مواضيع اليوم

العوامل الاقتصادية المؤثرة علي نشر الاخبار

نصر عامر

2010-05-27 06:11:30

0


تؤثر عوامل اقتصادية داخلية أى من داخل المؤسسة الصحفية على اختيار وانتقاء ونشر المواد الإخبارية ومن أبرز هذه العوامل ملكية الصحيفة والوضع المالى للمؤسسة الصحفية، وفيما يلى عرض مفصل لكيفية تأثير هذين العاملين فى اختيار ونشر المواد الإخبارية فى الصحف اليومية.
1-ملكية الصحيفة.
أثبتت التجارب أن هناك اختلافات ملموسة بين مستوى تمتع الصحفيين بحقوقهم فى ظل أنماط معينة من الملكية الصحفية أكثر من سواها وخصوصاً ما يسمى بالملكية الاجتماعية وهى ليست ملكية الدولة أو الملكية الخاصة، ويمكن الاستشهاد ببعض التجارب فى دول أمريكا اللاتينية. والواقع أنه لا يوجد نموذج عالمى قابل للتطبيق فى كل المجتمعات والأزمنة ولكنها تجارب تستحق الدراسة للتعلم من إيجابياتها( ).
فهناك ثلاثة أشكال لملكية وسائل الاتصال الجماهيرى ومن بينها الصحافة وهى ملكية الدولة مباشرة، والملكية الفردية الخاصة، ونمط ثالث وهو نمط الشركات العامة المستقلة إلى جانب الشركات التعاونية التى تعمل بشكل اقتصادى. وتختلف أنماط ملكية الصحف من بلد لآخر باختلاف النظم السياسية والاقتصادية وإن كانت معظم النظم تتبع أكثر من نمط من أنماط الملكية معاً، فالشائع إذاً هو وجود ملكية مختلطة( ).
وفى مصر على سبيل المثال حدد القانون رقم 148 لسنة 1980 فى المادة 52 منه أشكال الملكية المسموح بها طبقا له فى ملكية الأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة، وإن اشترط فى الصحف التى تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة فيما عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات أن تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مساهمة أسهمها جميعاً اسمية ومملوكة للمصريين وحدهم، وبحيث لا يقل رأس مال الشركة المدفوع عن مليون جنيه إذا كانت الصحيفة يومية أو 250 ألف جنيه إذا كانت أسبوعية و 100 ألف جنيه إذا كانت شهرية( ).
وأعطى القانون للمجلس الأعلى للصحافة أن يستثنى من بعض الشروط السابقة، ولا يجوز أن تزيد ملكية الشخص وأفراد أسرته، (الزوج والزوجة والأولاد القصر) وأقاربه حتى الدرجة الثانية عن 10% من رأس مال الصحيفة، وأجاز القانون أيضا إنشاء شركات توصية بالأسهم لإصدار مجلات شهرية أو صحف إقليمية ويسرى عليها الشروط السابقة( ).
وترى الدكتورة عواطف عبد الرحمن أنه لا يمكن الارتكان إلى عنصر الملكية وحدها لضمان تحقيق الديمقراطية فى مجال الاتصال عامة فضلا عن ضمان حماية الحقوق المهنية للصحفيين( ). ففى بعض دول العالم الثالث فإن ملكية الحكومات للمؤسسات الصحفية يجعلها تستلهم معايير تقييم الأخبار والموضوعات الصحفية من وحى قرارات وسياسات وتعليمات الحكومة، وقد يتم هذا بصورة مباشرة من خلال مواثيق وتعليمات رسمية ، وقد يتم بصورة غير مباشرة من خلال استيحاء رؤساء تحرير هذه الصحف لسياسة الحكومة ومن ثم تنفيذها( ).
ونظراً لأهمية ملكية الصحيفة بوصفها عاملا من عوامل التوجيه التى تؤثر فى طبيعة المضمون فقد حدا ذلك بالحكومات أن تنظر بعين اليقظة للمشرفين على المؤسسات الصحفية والمالكين لها، فمارست الرقابة بوسيلة أو بأخرى على الصحف، وأحيانا تأخذ هذه الرقابة شكل إعانة مالية لا تستطيع الصحيفة الاستغناء عنها، ومن ثم لا تحيد قيد أنملة عن توجهات الحكومة( ).
ويمكن قياس خطورة الاستخدام السئ لملكية الصحف مما جاء على لسان جواهر لال نهرو الزعيم الهندى الراحل الذى قال أن شركات الأسلحة قاومت فكرة نزع السلاح بالصحافة وذكر أن المصانع الخاصة بالأسلحة اشترت الصحف للتأثير فى الرأى العام بما يخدم مصالحها.. وهكذا يؤكد خطورة سلاح المال فى مجال الصحافة( )
ويلخص الدكتور محمد فريد عزت تأثير الملكية على المؤسسات الصحفية والإعلامية وإدارتها فيما يلى( ):
• يقرر مالك المؤسسة الإعلامية سياستها وأهدافها، ويقوم بتوجيهها سوءاً كان هو مديرها أم لا.
• يقوم مالك المؤسسة الإعلامية بالإشراف على تعيين الموظفين وتحديد مسئولياتهم بغض النظر عن أهليتهم لتحمل المسئولية.
• يتدخل مالك المؤسسة الإعلامية فى إصدار القرارات حتى لو تعارضت مع قرارات المدير التنفيذى.
• يحدد مالك المؤسسة الإعلامية ميزانيتها مما يؤثر فى نشاطها بوجهيه التحريرى والإدارى.
2-الوضع المالى للصحيفة:
العلاقة بين القدرة الاقتصادية للمؤسسات الإعلامية وبين مستواها الإعلامى علاقة واضحة إذ بقدر ما يتوفر دخل مستقل وقوى، بقدر ما تستطيع المؤسسة الإعلامية التحرك بحرية، والتعبير بحرية أكبر وبقدر ما تكسب قراءة جدد( ).
وتعتبر دور الصحف منشآت اقتصادية كبرى ذات استثمار ضخم كما تعتبر الناحية الإدارية فى الصحيفة ذات خطر كبير وتأثير بالغ على النشاط الصحفى، ولا يكفى توفر رأس المال والخبرة الفنية فى التحرير والإخراج والطباعة وحرية الصحافة لنجاح الصحفية بل لابد أن تكون هناك إدارة ناجحة قائمة على أسس علمية( ).
ويجب أن تحقق هذه الإدارة العلمية مركز مالى للصحيفة يحقق لها الاستقلال الاقتصادى، ولن تتمكن الصحيفة من الوصول إلى هذا الاستقلال إلا إذا كانت تحقق ربحا يمكنها من الاستمرار فى الصدور، وتطوير الخدمة الصحفية بها، ومسايرة التطور العلمى والتكنولوجى فى صناعة الصحافة فى العالم دون الاعتماد على مصادر خارجية، قد تقيد من حريتها( ).
وترى الدكتورة ليلى عبد المجيد أن من أبرز المشاكل الاقتصادية التى تواجه الاتصال الفجوة التى تظهر فى كثير من الحالات بين التكلفة الكلية للنشاط الاتصالى وبين الدخل الذى يتحقق من مبيعات المنتج الاتصالى والإعلان وغيرها من مصادر تمويل المشروع الاتصالى، وأن هذه المشاكل تزداد حدة مع ضخامة الموارد المالية والاستثمارات التى تحتاجها وسائل الاتصال الجماهيرى لتصبح فى مقدورها أداء عملها بالفاعلية المطلوبة( ).
وبالإضافة إلى ذلك يقع على عاتق المؤسسة الصحفية توفير الضمانات الاقتصادية للصحفيين والعاملين بها، وتتعلق هذه الضمانات بالمستوى المعيشى اللائق وتنظيم حقوق الصحفيين المالية والوظيفة التى تتصل بحق الصحفى فى المعاش ومكافأة نهاية الخدمة، والضمانات الخاصة بمستوى الأجور والعلاوات وتنظيم ساعات العمل( ).
ويربط بعض الباحثين بين رضا الصحفيين عن رواتبهم ومكافآتهم، وبين نوعية أدائهم لعملهم الصحفى، فالصحفى الذى يعانى من ضعف راتبه قد يدفعه ذلك إلى القيام بأكثر من عمل مما يشتت جهده، وينعكس ذلك على دقته وكفاءة عمله، ومن ناحية أخرى يرى البعض أن حصول الصحفى على راتب كبير يدفعه إلى تبنى قيم النظام السائد وتخليه عن اهتمامات الجمهور( ).


هناك عدة عوامل اقتصادية خارجية أى من خارج الصحيفة تؤثر على عملية اختيار وانتقاء ونشر المواد الأخبارية فى الصحف اليومية ومن أبرز هذه العوامل الإعلان التجارى والأوضاع الاقتصادية للمجتمع الذى تصدر فيه الصحيفة، وفيما يلى عرض مفصل لهذين العاملين.

1-الإعلان التجاري
مازال الإعلان على الرغم من كل ما حققه من انتشار وذيوع، واقتحامه لكل وسائل الاتصال، من أكثر الأدوات والأساليب التسويقية والإدارية والاتصالية التى تتعرض للجدل والنقاش، فكلما تعددت تعريفات الإعلان اختلفت الآراء والاتجاهات والمواقف حول جدواه للجمهور( ).
ويمكن تعريف الإعلان بأنه عملية نقل معلومات عن سلعة أو خدمة أو فرد أو مؤسسة أو غيرها إلى جمهور معين بغية التأثير على سلوكه لكى يتقبلها أو يقدم عليها. وقد عرفت لجنة التعاريف التابعة لجمعية التسويق الأمريكية الإعلان بأنه: "هو الجهود غير الشخصية أو التى يدفع عنها مقابل بواسطة ممول معين لعرض الأفكار أو السلع أو الخدمات وترويجها"( ).
والإعلان يدر على وسائل الإعلام دخلا وفيراً إلى درجة تمكن القائمين على وسائل الإعلام من خفض تكلفة تلك الوسائل وتوفيرها بأسعار زهيده فى متناول الجمهور، وذلك بالنسبة للصحف بالذات، إذا لولا الإعلان لما تمكنت الجرائد من أن تكون أسعارها زهيده – كما هى عليه فى بعض الدول – باعتبار أن الجرائد تكلف كثيراً( ). وقد أثبتت الدراسات أن إيراد الصحيفة من التوزيع لا يقوم إلا بثلث تكاليف الإنتاج، وباقى الثلثين تحصل عليه من موارد أخرى مثل الإعلان، ومن هنا تقع الصحيفة تحت سيطرة المعلنين وأصحاب رؤوس الأموال( ).
ودخول الإعلان فى حياتنا المعاصرة وتفاعله مع كل مظاهر هذه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قد أثار كثيراً من الانتقادات حيث لم تلق رسائله ووسائله كل الرضا من كل فئات المجتمع، وسارعت الأنظمة المختلفة لوضع القيود والضوابط المنظمة لهذا التفاعل باعتبار أن المستهلك هو الضحية فى نهاية الأمر( ).
وتقول الدكتورة أمير محمد العباسى أن عملية صنع القرار فى المؤسسة الإعلامية يخضع للعديد من المؤثرات التى يكون الإعلان واحدا مهما منها، بل ويضيف بعداً جديداً فاعلا فى تحديد مخرجاتها. وقد يلجأ بعض صانعى القرار فى المؤسسات الإعلامية إلى رفع سعر الإعلانات لتغطية زيادة الأجور، وفى إطار ذلك قد يرحب المحرر بنشر المادة الإعلانية على حساب مادته التحريرية أملا فى زيادة الإيرادات الإعلانية لصحيفته( ).
وترى الدكتورة عواطف عبد الرحمن أن هناك آثاراً سلبية عديدة للإعلانات على الوظائف الإعلامية والثقافية والأدوار السياسية والاجتماعية للصحافة. فهى تحرم القراء من حقوقهم الإعلامية والثقافية فضلا عن دورها فى إفساد الصحفيين وتحويلهم إلى أبواق لشركات الإعلان بتسخير المادة الصحفية لخدمة الأهداف التجارية لهذه الشركات، علاوة على ما تسهم به الرسائل الإعلانية فى خلق أنماط استهلاكية معادية للاقتصاد الوطنى فى الدول النامية الفقيرة( ).
2-الأوضاع الاقتصادية للمجتمع
يؤثر الاقتصاد تأثيراً مباشراً على الإعلام، فالدول الغنية بإنتاجها واقتصادها، يكون لذلك انعكاسه على نظامها الإعلامى، من حيث القوة والتقدم، وقد أدى تطور الاقتصاد وما يرتبط به من تقدم تكنولوجى إلى التطور فى وسائل الإعلام والاتصال العالمية، الأمر الذى جعل الحصول عليها أو استيرادها أو تصنيعها يحتاج إلى أموال طائلة، وهكذا انعكست درجة التقدم الاقتصادى على الاتصال الدولى، حيث سيطرت الدول الأكبر تقدماً على وكالات الأنباء العالمية المؤثرة( ).
وفى تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتعليم والعلوم والثقافة أن أكثر الصحف والمجلات والدوريات تنشر فى الولايات المتحدة أكثر من أى دولة فى العالم وأنها تمتلك أكبر الوكالات العالمية للأنباء وأكثرها توزيعا محلياً وعالمياً وهما وكالتى أبناء الأسسوشيتدبرس واليونيتدبرس أنترناشونال( ).
وكشفت الحرب اللبنانية (فى الثمانينيات) مدى تأثير العامل الاقتصادى فى الإعلام إذاعة وصحافة، فقد توقف عدد كبير من الصحف عن الصدور بفعل تلك الحرب التى حرمتها مصادر اقتصادية كثيرة، وقد ازدهرت الصحف فى المقابل عندما توفرت لها موارد اقتصادية بعد انتهاء الحرب فالعلاقة تبادلية بين رواج وسائل الإعلام واتساعها وبين المناخ الاقتصادى العام وتقدمه من ناحية أخرى( ).
ومما لا شك فيه إن استخدام وسائل الإعلام يزداد بزيادة الدخل الاقتصادى، فأصحاب الدخل العالى يميلون إلى قراءة الصحف والمجلات والكتب أكثر من أصحاب الدخل المحدود( ). كما أن الوضع الاقتصادى العام للأفراد فى المجتمع يؤثر على عملية سريان وتناقل المعلومات، ففى مجتمع يعانى غالبية سكانه من حالة فقر عام وجمود فى الحراك الاجتماعى واستحواذ قلة من سكانه على غالبية الدخل فإننا نجد جل ما يشغل بال أفراد هذا المجتمع هو كيفية مواجهة نفقات أسرهم
وتتضائل لديهم الرغبة فى الحصول على المعلومات أو التعرض أصلا لوسائل الإعلام( ).




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !