فاجأ راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، خصومه السياسيين، بتصريحات أكد فيها أن «العلمانية ليست إلحادا، بل ترتيبات إجرائية لضمان الحرية». ودعا في مداخلة، قدمها مساء أول من أمس، بمركز دراسة الإسلام والديمقراطية في تونس، إلى ضرورة التمييز بين الدين والسياسة وعدم الفصل بينهما، وتساءل أمام ضيوف المركز: «كيف ندعو إلى إقامة دولة إسلامية في تونس، وتونس دولة إسلامية؟!».
وقال الغنوشي إن الإسلام لم يفرق طوال تاريخه بين الدين والسياسة، ولم يعرف الفصل أو إقصاء الدين عن حياة المسلمين، مشيرا إلى أن الدين كان حاضرا في حياتهم، وأنهم يبقون مطالبين بالاستلهام من قيم الإسلام ما يناسب حياتهم مع ضرورة التمييز بين ما هو ديني وما هو سياسي، وهذا الأمر تام الوضوح بالنسبة للفقهاء، على حد قوله.
وانتقد الغنوشي العلمانية في أوروبا، وقال إنها مجموعة من التجارب العلمانية المختلفة ولا يجب البتة الوقوف عند العلمانية على الطريقة الفرنسية فقط، وقال إن فصل الدين عن الدولة هو من نوع من أنواع تحويل الدولة إلى «مافيا»، والسياسة إلى دجل، على حد قوله.
وقدم الغنوشي قراءة للواقع السياسي التونسي متسائلا عن مصير الحوار الجاري اليوم في تونس، وقال: «هناك تيارات قد ننعتها بالمتشددة، وتيارات إسلامية أيضا قد تأخذ نفس الصفة، أحدهما يريد أن يفرض اجتهادا في الإسلام من فوق بأدوات الدولة، والتيار الآخر يريد تجريد الدولة من كل تأثر بالدين، وتجريد برامج التربية والثقافة من كل تأثير ديني».
وقال الغنوشي إن الإسلام بقي في تونس «بسبب ما يتمتع به من قبول عام لدى معتنقيه»، مشيرا إلى أن المشكلة في تونس تكمن اليوم في الخشية الكبيرة لدى التونسيين من تحرر الدين عن الدولة، واعتبر أن حياد الدولة فيه قدر كبير من المغامرة، على حد قوله.
ودافع الغنوشي عما سماه «الحرية في اتجاهين»، أي حرية الدخول في الدين، وحرية مغادرته، وقال إن الإسلام «لا حاجة له بمنافق»، على حد قوله. وقال إن غموضا كبيرا يسيطر على أذهان التونسيين، والتباسا في المفاهيم حول العلمانية والإسلام ما زال سائدا. وصرح بعبارة واضحة «العلمانية ليست فلسفة إلحادية، وإنما هي ترتيبات وإجراءات لضمان الحرية، وضمان حرية المعتقد، وكذلك حرية الفكر، وهي إجراءات وليست فلسفة إلحادية».
الشرق الاوسط
التعليقات (0)