مواضيع اليوم

الغرق في مياه الإنتباه - 1 -

البشير عبيد

2011-04-18 10:01:32

0

 

 الغرق في مياه الانتبــــــــــــــــــــــاه
إلى خليل ﭭويعة

البشير عبيد 


أكلما أقفرت المدن ضاعت في الأزقه
خطى الولد؟
و ارتمى الحبر على الورقة حين كانت يداه
تمسك البيان الأخير الشاهد على صقيع المرحله
ها أنك الآن صبي وحيد تشاكس الدمع
المتساقط منذ عقود
لا أصدقاء هنا
و المكان الفسيح عنقود من الفوضى
الحرائق حذو الحدائق
و النساء اللواتي كتبن أسماءهن
على صبورة الكبرياء
يحملن أحفادهن الى قبس في الغمام
هل كانت ألواح المراكب تبتعد عن تيه المدن
و يقطف الأولاد زهرة الياسمين صبيحة
المذبحه
جثث من الجنوب و الشمال
تتكدس على جنبات الحقول
و الجموع الغفيرة تقترب من ضجيج المقاهي
و تلهث وراء السراب
أحد الفتيان يصيح من بعيد :
كم من بلاد فاجأتها الرياح و مزقتها الخرافه؟
كم من صبايا كسرن المرايا و صرن سبايا ؟ !
لماذا الولد الطالع من رحم الكآبة
لا يراني وحيدا في الزقاق
و يتركني شريدا في صحارى الحدود
ها هم يأتون قبيل هبوب الأرق
و لا أحد يباغتهم سوى الصبي العنيد
هل عاصفة الصحراء أطعمته فاكهة القيام؟
و حده يمضي إلى تخوم الأسئله
صباحا مساءا يمر سريعا أمام المساجد و الكنائس
لعل صديقا قادما من بهاء العناقيد
يجالسه على ضفاف النهر العتيق
و يمازحه بالحكايا
كم من قرى صارت رمادا
و أطفال هنا و هناك، لا يعرفون القراءه
و لا قطع الحلوى
فجأة يصيح الفتى في الجموع الغفيره :
لم لا نموت جميعا و تنتهي المسأله؟ !
لم لا تلمس أيادينا ضفائر حبيباتنا قبل الغروب
أمازال في القلب متسع للحنين
و أولادنا في السراديب ؟ !...

صامت تداهمني الينابيع
غاضب من زمني
آت من مياه الغصون
ذاهبة خطاي إلى شروق البلاد
بعيدا عن صمت الزقاق
المكتظ بالعابرين و وهج الحكايه
مبتهج دمي بالتلال
و مرتبك حتى الهذيان
يا صمتها الخارق للحصار
دع يدي تلملم أحزانها
و ترفع أعلاما لانتصار السنديان
من حيفا و قرطبة إلى سماء الكوفة
تناديني أصوات النوارس
و تكتب على يافطات الشوارع
أناشيد البهاء
و صبية أرهقتهم الأسئلة
ينامون على رصيف الكلام الفصيح
و يلعنون الغروب
من قال بأن جدار القلب قد هشمته
الحروب
و السنونو هاجرت أعشاشها ؟
هل نسينا أحبابنا وحدهم
على الجسر ينتظرون الشاحنات؟
و البعض في الدهاليز
أبعد كل هذا الخراب
تصيح الشفاه و الثكنات مغلقة؟...
كل الذين من هنا مروا نسوا حقائبهم
على التل
مروا فرادى، يترقبون بريق الحنين
و أنهار من الصمت المباغت
للذكريات، يغسل وجوه النساء اللواتي
أتعبهن صقيع المرحله
و الأولاد النائمين يباغتنا أكبرهم خجلا :
سادتي.. نأسف لوقوع المذبحه !
غدا لن تطل على طاولات المقاهي
على شرفات النوافذ
أي قذيفه
ماذا ستحكي العجائز لأحفادها؟
ماذا سنكتب على أوراق بعثرتها
العاصفه ؟
لم تلمس يدي بعد جباه الطالعين
من تراب المقابر
و لم أضع على كتفي معطفي الكستنائي
من جنوب الخرائط المتاخمة للرماد
أقبلت سلمى
و فرت حينما غابت عن سماء المدينه
حمام النفق المعبئ بالأنين
ها قد انصرف الفتى و نام على سرير
الغرابه
و كل من قرأ البيان أدهشته العباره
و مر القتيل وحيدا في الجنازه
وحده الحاضر في الغياب
وحده العازف لموسيقى البحر الباحث
عن المعجزات
خيول من النور تركض في الحقول
و تمكث قرب الرمال .


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !