يمكن اعتبار برنامج مكافحة القاعدة أو بما يسمى ضمن عمليات الأستخبارات الأمريكية بوحدة متابعة ابن لادن من اكبر برامج الـ CIA بعد برنامج مكافحة الـ KGB و الأستنفار البشري و المادي الكبيرين لملاحقة ابن لادن وعناصر القاعدة , يأتي كون هذه الحركة جاءت من خلفية مشتركة للقاعدة عملت ضمن برامج الـ CIA و فتحت لها قنوات كانت تعمل على تسهيل حركة و تنقل اعضاء القاعدة بين ارجاء المعمورة , اضافة إلى القنوات المغلقة التي بنيت آنذاك لحصر الأتصالات و العمليات المضادة للأتحاد السوفييتي السابق بدوائر محددة حصرا لمنع الأختراق من قبل الـ KGB و مناصريها من الأجهزة الأستخبارية العربية الرسمية , و هذا ما يعلل طول فترة الملاحقات و التصفيات التي تقودها الأستخبارات الأمريكية حاليا ضد عناصر القاعدة , و ما يزيد تعقيد الأمور هو تغيير الرموز القديمة للقاعدة اثناء التعاون الثنائي للـ CIA مع القاعدة و ظهور وجوه جديدة تولت القيادات المحلية لشبكة الأتصالات الدولية للقاعدة مما ادى لتغير في خطوط شبكة الدوائر المغلقة و تغيير اساليبها و ظروفها مما يجعل قيادة الأستخبارات الأمريكية تخسر قاعدة معلوماتها الأولية و كل ما يمكن ان تتبعه عن القاعدة هو الأسلوب الذي تعمل به...
خلال هذه الفترة التي اتستمت بالكر و الفر, تكبد الطرفين خسائر بشرية و مادية كثيرة , أخرها العملية الأنتحارية في موقع خوست والتي اودت بحياة بسبعة من القيادات الميدانية للـCIA و تستعر الحرب الأعلامية لكلا المؤسستين في اعلان جسامة خسائر الطرف الأخر و الحقيقة فيما يتعلق بالخسائر البشرية للـ CIA تعتبر طفيفة بعض الشيء كون هؤلاء لا يخزنون المعلومات في أذهانهم بل ينقلونها إلى القاعدة البيانية الأساسية لجمع المعلومات و تتواجد نسخ من برامجهم الميدانية لدى الأقسام الأخرى من مكاتب تحليل الأخبار و الأستطلاع و مكتب تجهيز العناصر الميدانية, و هذه القاعدة المعمول بها تتقبل نسبة معينة من الأخطاء التي ربما تؤدي بحياة موظفين سواء ميدانيين او من يقفون خلف الكواليس , لكن في حالة القاعدة فأن الخسائر البشرية على مستوى القيادات لا يمكن تعويضه بذات النسبة للسرعة في التعامل مع تكملة مسيرة العمليات و تحتاج لأعادة تأهيل و ربط جديد لعناصر المنظومة التي فقدت قائدها الميداني الذي يعتبر ايضا خزين المعلومات لقاعدتة العملياتية, هذا ناهيك عن الأختلاف العقائدي و التدرج الديني بين القائد السابق و القائد الجديد الذي من شأنه عدم الأستفادة من الأخطاء السابقة, و كل سقوط لقائد ميداني يليه سقوط للمنطقة التي كان يدير عملياته منها و هذا ما برهنته تساقط قيادات القاعدة و حلفاءها في العراق و افغانستان بفترات متقاربة....
تبقى الحسابات التي يؤل عليها إلى متى يمكن القاعدة تتقدم على معلومات الـCIA او هل يمكن للقاعدة أن تحافظ على ما تبقى من شبكاتها المنتشرة في ارجاء المعمورة بعد اعلنت الواحدة تلو الأخرى عن اعلان نفسها ككيان مسلح على غرار افغانستان و العراق مثل المغرب العربي و بالخصوص الجزائر و أخيرا اليمن و ذلك لتخفيف ثقل الضغوطات على تواجدها القوي في افغانستان و توسيع رقعة الكر و الفر على الـCIA كلما ضاقت الرقعة على القيادات بالقاعدة بأفغانستان, فهل يمكن لها ان تبقى في كيانها المسلح المعلن على غفلة من الحسابات العسكرية لتلك البلدان حيث انتشار عناصر القاعدة المسلحين في مناطق خارج سيطرة الدولة و آلتها العسكرية؟؟ و إلى متى يمكن لها الأعتماد على امكانياتها الذاتية؟
الـ CIA لا تابة بالدعاية الحربية للقاعدة و تبكي خسائرها دون ان تحتفي بنجاحاتها من باب الحيطة الأمنية في الحفاظ على سرية انجازاتها كي لا تسمح لأعدائها بتقييم عملها و اتخاذ الأجراءات الوقائية, و تبدو المؤشرات التي تتسرب للأعلام من هنا و هناك انه في القريب العاجل ستكون هناك خطوات مهمة يمكن ان تساعد في توجيه ضربات قاسية لقيادات القاعدة و لكن الحرب المضادة التي تنقلها القاعدة إلى المدنيين بين الحين و الأخر تؤخر حركة التركيز على الدوائر المغلقة للقاعدة حول العالم و قد يستهزء البعض حول عدم جدوى كل خطوات التي اقدمت عليها المخابرات المركزية الأمريكية في ألقاء القبض على ابن لادن, لكن هذا اعتقاد خاطيء, كون العمل الأستخباري ليس كباقي وظائف اجهزة الدولة تسير باوامر و وقت معين و تنتهي الأجراءات الروتينية حال وصول الأمر للتنفيذ, العمل الأستخباري يبدأ بعملية عكسية و يبدأ من اصغر موظف بأتجاة القاعدة الهرمية العليا للقيادة و التنفيذ فيها لا يسير بروتين متكدس من اوراق تتناقلها المكاتب البيرقراطية..
التعليقات (0)