مواضيع اليوم

العوامل الاجتماعية المؤثرة علي نشر الاخبار

نصر عامر

2010-05-27 06:15:37

0


هناك عدة عوامل اجتماعية تؤثر من داخل المؤسسة الصحفية على اختيار ونشر المواد الإخبارية، ومن هذه العوامل الخصائص الاجتماعية للصحفيين وتشمل متغيرات النوع والعمر والحالة الاجتماعية والانتماء العرقى والطبقى للصحفيين، ومن العوامل الاجتماعية التى تعمل من داخل الصحيفة أيضا الاتجاهات الدينية والخلفية التعليمية للصحفيين.
وفيما يلى عرض لهذه العوامل الاجتماعية.
1-السمات والخصائص الاجتماعية للصحفيين
موضوع القائم بالاتصال ظل – حتى وقت قريب نسبياً- بعيداً عن اهتمام الباحثين فى الجوانب الاجتماعية لظاهرة الاتصال الجماهيرى. فمنذ بدأ الاهتمام ببحوث الاتصال فى النصف الأول من القرن العشرين تركزت الدراسات الاجتماعية بدرجة واضحة على الموضوعات المتصلة بالجمهور المتلقى للرسالة الإعلامية ومضمون هذه الرسالة، وعلى الرغم من الأهمية البالغة التى يشغلها القائم بالاتصال فى العملية الاتصالية إلا أن البحوث التى تناولته من المنظور الاجتماعي قد ظهرت فقط بدءاً من النصف الثانى من القرن العشرين( ).
ومن المؤكد أن الصحفيين يقومون بدور يصعب تجاهله فى عملية توجيه الأخبار ، وأن شخصية هؤلاء الصحفيين وخلفياتهم الاجتماعية وكفاءتهم المهنية تلعب دوراً كبيراً فى هذه المجال، بل أن كافة المصادر التى تؤثر فى هذه العملية تمارس تأثيرها من خلال هذه الطرف الذى يتولى مهام تحريك العملية برمتها من جمع الأخبار وصياغتها إلى تقييمها ونشرها، وعلى ضوء ثقافة وفهم هؤلاء الصحفيين يتحدد مصير جانبا غير قليل من القصص الأخبارية( ).
وفى دراسة أجراها أساتذة الأعلام بجامعة (انديانا) على عينة من الصحفيين تمثل المجتمع الأمريكى وتناولت فى جانب منها الخصائص الاجتماعية والشخصية للصحفيين توصلت إلى النتائج التالية( ):
• أنّ أعمر الصحفيين سنة 1992 كانت 36 سنة مقارنة بـ32 سنة عام 1982.
• فى عام 1992 كانت نسبة النساء العاملات فى المجلات المتعددة على النحو التالى:
• 445.1% فى المجلات الأخبارية.
• 44.1% فى الصحف والجرائد الأسبوعية.
• 33.9% فى الصحف والجرائد اليومية.
ويتضح من هذه الدراسة أن الصحفيين صغار السن نسبياً وأن المرأة تتجه إلى المجلات والصحف الأسبوعية بنسبة أكبر من الصحف والجرائد اليومية حيث أثبتت الدراسة أن أكثر من 45% من الصحفيات يعملن فى المجلات الأخبارية وأكثر من 40% يعملن فى الصحف والجرائد الأسبوعية بينما تنخفض هذه النسبة إلى 33.9% فى الجرائد اليومية.
وأثبتت دراسة على القراء والمحررين أجراها" جون ستون" أستاذ علم الاجتماع أن الصحفيين بالولايات المتحدة يتميزون بمستويات مرتفعة من الدخول ومكانة اجتماعية أعلى من المواطن الأمريكى العادى وحدد مواصفات الصحفى النموذجى فى أنه من البيض، بروتستانتى بالرغم من كونه ليس من النشطاء فى الكنيسة، ومن الذكور، وأصغر سنا من أغلبية العاملين، وهو أيضا شخص معتدل فى المعتقدات السياسية، وهو شخص ذو أراء معتدلة غير متطرفة ومؤيد عادة للنظم الديمقراطية والإصلاحات الاجتماعية( ).
وفى دراسة أخرى أجريت على 240 صحفياً أمريكيا توصلت إلى أن 86% منهم يعتبرون أنفسهم رأسماليين وهذا ليس بالأمر المدهش أو المذهل إذا أخذنا بعين الاعتبار أن نصفهم تقريبا يكسب أكثر من 50 ألف دولار سنوياً( ).
ويرى أساتذة الإعلام أن ثمة علاقة بين الخلفية الاجتماعية والثقافية للصحفيين والمضمون الصحفى وأنه يمكن تصور هذه العلاقة فى ضوء الدراسات التى تشمل النوع، والعمر، والحالة الاجتماعية، والانتماء العرقى والطبقى للصحفيين والتى أثبتت أن هذه المتغيرات تشكل مؤثرات مباشرة على الصحفيين وأدائهم لعملهم وطبيعة التوجهات التى يسلكونها والخيارات التى يتبنونها وكيفية تعاملهم مع المادة الصحفية( ).
ففي دراسة أجراها "وايت" حول كيفية تحرير الأخبار التى ترسلها وكالات الأنباء بالتلكس لإحدى الصحف الأمريكية الصباحية، وجد أن (عُشر) اختيارات المحررين لهذه الأخبار يعتمد على الاحتكام إلى القيم الموضوعية العليا التى ترتبط بخبراتهم الخاصة واتجاهاتهم وميولهم الاجتماعية"( ).
ويقول "رتشارد كيبل" أن المهنية أو الحرفانية تتطلب بوجه عام الموضوعية المؤكدة وحياد المصادر، وفى الحقيقة أنه من الصعب الحفاظ على ذلك، فكثيراً ما يظهر أن الصحفيين يحجبون مصادرهم، وأن الاحتكاك الدورى بين الصحفيين ونخبة المصادر يجعلهم عادة متهمون ببذر طبقة معارضة من منظور النخبة، ويؤكد "كيبل" على أن الصحفيين يميلون لكى يكونوا جزء من نفس البيئة الاجتماعية، كالنخبة السياسية، فهم يتكلمون نفس اللغة وعادة ما يجيئون من خلفية اجتماعية وتعليمية متشابهة( ).
2-الخلفية التعليمية للصحفيين
الفلسفة الجديدة لتعليم الصحافة والاتصال تهدف إلى الجمع بين جانبين: الجانب الأول هو المهارات القابلة للنقل بشكل آنى وتتعلق بعمليات الكتابة والتحرير والإخراج والإدارة واستعمال الأجهزة والتقنيات والأنظمة التقنية والاتصالية الجديدة، والجانب الثانى للفلسفة الجديدة لتعليم الصحافة والاتصال هو الذى يركز على جوهر عملية الاتصال بالجماهير وبعديها الاجتماعى والإنسانى( ).
والواقع أن النظم التعليمية فى الدول الناشئة حديثاً تكون فى كثير من الأحيان قاصرة. كما أن كل الدول الفقيرة ليس لديها إلا إمكانيات تدريب ضئيلة، ويمكن القول دون مجازفة أن أغلبية الصحفيين فى دول العالم الثالث يشعرون بشدة أنهم فى حاجة إلى مزيد من التدريب والتعليم( ).
ويقول الدكتور محمود علم الدين أنه حتى بداية القرن العشرين كان أغلب الصحفيين لا يلتحقون بكليات أو مدارس الصحافة ، أما اليوم فغالبية محررى الصحف خاصة صغار السن فى العالم حاصلون على درجات جامعية، وهناك شبه اتفاق اليوم على الحاجة إلى خريجى كليات ومدارس الصحافة( ).
وأشارت بعض الدراسات الصحفية إلى أن الحاصلين على درجات جامعية فى الصحافة تتزايد لديهم درجة الثقة بالنفس حول كيفية أدائهم لعلمهم الصحفى وقراراتهم الأخبارية، وأن الصحفيين غير المؤهلين تتراجع لديهم معدلات الدقة والاكتمال فى التغطية الإخبارية ( ).
وفى دراسة أجريت على 1410 من الصحفيين الأمريكيين توصلت إلى أن نسبة الحاصلين على شهادات جامعية كانت فى زيادة حيث بلغت عام 1992 نسبة 82% وكانت 74% عام 1982 و 58% عام 1971، وتوصلت هذه الدراسة أيضا إلى أن المجلات الإخبارية لديها أعلى نسبة من خريجى الجامعات وتصل إلى 95% ، كما أن 39% من وسائل الإعلام يعمل لديها طلاب لم يتخرجوا بعد ومازالوا فى مرحلة الدراسة( ).
ويقول الدكتور فاروق أبو زيد:" رغم اعترافنا بأن الصحافة فن .. إلا أننا نضيف إلى ذلك أن الصحافة ينبغى أن تكون علماً منظما منضبطاً .. ولكى تكون الصحافة علماً تحتاج أن تنظم معارفها وفق معايير موضوعية قابلة للضبط الكمى عن طريق استخدام مناهج بحث تمكنا من التأكد من صحة هذه المعارف( ).
3-الاتجاهات الدينية للصحفيين:
لعبت الأديان وما تزال أدواراً مؤثرة ومهمة فى حياة الأمم والجماعات على اختلاف معتقداتها وأديانها، وقد طبعت الأديان سلوك الجماعات وأنماط حياتها وأنظمتها السياسية والاجتماعية بطابعها، فما من أمة من الأمم، أو جماعة من الجماعات إلا تأثرت بصورة أو بأخرى بالعامل الدينى( ).
ويعد الدين مؤثراً مهماً فى تكوين عقيدة الصحفيين وقيمهم وخياراتهم، وتظهر تأثيراته سواءاً فى تغليب نوعية مضامين معينة عن سواها، أو فى التعرض لقضايا معينة وتجاهل أخرى. ويتزايد هذا التأثير فى المجتمعات المحافظة ذات الرسالات السماوية، ويساعد وجود توافق بين الانتماء الدينى للصحفيين وبين غالبية أبناء المجتمع على وجود درجة من التجانس بينهما( ).
وإذا كان المجتمع بطبيعته ميالا للتدين فإنه يجبر وسائل الإعلام أن تساير هذا الاتجاه، ولو كانت غير مقتنعه به، لأن وسائل الإعلام كما هو شائع فى هذا العصر، قد وجدت لترضى جميع الناس( ). وعلى الرغم من أهمية الدين بوصفة أحد مقومات النظام الثقافى إلا أن الدين قد يستخدم استخداماً سيئاً كأن يعبأ به البسطاء من المتدينين ويلهب حماسهم لخدمة غرض معين( ).
وفى دراسة أجريت على الصحفيين المصريين وجد أنه على خلاف التأثير السلبى للبعد السياسى ضمن مكونات الرقابة الذاتية فقد رأى بعض الصحفيين أن الرقابة الذاتية التى تقوم على أساس التوجهات الدينية إيجابية وبلغت نسبة من أجابوا بالموافقة 80% من أفراد العينة( ).

هناك عدة عوامل اجتماعية تعمل من خارج المؤسسة الصحفية وتؤثر على اختيار وانتقاء ونشر المواد الأخبارية فى الصحف اليومية ومن أبرز هذه العوامل طبيعة الثقافة السائدة فى المجتمع، والاتجاهات والمصالح الاجتماعية وفيما يلى عرض مفصل لتأثير هذين العاملين .
1-طبيعة الثقافة السائدة فى المجتمع:
من الضغوط التى تؤثر على انتقاء الأخبار ونشرها ما يمكن أن نسميه بالذوق الاجتماعى الذي يفرض على الصحفيين التزاماً بهذا الذوق، وتذوق الجمهور هو جزء من كيانهم الاجتماعى وهو ما يسمى بالثقافة الجماهيرية، والإعلامى يواجه ضغطا من قبل هذا الذوق . ومن ثم فإن أنماط من الرسائل الإعلامية قد تكون ذات أهمية فى بيئة اجتماعية ، ولا تكون كذلك فى مكان آخر( ).
وكثيراً ما تجرى البحوث لمعرفة اتجاهات الرأى العام وذلك بقصد توجيه الاتصال بما يرضيه، إلا أنه تحدث أحيانا فى نفس الوقت عملية ضمنية، فكل من مصدر الرسالة والناس ينظرون غالبا إلى الموضوعات بنفس المنظار، والناس ينتقون ما يرضيهم، كما أن المصدر يقدم ما يظن أنه يرضى الناس( ).
ويرى الدكتور سامى ذبيان أن المجتمع المحافظ يعكس نفسه على أجهزة الإعلام، فلا تستطيع الوسائل الإعلامية فى ظله الذهاب بعيداً فى تقديم ما هو مرفوض فى هذا المجتمع ، كما أن صحيفة لا تستطيع أن تكتب أو تتعاطى مع أى موضوع خارج الحس العام السائد فى مجتمع تلك الصحفية( ).
وتشير أغلب الدراسات العلمية التى أجريت على النظم الإعلامية المعاصرة إلى أن جوهر الأزمات المعاصرة التى تعانى منها هذه النظم يكمن فى غياب المعرفة المتعمقة للجمهور سواءاً من ناحية احتياجاته الاتصالية أو مواقفه أو اتجاهاته إزاء المواد الإعلامية التى تحاصره بها وسائل الإعلام المحلية والعالمية أينما وحيثما وجد، ولا شك أن غياب الحوار بين وسائل الإعلام تضع المسئولية على عاتق وسائل الإعلام التى لم تبدأ جدياً فى إجراء استطلاعات لرأى الجمهور واتجاهاته إلا فى إطار السياسات التسويقية التى تقوم بها شركات الإعلان الدولية وفروعها المحلية( ).
ويرى أساتذة الإعلام أن من أهم المعوقات الثقافية الاجتماعية للاتصال ما يلى( ):
أولا: التباعد الاجتماعى: ويزداد أثر هذا التباعد على عملية الاتصال مع ازدياد الفوارق اللغوية والعرقية والدينية والمذهبية والفكرية والسياسية.
ثانيا: الانحياز الاجتماعى: وعنه ينشأ التعصب الدينى والإقليمى والفئوى.
ثالثا: طقوس الاتصال: لكل مجتمع طقوسه الخاصة بعملية الاتصال بحيث تكون معرفة هذه الطقوس واجبة وضرورة أساسية للاتصال بهذا المجتمع.
رابعا: سيمياء الاتصال: وهو علم بحد ذاته يهتم بدراسة الدلالات اللغوية للمعانى والكلمات فلكل مجتمع شفرته الخاصة به.
2-الاتجاهات والمصالح الاجتماعية:
يجب أن لا نفهم الأخبار كقوة منفصلة خارج العلاقات الاجتماعية ، ولكن فى كثير جداً هي جزء منها، وأن ما يحدد معالجة الأخبار طريقة عمل صناع الأخبار أنفسهم داخل القيود والضغوط والمعايير إلى تجلب عالم عريض من العلاقات الاجتماعية التى تظهر فى عملهم( ).
كما أن الصراع الدائم والمستمر فى المجتمع، يشكل ضغطا قويا على الصحيفة عند رسم سياستها التحريرية، إذ ستجد نفسها مضطرة عند معالجة القضايا والمشكلات المختلفة وتحديد ما ينشر وما لا ينشر تأخذ موقفاً مؤيداً أو معارضاً لفئة معينة، وبديهي أن هذا الموقف سيتحدد إلى حد كبير على ضوء ما يتوفر لكل جماعة من نفوذ سياسي واقتصادي يمكنها دون غيرها من الوصول إلى الصحيفة وتوجيهها بما يخدم مصالحها( ).
كما أن أجندة اهتمامات وسائل الأعلام ترتبط باهتمامات المجتمع وتغيرها وتطورها ففى دراسة " Brown " وجد ارتباطاً بين الأوضاع الاقتصادية وترديها وبين التغطية الصحيفة للموضوعات المتعلقة بتنظيم الأسرة وقضايا السكان، وأنه كلما زاد تراجع الأوضاع الاقتصادية زاد اهتمام الصحفى بهذه الموضوعات بما يعنى أن ثمة ارتباط بين ما يطرحه واقع المجتمع من اهتمامات وما تنشره وسائل الإعلام( ). فإذا كان البلد على سبيل المثال صناعياً نجد أن الموضوعات التى تسود المؤسسات الإعلامية أكثر قرباً من الصناعة وموضوعاتها وتأثيرها على المجتمع، وكذلك الحال إذا كان البلد تجارياً أو زراعياً"( ).
ويقول الدكتور فرج الكامل أن المستوى الاقتصادى للجمهور، والقضايا التى تشغل بال الجمهور، واهتمامات الناس والنظام السياسى أو الحزب الحاكم والمنظمات والهيئات فى المجتمع، وعلاقة التعاون والتنافس بينها تحدد بشكل كبير الموضوعات التى يتناولها الاتصال وتلك التى يتعرض
لها( ).




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !