يقول الله في كتابه العزيز (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، من هنا جائت حرمة قتل البريء بدلا من القاتل الفعلي في قضايا الدم، ويشمل ذلك الكبير والصغير، ولا يختلف فقهاء المذاهب الخمسة على حرمة جرائم الثأر، ويجعلون الرجوع الى الحاكم الشرعي في القصاص بعد محاكمة عادلة أمراً واجبا على كل مسلم، حتى لا يسود المجتمع قانون الغاب، وحتى ولو نحينا الدين جانباً، فسيبقى قتل أي طفل مهما كان جنسه أو دينه جريمة بشعة، لذا فأن ما قام به أرهابي تولوز مستنكر ومدان بكل الاعراف والمقاييس، وجريمة يندى لها جبين الأنسانية .
جاء في صحيفة السفير اللبنانية، أن مدير المدرسة الفرنسية في لبنان «الليسيه» فنسان بينار، قام بدعوة الطلاب إلى «الوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح الطلاب اليهود الثلاثة، الذين قتلوا في مدينة تولوز الفرنسية ودفنوا في اسرائىل، وذلك بناء لأوامر صدرت عن السفير الفرنسي في لبنان دوني بيتون، بناء لتعميم من وزارة الخارجية وبتوجيهات من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي».
لكن الأمر لم يمر مرور الكرام بحسب الصحيفة ، حيث انتفض عدد كبير من الأساتذة ، وسارعوا إلى مواجهة المدير فنسان بالرفض، مؤكدين أن «الليسيه الفرنسية تعمل على الأراضي اللبنانية، ومحكومة بتنفيذ القوانين اللبنانية».
وأبلغ المدرسون مديرهم صراحة بـ «أن ما تطلبه اليوم من طلابنا يمسّ جوهر مقاومتنا ومبادئنا وحضارتنا وتاريخنا»، لافتين النظر إلى أن «الليسيه ومعها السفير الفرنسي في لبنان لم يحركا ساكنا عندما قتلت الطائرات الإسرائيلية أطفال لبنان في قانا وفي كل المناطق اللبنانية الأخرى، وكذلك أطفال فلسطين، ومؤخرا غزة، منتقدين الاستنسابية في القضية»، ورافضين الانصياع للأوامر جملة وتفصيلا، وذلك بالتضامن مع كثير من طلاب المرحلتين الثانوية والمتوسطة».
بعدما لمس ردود الفعل العنيفة من قبل الأساتذة عمد مدير المدرسة بدهاء إلى الالتفاف على الموضوع، ودعا لأن يكون الوقوف دقيقة صمت من أجل الطلاب الذين سقطوا قبل أيام في بحنين السورية (والقاتل هنا نظام الأسد)، والطلاب الذين قتلوا في بلجيكا (وهؤلاء قتلوا في حادث سير عادي)، والطلاب الذين قتلوا في المدرسة اليهودية في فرنسا، أما أطفال فلسطين فلا كرامة لهم، وما دام القاتل صهيونياً فلا بأس في ذلك .
ما نريد أن نقوله هنا أن الأنسانية والقيم النبيلة تحتم علينا قبل الدين أن ندين قتل الأطفال في أي مكان وزمان، لذا فنحن ندين موقف الأساتذة والطلاب اللبنانيين اللذين كان بمقدورهم القيام بوقفة على أرواح أطفال فلسطين وتولوز معاً، كما ندين بشدة موقف مدير المدرسة الفرنسية في لبنان، وموقف الحكومة الفرنسية اللتي لم تقف حداداً على ارواح أطفال فلسطين ولا على أرواح مواطنيها من المصلين في مسجدا مدينة آراس اللذين سقطوا على يد أرهابي قبل يوم واحد من عملية تولوز .، بل ولا حتى على ارواح جنودها اللذين سقطو قبل قتل الاطفال اليهود، (ربما لأنهم كانوا يشكون بان القاتل من العرق الفرنسي الأبيض ) .
لن نستشهد بأقوال سيد الأنسانية عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، لما قد يثير ذلك الحساسية عند البعض. ولكن لمن أراد أن يكون أنساناً قبل أن يكون أي شيء آخر، فما عليه ألا أن يقتدي بوزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون، اللتي قالت بعد مجزرة تولوز «عندما نفكر في ما حدث اليوم في تولوز، عندما نتذكر ما حدث في النروج قبل عام، عندما نعرف ما يحدث في سوريا، عندما نرى ما يحصل في غزة وفي مناطق اخرى من العالم، نفكر في الشباب والاطفال الذين يلقون مصرعهم»، واضافت اشتون « أطفال وشباب فلسطينيين يواصلون التعلم والعمل والحلم ويطمحون الى مستقبل افضل رغم كل الصعاب. ولهؤلاء الشباب اوجه تقديري» .
هذا هو الأنسان حينما يتجرد من الكره، عندها سيرى الجريمة جريمة، ولن يبررها مهما كانت الأسباب .
الفاتحة على روح أطفال تولوز وفلسطين
http://m.assafir.com/content/1332379905407845800/Special
التعليقات (0)