هل تعرف ذلك النوع من العواجيز الذين يرتدون طوال الوقت بِدل، وكرافتات، وأحذية، ونظارات، وساعات عتيقة، ويحمل كل منهم تحت إبطه حقيبة جلدية مهترأة خرج بها غالبا مع نهاية الخدمة في حكومات ما بعد إنقلاب 52 .. الذي يحتفظ داخلها بأوراق صفراء ـ ربما منتزعة من دفاتر الوظيفة أيضا ـ ومدون عليها قصائد عمودية بحروف كبيرة، مشكّلة بوضوح ومرسومة بجمال يؤهلها للمنافسة في مسابقات الخط العربي .. أوراق موضوعة بين صفحات مجلة قديمة ـ غالبا " الهلال " ـ منشور فيها قصيدة له يبرزها كبطاقة هوية مع كل نقاش عصبي يحتدم داخل ندوة ما مع شاعر آخر ـ سيقال أنه شيوعي في معظم الأحوال .. ذلك النوع من العواجيز الذين لا يدخرون ما تبقى من قوة حناجرهم لحماية الله والوطن والشعر .. هل تعرف لماذا لا يحتاج أي منهم لزي شيخ وزبيبة صلاة وسبحة .. لأن بجانبه يجلس دائما في الندوات باحث في التاريخ الإسلامي يظل يهز رأسه مؤيدا وداعما لصرخات الشاعر العجوز حتى يغلبه النوم
التعليقات (0)