العودة للإسلام
منذ زمنٍ بعيد والمجتمعات الإسلامية تٌردد مٌفردة العودة لأحكام الإسلام , العاطفة الغير منضبطة استغلتها شخصيات وحركات ومليشيات لتنفيذ مشاريع سياسية على أرض الواقع فأصبحت ظاهرة الإسلام هو الحل حاضرة وبقوة بالشارع منذ أن أفترق الصحابة سياسياً ودخل العالم الإسلامي نفق التأزم السياسي والاجتماعي والفكري الذي ما يزال مستمراً إلى اليوم .
هناك أخطاء وهناك سوء تطبيق وهناك أراء فقهية لم تعد صالحة للزمان والمكان وهناك تعصب وسذاجة لكن كل ذلك لا يٌبرر تضليل المجتمعات بشعارات جوفاء وإدخالها بمنطقة الصراعات السياسية والأيديولوجية بقوة العاطفة وتحت ضغط الجهل والرغبة في التخلص من الكوارث وحالة التخلف والتردي التي تعيشها , ليس السنة وحدهم من يعيش تلك الظلمة الفكرية بل حتى الشيعة يعيشون نفس الظٌلمة فالشعار هو الشعار والأهداف تتغير تبعاً للاختلاف الأيديولوجي بين الطائفتين , العلة ليست في المجتمعات بل فيمن يتلاعب بالحقائق والمقدسات والشعارات يمنةً ويسرة لتحقيق غايات شرها على المدى البعيد مٌستطير , لو تمعنت المجتمعات قليلاً في التاريخ القديم لوجدت أن الصراعات السياسية استخدمت شعار الإسلام هو الحل لتحقيق نصر ومكاسب على أرض الواقع منذ العهد الأموي وحتى الاستعمار العثماني وما يزال ذلك مستمراً حتى اليوم فالدين أداة ووسيلة تٌستخدم لتحقيق مكاسب سياسية دون أدنى اعتبار للقيم والمسلمات , الإرهاب المؤدلج وسطوة التكفير ومصادمة المجتمعات وتعطيل التنمية والحضارة سداً لذرائع شيطانية هي الناتج الحقيقي لمٌفردة الإسلام هو الحل , قد تتحمل المجتمعات جزءاً كبيراً من المسؤولية لأنها سلمت العاطفة والعقل لمؤدلجين وباحثين عن مكاسب سياسية واجتماعية لكن المسؤولية الحقيقية يتحملها من رفع الشعار واستخدم الدين لتحقيق مكاسب يظنها سهلة المنال , المتدينون وعصاة الأمس يسرحون يمنةً ويساراً يٌرددون شعارات من سبقوهم ويستخدمون نفس الأساليب للتأثير على العقول وهنا تبرز إشكالية غباء المجتمعات التي تقع فريسة لمثل تلك الشخصيات ؟
الإسلام ليس في حاجة لمن يرفعه عالياً بل بحاجة لمن يطبقه على ذاته قبل المناداة بتطبيقه على المجتمع مع مراعاة أحوال المجتمعات والمتغيرات الفقهية والزمانية والتمعن جيداً بقاعدة أنتم أعرف بشؤون دنياكم النبوية فتلك القاعدة هي مصل شعار الإسلام هو الحل فالإسلام لا يصادم الحضارةوالمدنية ولا يقف ضد تقنين الشريعة والأحكام وضبط الفضاء الاجتماعي بقوانين حضارية وليس سيفاً مٌسلطاً على الرقاب يٌخضع الناس وينشر الكراهية بينهم , ما يجب أن يٌقابل تلك الدعوات المشبوهه للعودة إلى الإسلام هو الدعوة إلى التحضر والمدنية وسيادة القانون والمؤسسات المتخصصة والمراجعات الفقهية والتنوير فالمجتمعات تستجيب لمن يمد يده لينتشلها من القاع ويد التحضر والمدنية هي اليد الطولى حتى وإن وقفت خفافيش الظلام ضد ذلك وبدأت تٌخطط لبث سموم العودة إلى الإسلام الذي في حقيقته ليس إسلاماً بل كٌفراً لا يقبل المجادلة والمناقشة ؟
التعليقات (0)