بعد ظهور بعض الإحصائيات الرسمية عن مسح وطني، يذكر أن عدد العانسات في السعودية تجاوز النصف مليون عانسه ممن تجاوزن عمر الخامسة والثلاثون عاماً ..ويعد هذا رقم كبير وخطير جداً ، على مجتمع كالمجتمع الإسلامي السعودي ..
نجد أن الزواج يبقى حلما مؤجلا ليس أكثر، هذا القليل من الكثير الذي يدلي به الشباب في الوقت الحاضر ..
بسبب غلاء مهور الزواج وارتفاعها، التي تثقل الكاهل وتجبر معظم الشباب على الانتظار، وتأجيل الدخول إلى القفص الذهبي مما يتسبب في الجانب الآخر بتزايد ظاهرة عنوسة البنات، اللاتي، معظمهن إن لم يكن كلهن قد عانين الأمرين من تلك العادة التي يرفضها الشباب والشابات جملة وتفصيلا.
لقد تأجل الحلم، ثم ارتحل،,..!! لماذا؟ وهل من عودة أخرى؟ إنها مشكلة اجتماعية معقدة وتمس شريحة كبيرة من مجتمعنا. مما يؤثر سلبا في تركيبة المجتمع مستقبلا.
كل شيء في الحياة " قسمة ونصيب"، وكذلك الزواج فهو " قسمة ونصيب"، ولكن أن تصطدم "القسمة والنصيب" بغلاء المهور وكثرة متطلبات الزواج, فإن ذلك يدعونا لمشكلة اجتماعية بدأت تتفاقم في مجتمعنا، مما يدعونا إلى النظر إليها ولمسبباتها.
إن غالبية طلبات أسر الفتيات المرشحات للزواج جعلت من الشباب المتقدم شاباً اخرس 100%، فهو يشعر عند تقدم بخطبة إحداهن بأن أهلها يعتبرون الأمر مشروعا تجاريا أو صفقة..!!
وقد أفرزت ظاهرة العنوسة التي انتشرت مؤخرا بمجتمعنا السعودي ـ كما ذكرت " الوطن " عديداً من المشاكل الاجتماعية التي بدأت تدب على تركيبة المجتمع .
ومن أبرزها مايسمى بزواج "المسيار" الذي أظهر سلبيات كبيرة جداً ، وغيرها من المشكلات , التي تهدف جميعها إلى الهروب من مشكلة العنوسة وتسهيل الزواج، بعد أن بلغت العنوسة من خطورتها ما لا يتوقعه أحد.
إذ إن العنوسة والطلاق ظاهرتان خطيرتان ولا يمكن فصلهما عن بعضهما لخطورتهما على مجتمع ينتهج من الإسلام طريقاً للحياة .إذ أنهما ـ العنوسة والطلاق ـ يهددان أي مجتمع بالفساد والتفكك الأسري .
الطلاق حلال إلا أن.. أبغض الحلال عند الله الطلاق، ولكن العنوسة كما نعلم جميعاً من أبرز أسبابها.. تكاليف الزواج المبالغ فيها و المغالاة في المهور وكذلك أرتفاع تكاليف المعيشة في البلاد .
إن مشكلة العنوسة بمعنى تأخر سن الزواج ذكورا أو إناثا أصبحت ظاهرة وأصبح هناك ملايين الشباب والفتيات الذين لا يجدون ما يساعدهم في تكاليف الزواج .
وعلينا تذكر قول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج" فإن الباءة هنا يقصد بها: القدرة على الزواج المادية والبدنية.
ومما لا شك فيه أن هناك صعوبات اقتصادية تحول دون تنفيذ نداء الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بسبب المشاكل الاقتصادية التي أثرت بالسلب على قدرة الشباب، حيث أصبح عديد منهم متعطلا عن العمل، بالإضافة إلى تكاليف الزواج المرتفعة والمبالغة والمغالاة في المهور وتكاليف الزواج، كل ذلك يصرف الشباب عن الزواج، وبالتالي يؤدي إلى رفع سن الزواج بالنسبة للشباب أو الفتيات , وأيضاً تكاليف ليلة الزواج في قصور الأفراح والولائم إلى مابعد ليلة الزواج .
ومن هنا نجد أن مشكلة تأخير سن الزواج لها أبعادها الاقتصادية والاجتماعية، لأن هناك بدعاً وعرفاً فاسداً لابد أن يحارب عن طريق تطبيق منهج الشريعة الإسلامية، ويختلف من مكان لمكان و من أسرة إلى أخرى ، وأيضا هي مشكلة تربوية؛ تحتاج متخصصين في إيضاح الطرق المناسبة للتصحيح ..
لكي لا يلجأ الشباب إلى البحث عن الزواج بطرق غير مشروعة أو العلاقات غير المشروعة كبديل عن الزواج، ومنها زواجات لم نسمع عنها من قبل. وذلك بسبب الفراغ الديني والعاطفي و التربوي والاقتصادي الذي يعاني منه.
فهناك في بعض الأسر التي تتمتع بنمو تربوي كبير يجعل المهر حقاً خالصا تماما للفتاة، ويقوم الرجل بتوفير مستلزمات الحياة الزوجية وكل شيء يتبع ذلك الزواج ,
وهذا عكس تلك الأسر التي تعاني من جشع المال وتجعل الفتاة كسلعة للربح والتجارة.
إن الباءة التي يقصدها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام لم يحدد لها حد، ولكن جعلت لها آداب وهي التيسير، لكن لو كانت هناك باءة ترتفع لمستوى الشخص، فله ذلك طالما لم يأخذ من غيره ...
أين ذلك الزمان الذي كان الكثيرون يرون المهر هدية يقدمها الرجل للمرأة تعبيراً عن تقديره وتكريمه لها وضماناً لحقوقها، بعد أن بات ينظر إليه حالياً على أنه نقمة , تجب المطالبة بإلغائه , كونه لم يعد يؤدي وظيفته في تكريم المرأة وتقديرها " بل أضحى وسيلة للتفاخر " .
ولنا من قول الرسول الكريم أسوة طيبة بقوله : " يسروا ولا تعسروا " وعلينا أن نتبع منهج الإسلام أمام هذه الظاهرة، واتباع الأسس والمبادئ التي تقضي عليها، وتجعل المجتمع متوازناً من خلال تهيئة الظروف المساعدة على الحياة الكريمة والسعادة المطموحة في مختلف المجالات.
التعليقات (0)