مواضيع اليوم

الغلاء.. الكل يصرخ ولا من مجيب

nasser damaj

2010-09-05 07:28:57

0

الغلاء.. الكل يصرخ ولا من يجيب!
خليل الفزيع

كثيرون أولئك الذين ألتقي بهم ويطالبونني بالكتابة عن الغلاء، وهم يعتقدون أن الكاتب يملك عصا سحرية يمكن بمجرد هزها أن تأتي بالعجب العجاب، وأن الكتابة يمكن أن تحل المشكلات مع أن الحل ليس بيد الكاتب، ومع ذلك فهو يملك أدوات التشخيص تاركا العلاج لجهات الاختصاص، ومشكلة الغلاء تحتاج إلى حملات إعلامية كبيرة تتولى القيام بها المنابر الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة، تساندها المنابر الدينية من خطباء المسجد والمحاضرات والندوات والكتيبات الصغيرة على غرار ما نراه يوزع في المساجد من كتيبات تعلمنا عن الدين ما نعلم وما لا نعلم، وهي سهلة التداول وعظيمة المنفعة.
الغلاء وباء سرطاني تحتاج معالجته إلى ما يحتاجه أي وباء من استعدادات وإمكانيات وحملات منظمة، تعاقب المتلاعبين بالأسعار وتدعم بعض السلع الاستهلاكية، وتراقب الأسواق بمنتهى الشدة والصرامة، حتى لا تكون هناك فرصة للعابثين ليتلاعبوا بالأسعار كيفما شاءوا وشاء لهم الهوى، وأقصد هوى النفس الأمارة بالسوء.
ولا بد أن نعترف هنا أن الأجهزة الرسمية مقصرة في محاربة الغلاء والحد من اندفاعه المجنون نحو تسجيل أعلى الأرقام، وهذا المارثون التجاري كفيل بان يكتسح كل ما يعترض طريقه من قيم واستقرار وبناء تنموي، فالغلاء يشكل ظاهرة خطيرة تنجم عنها عدة تأثيرات سلبية منها التأثيرات النفسية والاجتماعية والاقتصادية باعتبار الغلاء دافعا أساسيا لسلوكيات وتصرفات تعرقل حركة التنمية الوطنية وتعيق نمو المجتمع وازدهاره، وهي لا تعني إرهاق كاهل الفرد من خلال عدم التوازن بين الدخل ومتطلبات المعيشة، بل هي إلى جانب ذلك تستهلك جزءً كبيرا من مدخراته المالية، وربما أتت على هذه المدخرات نهائيا، وأوصلت الفرد إلى مرحلة الفقر أو الغرق في الديون التي لا تتناسب أقساطها مع دخله، وهذا الخلل في مستويات دخل الفرد ومصروفاته قد تودي به إلى حالات من اليأس ربما تتحول إلى نوع من الاكتئاب المرضي الذي يصعب التغلب عليه، وفي ظل هذه الأجواء من الغلاء الفاحش يسهل استغلال النساء والأطفال للقيام بممارسات غير أخلاقية، تحت ضغط هذه الظروف غير الطبيعية، مما يعني وجوب وجود إجراءات وأنظمة تحد من ظاهرة الغلاء من خلال مراقبة الأسعار وضبط مستويات رفعها من قبل التجار، ولا شك في أن وجود لجان حماية المستهلك قد يسهم في مراقبة الأسعار، وتحديدها بناء على جودة المنتج وما قد يتوفر من بدائل تغني عنه، مع أهمية دعم الدولة للسلع الاستهلاكية الأساسية.
والتجار دائما ما يبررون هذه التصرفات غير الأخلاقية بحجة حرية التجارة،، والهدف هو الاستغلال وإرهاق كاهل المستهلك، ووجود لجان حماية المستهلك في كل مكان، هو السبيل للحد من هذا الارتفاع المجنون للأسعار، لكن المؤسف أن بعض الأجهزة الحكومية المعنية، تحيل المسئولية إلى غيرها، فوزارة التجارة تحيل مراقبة أسعار السوق إلى البلديات والبلديات تحيل إلى وزارة التجارة، و(بين حانا ومانا ضاعت لحانا) كما قول المثل الشعبي، ويبدو أن الضياع لن يقتصر على لحانا بل سيشمل قيمنا وأخلاقنا واستقرارنا الأمني ومنجزنا الحضاري، ووزارة التجارة تتفرج، والبلديات تتفرج والمواطن تسحقه عجلة الغلاء دون رحمة.
المواطن يصرخ: يا تجار.. يا بلديات.. يا وزارة التجارة.. يا عالم.. يا هوه.. أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
فلا يسمع مجيبا، ولا يرى حسيبا أو رقيبا.. فلا حياة لمن ينادَى، ولا حياء لمن يراقِب، ولا صوت لمسئول سوى صوت الصمت.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات