لا أحد أوقف الطوفان
سوى الولد الخارج من رحم الفجيعه
أكانوا جيشا من ورق؟
أم ماذا...؟
أنهكتنا السهرات و أضرم الفتيان النار في الذكريات
و الحدائق
الأزهار تفتحت على قبر الجندي الغريب
و الفصول شاهدة على تيه الصدى
ها قد قطفوا أحلامه الأولى
حينما أفصح عن مكر الخديعه
الأمراء و الصعاليك العاشقين
لا يرون على وجهك غير الحباء
و الحياد المستحيل ...
صمتك الآن موزع على جميع المرافئ
و حبرك يخط الرسائل
لمن أفنوا عقودا في الترحال
لم ينسوا الغضب القابع في خلاياك
و السؤال الذي رددته الحناجر :
من أين يجيء الحنين؟
- من الجنوب المتاخم للضياع
لست وحدك هذا الصباح
و كل الرجال مضوا
و لم يشربوا الخمر بعد الغداء
وحيدا عبرت طرقات المدينه
و لا أحد أرقته الحادثه
من يذكر بدء النزيف
و الذئاب تقترب من جدران القرى
ليت النساء النائمات يعرفن تاريخ ميلاد
السؤال
و أولى الزغردات التي أطلقتها إحدى الحفيدات
صبيحة الثالث من يناير
تلال من الضوء و الحبر المخادع
هنا كنا، قبل سنين، نرى الورد أحمر من دم
الأسئله
نحلم بالروح منفتحة على جسد البياض
و بمحض إرادتنا نترك أسرانا قرب الشقراوات
الذاهبات إلى عتبات النور
ها قد تناسى الملوك خرير الدماء على أخاديد
التراب
طوبى لهم بما فعلوا
و طوبى لأحفادنا بما سوف يفعلون
فجأة جاء خبر سريع :
.. أخيرا مات الولد الهزيل !
كيف إذن نغرق في مياه الحنين
و نرحل جماعات أو فرادى
جنوبا أو شمالا باتجاه الجفاف المبعثر
ها قد جاء العسكري الوسيم
عاريا إلا من الحبر و ومضة الروح
و تختفي أجنحة الارتباك
عند مدخل الصوت المباغت :
- من زرع البنفسج في التراب الذي كان مقبرة للغزاة
القدامى؟
- مدن الضباب ...
- ماذا تريد ؟
- حفنة من آبار الذهب الأسود ...
مفعم بالتوتر يجيء الولد
يقرأ ورقة بعثرتها الرياح
و لامست الأنامل شرايين الحواس
من زمان الجواري الحسان أخذوا مقاعدهم
و ناموا على صدور الأمهات
لم يكتبوا بيانا واحدا لانفلات الصوت
من مدارات المدى
و لم يقطفوا زهرة الجلنار ...
حيفا الآن .. حافية القدمين
و الشرائع غائبه
أيحلو لأبناء المدن التي لم تلد إلا الهزائم
أن يداعبوا زوجاتهم كلما عم الخراب
ليكن هذا الفتى شريدا أو هزيلا
و ليذهب الجالسون على الربوه
إلى متحف النسيان
هنا وقفت بغداد كالولد المهاجر
تلملم شتات الاحتجاج
سنكتب اعترافا على هذا الرخام :
قتلنا هنا، و من هذا الحطام تزهر زهرات الجنوب
يظل الفتى لصيقا بغبار المعركه
و لولا مروري عليه
لكاد أن ينادي في الجموع الغفيره ..
هذا ما جناه علينا الفرنجة
و ما جنينا على أحد
ها قد عبروا مياه الخليج، جماعات أو فرادى
و لم يجدوا غير صياح العيال
إذن مات الرجال وقوفا كذاك النخيل
و جاءت العربات ..نركب الواحد تلو الآخر
و لم يبق سوى قلق الانتظار
و نصف هذا السؤال :
أتأتي الروح إلى ضفة الجرح قبل الجسد
أما الغنائم فتسرع الخطو بعد الغزوات
إلى فاكهة الزمن العسير
فرت خطوات الفاتحين هروبا من سراب
الجحيم
بدمها تفتك بغداد تذكرة العبور إلى الحياة
لم تلتقط صور الأجداد القابعين
في زوايا الكبرياء
و لم تنحن للسلام الذي رفعوا قامته في السماء
الغائمه
هل سنمنح أطفالها خبزا و ماء و فاكهة ؟
و نكتب ملهاة هذا الزمان على جذوع الشجر
لم نعانق ولدا شردته القذائف
و لم نغسل حزن اليتامى بمطر خبأتها
الفصول
بماذا سيأتون لأحلام عاودها الانكسار
و أقدام فاجأتها الشظايا
كدنا ننسى أسماء قتلانا
وامرأة بلا خجل تمادت في الصراخ :
تركت يداي قليلا من عطر لندن
على صدر الأسير الأخير..
من سيبلل صدى أصواتنا بدخان الأزمنة
الغابره؟
من يحمي حدودا تداعت
و أقدام بيض الشمال تبحث عن بهاء الخرائط
و حيفا أرضعت الفتى حليب النهوض
ماذا سنحكي لأولاد أحفادنا
بعد رحيل الحصار... ؟
التعليقات (0)