الفاتحي في حوار مع كفى بريس: العلاقات المغربية الفرنسية ستتواصل بصورة عادية مع هولاند
حاوره: الصحفي رشيد لمسلم
قال عبد الفتاح الفاتحي الخبير في قضايا الصحراء والشؤون المغاربية، أن جبهة " البوليساريو" تعيش اليوم حالة احتضار وعزلة دولية بعد إقرار المنتظم الدولي بمشروعة المقترح المغربي الهادف الى ترسيخ مفهوم الحكم الذاتي ، وأكد الفاتحي في حواره مع "ّكفى بريس.كوم"، أن البولسياريو تنهج أسلوب المغالطات والتهجيم في حق كل من خالفها الرأي، وفضح مزاعمها...
واعتبر الفاتحي أن الدول المغاربية والعربية تعيش تحولا بعد الربيع العربي ألزمها البحث عن علاقات جديدة خصوصا فتح الحدود بين المغرب والجزائر، كما ان العلاقات المغربية الفرنسية سوف لن تتأثر في عهد رئاسة هولاند، بل ستعرف تحولات إيجابية تحافظ على التاركمات الحاصلة بين البلدين...
الفاتحي تحدت لـ" كفى"، عن الديبلوماسية المغربية والقمة العربية والعلاقات المغربية الاسبانية والجزائرية والفرنسية...وقضايا اخرى، وذلك في الحوار التالي:
كفى بريس.كوم: باعتبارك خبير في قضايا الصحراء والشؤون المغاربية، وبفضل كتاباتك المتعددة، تعرضت مؤخرا لهجوم من قبل جهات تحسب على البوليساريو، لماذا هذا الهجوم؟
لقد تفاجأت حينما أعلمني أحد الصحفيين بأن إعلام البوليساريو ينعتني بأني عميل للنظام المغربي أو بالأحرى "أحد بيادقه"، وبعدما تأكدت من الأمر اعتبره حينها مهاترة من مهاترات الجهاز الإعلامي لجبهة البوليساريو المغرض، يصدرها في حق كل من يخالفه الرأي.
إن نعتي بالعميل أو بالأحرى أحد بيادق النظام المغربي على حد تعبير إعلام البوليساريو، ليس الغاية منه إنجاز عمل صحفي مهني مضاد، ولكن الغاية منه التعرض لأصحاب الآراء المناقضة لأطروحة البوليساريو الانفصالية.
ولقد ضاعف إعلام الجبهة حملته التضليلية على المقالات التي أنشرها كما هو الحال بالنسبة لموقع يدعى "وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة"، يكيل إتهامات وادعاءات زائفة تصفي شخصي بتقديم تحليلات تحت الطلب.
إني لا أرى سببا وجيها لتنظيم حملة دعائية تستهدف كاتبا متابعا للشأن الصحراوي، إلا إذا كانت كتاباته السياسية وتصريحاته الصحفية التي يدلي بها للعديد من وسائل الإعلام الوطنية والدولية تشكل مصدر قلق حقيقي لجبهة البوليساريو، أو تصيب أطروحة إعلامها في مقتل.
إن البوليساريو تعيش اليوم حاصرا وِرِدَّةٍ إعلامية دولية وإقليمية تهدد ما تبقى من كينونتها، وهو ما يتأكد في العديد من المقالات الصحفية والتحاليل السياسية التي توقعت نهاية أطروحة البوليساريو الانفصالية، بعدما صارت قرينة الجماعات الإسلامية المسلحة في منطقة الساحل الإفريقي.
كفى بريس.كوم: كيف ترى الوضع الآن في الصحراء بعد الربيع العربي، وظهور حركات احتجاجية داخل بوليساريو؟.
يسود اليوم اطمئنان الصحراويين في الأقاليم الجنوبية بعد الحراك العربي، حينما استطاع المغرب التفاعل معه بطريقة أكثر براغماتية، حافظت على استقراره وتجاوبت مع الاحتياجات الشعبية في إصلاحات دستورية وسياسية، كانت ضرورية.
ومن جهة أخرى فإن هذا الاطمئنان يزداد تعمقا في الأقاليم الجنوبية، وفاء المغرب بخياراته المستقبلية لاسيما المتعلقة بطبيعة تدبير شؤون المواطنين، ومنها دسترة الجهوية الموسعة، كمرحلة من مراحل إيجاد تسوية النزاع في الصحراء على أساس مقترح المغربي منح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا.
إن هذا الاطمئنان والاندماج العملي لأبناء الصحراء، والذي يتجسد يوميا في الانخراط الفعال في سياسات الدولة، وقد برز ذلك واضحا في المشاركة السياسة المكثفة للأقاليم الجنوبية. الأمر ذاته يوجد نقيضه في مخيمات تندوف، حيث يتواصل الاحتقان السياسي والاجتماعي بين المحتجزين وقيادة البوليساريو، يترجمه الحراك الذي يقوم به شباب المخيمات، وهو ما يتهدد الجبهة بالانفجار من الداخل.
كفى بريس.كوم: هل فعلا البوليساريو تحاول ان تؤثر على العلاقات المتقدمة بين المغرب واسبانيا؟.
كثيرا ما سعت البوليساريو مع الجزائر إلى إحداث وقيعة سياسية بين اسبانيا والمغرب، وذلك عن طريق استثمار الجمعيات التي تلقى تأييد الأحزاب النووية اليسارية في إسبانيا. إلا أن المصالح الكبرى بين البلدين، كانت ترجح التفاهمات بين البلدين على مظاهر التشنج المحدودة التي تتصيدها الجبهة بين الفينة والأخرى، كـ"أزمة أميناتو حيدر"، أو ما تقوم به عناصر من جبهة البوليساريو بتجييش بعض الإسبانيين المتطرفين لإجراء زيارات للأقاليم الصحراوية دون الالتزام بقواعد التنقل المتعارف عليها دوليا، لتمارس بعدها الدعاية الإعلامية للبوليساريو ضد المغرب. من قبيل الدعاية التي ترجو لها الجبهة من أن وفدا اسبانيا من المجتمع المدني قد تم منعه من زيارة مدينة العيون.
كفى بريس.كوم: كيف تقرأ رفض اسبانيا مؤخرا استقبال قيادات من جبهة البوليساريو؟.
على الرغم من الرسائل التي بعثتها البوليساريو إلى راخوي لتحظى باستقبال رسمي على غرار اتصالات حكومته بأعضاء الحكومة المغربية، لكن راخوي لا يزال رفض بعث جواب على رسائل الجبهة وهي بذلك تعني بأن الحزب الاشتراكي لا يمكنه أن يضحي بمصالح بلاده والاقتصادية والسياسية والتجارية مع المغرب من أجل قضية منتهية بحسب قناعة الرّأي العام الإقليمي والدولي.
والحق أن الجبهة اليوم تحس بحجم العزلة التي باتت مفروضة عليها حتى من الجزائر اليوم لانشغال الأخير بمشاكلها الداخلية والحدودية، فضلا على الإكراهات الدولية التي تفرض على الجزائر تقديم ضمانات على أن لا علاقات للجبهة بالجماعات الإسلامية المسلحة الأمر الذي لم تعد الجزائر بالقادرة على الالتزام به أمام المنتظم الدولي.
إن البوليساريو تعيش حالة احتضارا على المستوى العلاقات الدولية بحيث لم يعد عبد العزيز المراكشي يستقبل من القيادات الإفريقية والدولية كرئيس لجمهورية وهمية، ذات الحصار الدبلوماسية تعيش الهيئات الدبلوماسية للبوليساريو في العواصم الدولية ويبدو ذلك في تقلص حجم تحركاتها، والاقتصار على بعض العواصم الأوربية المؤثر كفرنسا واسبانيا وواشنطن.
كفى بريس.كوم: كيف تنظر إلى القمة المغاربية المزمع عقدها في الشهور القادمة بتونس، هل ستكون خارطة طريق جديدة لبعث روح الاتحاد المغاربي؟.
إنه بالنظر إلى ضبابية الموقف الجزائري من سياسية مد اليد المغربية، فضلا على التعاطي المحدود مع الخطوات الدبلوماسية المغربية نحو في إطار استلهام الدروس من حراك الربيع العربي. وبالنظر أيضا إلى التطورات السياسية في كل من تونس والمغرب وليبيا، فإن الجزائر لم تبد نفس الحماسة اللازمة، التي سبق وأن عبر عنها الرئيس التونسي منصف المرزوقي خلال زيارته لدول المغرب العربي.
ولذلك، فإنه لا يتوقع أن يتحقق انجاز كبير يتناسب مع الطموحات الشعبية للدول المغاربية، بسبب الموقف الغامض للجزائر، وعدم إبدائها للتجاوب الصريح لمنصف المرزوقي في إحياء هياكل الاتحاد الإفريقي.
كفى بريس.كوم: كيف تقرأ تطورات المشهد السياسي الفرنسي وعلاقاته بالمغرب بعد فوز الاشتراكي فرانسوا هولاند بالانتخابات الرئاسية؟.
إن العلاقات المغربية الفرنسية ستتواصل بصورة عادية دون حدوث تغييرات جوهرية لاعتبارات تاريخية واقتصادية متينة وجد عريقة. ولاسيما ما يتعلق بالدعم الفرنسي القوي للمقترح المغربي منح حكم ذاتي للأقاليم الصحراوية.
كفى بريس.كوم: هل يمكن القول بأن فرنسا في عهد فرانسوا هولاند أن تدعم فتح الحدود بين المغرب والجزائر؟.
بالتأكيد، بل وستزيد من حجم الضغوط السياسية عبر مؤسسات بلاده السياسية والاقتصادية أو عبر مؤسسات الاتحاد الأوربي على الجزائر لفتح حدودها مع المملكة المغربية، وكذا للتسريع ببناء اتحاد المغرب العربي كإطار قوي يزيد من جدية التنسيق الأوربي المغاربي.
ذلك لأن فرنسا تأمل من تسريع عملية التطبيع بين المغرب والجزائر تقوية حلف محاربة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، إذ يشكل التنسيق المغربي الجزائري أداة فعلى لمواجهة تحدي وضعية انعدام الأمن في منطقة الساحل والصحراء، وتحدي تنامي القاعدة في المغرب الإسلامي. وذلك في وقت تلقى المصالح الفرنسية والأجنبية الكثير من التهديدات.
حاوره: رشيد لمسلم
التعليقات (0)