان بمفرده في المستشفى، ومليونية لمنع أغنية ( انت عمري ) لأم كلثوم لأنها تقول: بعيد .. بعيد وحدينا، ع الحب تصحى أيامنا، ع الشوق تنام ليالينا، وهنا الخلوة الحرام.
س. وماذا عن الآلات الموسيقية أي معازف الشيطان؟
ج. سنقوم بتدميرها، ونعمم الدف الشرعي، فالشيطان يعزف كونسرتو بيتهوفن الخامس، وهو، لـَعَنَه اللهُ، يستمتع بالمقدمة الموسيقية لقصيدة ( ذكريات)، ويعجبه صوت أسمهان، ورقّة أمال ماهر، ويطرب لصوت هدى سلطان، وتزيد وسوستُه للناس بعدما ينصت إلىَ همسة حائرة ) و ( دعاء الشرق ) و ( مصر التي في خاطري ) و ( الوطن الأكبر)!
س. هل سيوافق المجتمع الدولي على دولة الخلافة، والمجتمع الذي تنشدونه؟
ج. أنتم ضِعاف ككل العلمانيين، فخليفتُنا قادر على الوصول بترسانة الأسلحة المؤمنة إلى كل بقاع الدنيا، ونحن لسنا بحاجة إليهم، وسنصنع سيارات، وقطارات، وقضبانا حديدية، وصواريخ، وقنابل نووية، وسنثبت للعالم في رحلة فضائية بأن الأرض مسطحة، وأن الكفار ضحكوا علينا.
س. هل سيعالَج المسلم على حساب بيت المال في بلاد غير المسلمين؟
ج. إذا كان شيخا فاضلا ومن جماعتنا فيمكنه أن يسافر شريطة أن لا يصافح الممرضة الأوروبية، ويعالجه الكفار لكن لا يرد التحية عليهم، أما باقي عموم المسلمين فيقبلون بقضاء الله وقدره.
س. وماذا عن النقد، سيدنا الشيخ؟
ج. نقبل النصيحة من الرجال الصالحين، أما النقد فهو تهكم على الاسلام، وهو استهانة بمكانة الفقهاء والعلماء وأولي الأمر، وأي شخص يكتب مقالا مدعيّاً أنه يستند إلى العقل والمنطق والموضوعية وينتقد نظام الحـُكم أو أمير المؤمنين أو المرشد الروحي أو شيوخ الفضائيات أو حتى قُرّاء الكفّ والفَلك وصانعي التعويذات ومُطـْلقي الأبخرة فلن يرحمه مسرور السيّاف!
س. ماذا نفعل، سيدنا الشيخ، حتى لا يتم اتهامنا بمعاداة ديننا؟
ج. عليكم الطاعة وعلينا الأمر، عليكم الصمت وعلينا الكلام، عليكم الخضوع وعلينا أن نقطع أيديكم وأرجلكم عندما نصل إلى الحُكم.
س. وماذا عن دخل البلد من السياحة والضرائب وتحويلات المواطنين من الخارج؟
ج. فيما يتعلق بالسياحة فنحن لسنا في حاجة لمليارات من هذه الصناعة الفاجرة، وأما الضرائب فيمكن أن نستبدل بها أموال الزكاة فالأولى ستُدرّ علينا أموالا نحتاجها لبناء الدولة لكن فيها شبهة الحرام، وأما الثانية فستأتينا بأقل القليل، لكنها أموال مباركة.
س. سيدنا الشيخ: لماذا لا تتحصلون على هذه و .. تلك؟
ج. لأن العلمانيين من أمثالك لا يفهمون عبقرية فكرنا القائم على كتب مضتْ عليها مئات الأعوام ولاتزال قادرة على بعث الأمة من جديد!
س. النقد مرة أخرى، سيدنا الشيخ الفاضل، وكيف لي أن أشارك في الهم الوطني؟
ج. هذه خزعبلات فليست هناك هموم وطنية أو قومية، إنما هناك مشاكل في الدولة الاسلامية ونحن نملك حلها بفضل علم وبركة وفقه رجالنا.
ثم إننا لن نسمح بكل الوثنيات، فتقبيل العَلَم حرام، والنشيد الوطنيُّ آثمٌ، وموسيقىَ الجيش بدعة، ولابد من تحطيم التماثيل في الميادين، واعتبار المتحف المصري مكان لتجمع الأصنام، والتحنيط كان تحدياً لارادة السماء فينبغي التخلص من بقايا قُدماءِ المصريين، والسينما من الموبقات، والأوبرا إثمُها أعظم من نفعِها، والفرقةُ القومية وفرقة البحيرة وفرقة أم كلثوم وغيرها يجب تفكيكها، فهي اختلاط مُحَرَّم مع معازف الشيطان.
س. لكنني خائفٌ منكم فإذا توليتم أمورَ العِباد فقد حجبتم علىَ العقل، أليس كذلك؟
ج. لا، ليس كذلك! فنحن سنسمح لك بالتفكير في حدود الشرع، وأن تنصح في صمت، وأن لا تنتقد رمزاً دينيا، وأن  تطيع ولاة أمورك، وأنْ تبتعد عن شـُبهةِ التعامل مع العلمانيين واليساريين، وأن تقرأ فيما يفيد من كتب القرون الثلاثة الأولى الهجرية.
س. وماذا عن السجون والمعتقلات والتـُهم الموجهة إلىَ مخالفيكم؟
ج. مادام المسلمُ مطيعاً، ويؤدي الصلوات في أقرب مسجد، ولا يتحدث بسوء أدب عن العلماء، ولا يختلط بامرأة، ولا يؤذي مشاعرَ الآخرين في المطار وهو يستقبل شقيقته أو أمَّه أو احدى قريباته بالأحضان، ولا يسخر من اللحية، ولا يعترض على النقاب، ولا يطالب بتغيير فضيلة المرشد الروحي، فمن اختاره اللهُ لا يغيرّه البشر، فأنا أعدُك أن لا نلقي به في السجن كالكلاب.
س. هل هناك كارنيه عضوية للجماعة الاسلامية أو التجمع أو الهيئة أو المؤسسة لتعرفوا العدوَّ من الصديق؟
ج. الأمر ليس كذلك، فيكفي هوية المسلم أو المسلمة في المظهر الخارجي، أي اللحية والنقاب والجلباب بطوله الشرعي والبسملة والدعاء في كل جملة: جزاء الله خيرا، أما ما لا نراه مثل الكذب والتحايل والغش والفساد والجهل والأمية والتعامل الفظ في البيت واهمال تربية الأولاد وظلم الزوجة وغيرها من آلاف الأشياء التي تتجمع في سلوك الإنسان المتمدن والمتحضر والمثقف والفاعل في المجتمع، فهذه سابقة لأوانها، وليست من أولوياتنا.
س. ولكن كثيرين منكم، سيدنا الشيخ، شتـّامون، وبذّائون، ولاعنون لمخالفيكم، وتتهمون من ينتقدكم بكل الموبقات، وأنت تعرف تماما في الانترنيت والفيسبوك والمنتديات والمواقع المختلفة وفي الفضائيات وفي كل الحوارات، بل وحتى في المحاكم خلال رفع دعاوى ضد مخالفيكم، تكون ألسنتكم حِدْاداً، وسليطة، وفظـّة، وكاذبة، فما هو تفسيرك؟
ج. لأننا نريد أن نُطـَهّر العالـَم من دنسِكم، ونُخَلّص الدنيا من نجسكم، ونحمي الاسلام والمسلمين من أفكاركم الداعرة، والملحدة، والكارهة لديننا الحنيف.
س. ولكنني مسلم مثلك، وعلاقتي بالله، عز وجل، علاقة جيدة ، ومؤمن بديني، ومتسامح مع الآخرين، وصادق مع نفسي وعائلتي وأصدقائي، وعاشق لبلدي، ومناهض لكل مستبد يحكمها، ولا أزايد أو أتملق أو أنافق أو أزعم أنني أفضل من غيري!
ج. هذا كله لا يساوي مثقال حبة في ميزاننا عندما نحكُم، فمقاييسنا تختلف عن معايير كل العلمانيين أمثالك، ونحن ممثلو السماء على الأرض، ونملك صكوك الغفران ولو أطلقنا عليها أسماء أخرى، ونستطيع تكفير أي كاتب أو إعلامي أو مفكر أو معارض لنا.
بامكان أقل أعضاء جمعيتنا وجماعتنا عِلْماً ومعرفة أن يتهمك بأنك تُنكر السُنّة أو تخالف تعاليمَ القرآن الكريم أو تسخر من العُلماء أو تحمل كراهيةً لُحكم الشريعة أو أنك منحاز للغرب والفكر المنحل أو أنك تتعاطف مع إسرائيل حتى لو كنتَ مقاطعا للدولة العبرية من مهدك إلى لحدك!
الثورة لكم، والمستقبل لنا. نحن نتراجع عن ثوريتكم الجيفارية، فإذا اقتربتم من النصر، هرولنا إلى الساحات نزعم أن نجاحَكم بفضلنا.
إن اللهَّ مُنحاز إلينا في الدنيا والآخرة، وحتى فريقنا الكروي هو فريق الساجدين ولو تسللت من بين يدي حارس مرماه سبعون كرة من فريق غير مؤمن.
أنا استطع أن استخرج من أي مقال أمامي مئة دليل على أن صاحبه يكره شرع الله ولو كانت كل كلمة في المقال تؤكد يقين وإيمان كاتبه بالاسلام الحنيف.
أنا ألعن زعيم حزبك أو تجمعك أو نهجك ولا غبار على ما أقول، وأنت تمس شعرة واحدة من لحية أحدنا فيتبارى مئة مُطيع لأميرنا الروحي لضرب لسانـِك بالسيف، وقطع أصابع كل يَدٍ تنتقد منهجَنا الرباني.
أنا أحاسبك على النيّات، وأقرأ ما بين السطور وما خلفها، وأفسّر ما لم تُبح به وفقاً لهواي، فتأتيك اللعنات من كل فجٍّ عميق.
نحن نصمت على حُكم الطغاة، فإذا سقط أحدهم سرقنا الثورةَ لصالحنا، وإذا فشل اليساريون والشباب المتمرد والعلمانيون ودعاة الديمقراطية وحقوق الانسان، قلنا بأن طاعة ولي الأمر واجبة.
انظر إلى كل الوجوه أو أكثرها، من المحسوبين علينا، التي تستضيفها الفضائيات العربية، واقرأ تاريخَها جيداً، فستعثر علىَ عهد بالصمت مقابل سلامة الجماعة من قبضة الطاغية، ومع ذلك فلم يمرّ يوم واحد دون أن يُلقي بنا إلى غيابات السجن.
أما المساواة بين الناس المختلفين في الدين، وبين المرأة والرجل، وبين الغني الذي يؤدي مناسك الحج في فندق فاخر وأخيه الذي لا تدخل جوفَه لقمةٌ ليومين أو أكثر ، فهذه أمور غير ذي أهمية.
علومُنا، ايها الأحمق العلماني، ليست علوما كافرة من الغرب أو من وراء البحار، فهي منهاج حُكم سار عليه الأولون، ونحن سنقوم ببعثها بدءاً من أهمية السواك إلى وجود الخليفة بدلا من جنرالات تركيا العلمانيين، وسنبارك الثورات بعد نجاحها، وسنلعنها إذا فشلت لئلا يغضب علينا الطغاة من ولاة أمورنا.
انتظر حتى يصبح مرشدُنا الروحي وأمير جماعتنا وشيخ طريقتنا سيد القصر، وآنئذ لن تستطع أن تفكر برهة واحدة في طرح أسئلتك، فمسرور السياف سيكون على استعداد لانجاز عمله بمهارة فائقة الدقة، وفوق ذلك سيكسب ثواب الدنيا والآخرة و .. ورضا الجماعة!
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو في 20 يونيو 2011
Taeralshmal@gmail.com  
     




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات