مواضيع اليوم

الـعـقـدة ـ ( أدب مترجم )

هاشم هاشم

2010-08-15 11:56:49

0



آه نحن الحمير ...فنحن -معشر الحمير – كان لنا مثلكم يا بني البشر لغة نتحدث بها .


كانت لغتنا الخاصة وشعرنا وأدبنا الجميلان الغنيان .


كانت لنا في الماضي السعيد أغانينا الجميلة وأيضا لنا أناشيدنا الحماسية ,


لم نكن ننهق في الماضي كما ألان حيث نحن اليوم والكل يعلم إن الحال ألان نعبر عن أحاسيسنا ورغباتنا وآلامنا وأفراحنا سوى كلمتين يتيمتين هما {{ها .........هو ...}}
نعم بكل أسف لم يبقى لنا من لغتنا الجميلة سوى هاتين الكلمتين .


ألا ينتابكم الفضول لمعرفة كيف ماتت لغتنا الجميلة الغنية ولم يبقى منها سوى كلمتين هما {{ها .........هو ...}}


باختصار لساننا قد انعقد ,حادثة مخيفة وقعت لنا أطارت لنا صوابنا وأرعبتنا ,فقعدت ألسنتنا وأنستنا لغتنا الجميلة . ومنذ ذلك اليوم لم نعد نتذكر سوى هاتين الكلمتين {{ها .........هو ...}}


عقدة اللسان هذه لها حادثة قديمة جدا ومن مئات السنين يوم كان جدنا الحمار الأكبر يرعى في إحدى المراعي في سهولنا مطمئنا ويغني بحماس .أشتم رائحة غريبة ولم تكن رائحة جميلة كانت رائحة ذئب...

 


رفع جدنا أنفه الى اعلى وتنشق بعمق .رائحة الذئب القوية..قال جدنا مخاطبا نفسه ومواسيا :
-هذه ليست رائحة ذئب ....


لكن رائحة الذئب ازدادت زخما .كان واضحا إن الذئب بدأ يقترب ..واقتراب الذب من أراضينا معناها أن الموت بداء يحوم في المكان ولا مفر منه .
جدنا حاول أن يقنع نفسه انه لا ذئب في المكان وقال مواسيا نفسه :


-أرجو من الله أن لا يكون ذئب .........وان كان حقا موجود .فكيف سيجدني ؟وأين ؟وكيف ؟؟؟؟؟؟
استمر جدنا يواسي نفسه حتى سمع صوتا لم يكن جميلا..بل كان صوت الذئب !!


انتصبت أذنا جدنا الحمار الأكبر عاليتاً واسترق السمع وأرهف له الحس جيدا .
نعم انه صوت الذئب ....
ولكن بقلبه هو لم يكن راض عن مجيء الذئب ليفسد عليه هناؤه وصفاء يومه ,


-كلا لا اعتقد انه صوت ذئب ..ولابد إن أصبحت لا اسمع جيدا .واستمر جدنا في التهام الإعشاب .. وغير مبالي بالخطر من حوله .
ازداد الصوت وضوحا وقربا ولم يزل جدنا يواسي نفسه ويخادعها .:


-ليس ذئبا ..نعم انه ليس ذئب وهذا ليس بصوت ذئب .


ازداد الصوت اقترابا ووضوحا وكان صوتا مخيفا جدا ...وظل جدنا الجمار على عناده


-كلا .كلا ..انه ليس هناك ذئاب في المنطقة .ثم رفع رأسه ونظر حوله فرأى على قمة الجبل ذئبا قد بدا له وسط الضباب ........شعر الحمار برعشة الخوف تنتاب أوصاله


- لا ....لا لا اعتقد أن ماراه ذئبا لا لابد انه شيء أخر أو إي نوع من الدواب


وادخل جدنا رأسه بين الإعشاب مكملا :


-اعتقد إن ماراه مجرد سراب .. بل هو بالتأكيد سراب ليس إلا ......


وبعد برهة من الزمن لمح ذئبا يعدو خلف الشجر , فازداد خوفه ولكنه استمر في خداع نفسه :


-نعم انه ليس بذئب وإلا ما الذي يأتي بالذئاب إلى منطقتنا ؟ وأرجو من الله أن لا يكون ذئبا حقا .
ازداد اقتراب الذئب من الحمار ولم يبقى منه سوى خطوات فقط


-العون يا ربي .أحقيقة أن القادم ذئبا ؟ كلا يجب أن لا يكون ذئب ...العون يا ربي ارجوا أن لا تجعله ذئبا .
ولما لم يبقى من الذئب سوى خطوات اقل خاطب نفسه قائلا


-بمشيئة الله لن يكون ما أراه ذئبا .ولماذا يكون ذئبا ؟ قد يكون جملا أو تيسا أو إي شيء أخر...


أو ربما لم يكن شيء على الإطلاق لقد بدأت لا أرى جيدا وبدأت اخلط في التمييز بين الأشياء المختلفة ..وارى أي شيء من حولي على هيئة ذئب ....


..وعلى بعد خطوات اقل مما سبق بدا الذئب زاحفا نحوه


-اعرف تمام ان القادم ليس بذئب ولكن من المستحسن ان ابتعد عنه قليلا .


مشى جدنا وهو ينظر خلفه مرعوبا وبدا له فم الذئب مفتوح ويسيل منه اللعاب وازدادت خطوات جدنا سرعةٌ وجريا قائلا مع نفسه
-كم انا غبي فعلا ..أخاف من القطة واهرب منها متوهما أنها ذئب !اندفع جدنا يركض بكل قواه وهو ينظر خلفه ..رأى بريق عيني الذئب تتبعانه وأحس بنفس الذئب الساخن يلسع مؤخرته فواسى نفسه قائلا:
-ان هذا المخلوق الذي أحس بنفسه تلسع مؤخرتي ليس بذئبا !!


وحين أحس الحمار بان انف الذئب الرطب يلامس مؤخرته ازداد فزعه ,واستدار خلفه ليرى الذئب وهو يتأهب للوثوب عليه ..فخارت قواه وسقط على الأرض من شدة الخوف ..وأغمض عينيه كي لا يرى الذئب وتأتأ قائلا :


-بمشيئة الله لم يكون ذئبا .
أحس جدنا بمخالب الذئب تنغرز في فخذه فصاح قائلا :


-أعلم جيدا انك لست بذئب .. وإنا لا أحب المزاح ..فدعني وشاني ولا تدغدغني .


قام الذئب الجائع بان اغرز كل أنيابه تنهش في جسد جدنا , وبدأت الدماء تسيل منه بغزارة , وانعقد لسانه من شدة الخوف والفزع وأخيرا تمكن أن يتلفظ كلمات قليلة مبهمة ربما هي :


-ها ...هو ...ذئب ...ها ....هو ...
وبينما الذئب ينهش ويقطع في جسدنا جدنا .استمر يصرخ بانين وهستريا وبلا وعي ربما وكاد صوته الحاد أن يخترق آفاق الزمان والمكان وكانت كلماته هي :


ها .....هو .......ها ........هو .......


ومنذ ذلك اليوم وعلى اثر شدة حزننا وخوفنا ومصابنا الجلل الذي حل بجدنا وفقده القدرة على النطق ورثنا نحن عنه هذه العادة ونسينا لغتنا الجميلة .. وأخذنا إلى اليوم نردد مثل جدنا صائحين :


- ها ...........هو.........ها .........هو
لو لم يحاول جدنا خداع نفسه حين شعر بالخطر من حوله لما سقط في براثن الذئب .....ولدامت لنا لغتنا الجميلة !!!!!!!!!!!!


 

قصة مترجمة عن اللغة التركية
بقلم : عزيز نسين
ترجمة :صفوان الشلبي .





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات