مواضيع اليوم

العهد القديم والعهد الجديد (التوراه والانجيل)

اسرائيل .

2009-03-26 13:04:13

0

العهد القديم والعهد الجديد (التوراه والانجيل)

يدور لغط واسع وطويل في الأوساط الاسلامية حول موضوع العهد القديم والعهد الجديد، وقد يكون مرد هذا اللغط هو حقيقة كون التناخ العبري جزءا من كتاب النصارى، وأقول (الاوساط الاسلامية) لأن العهد القديم والعهد الجديد هي تسميات مسيحية من المفروض ان يعرفها كل مسيحي. كذلك عبارة تناخ (كتاب اليهود) هي محل لغط وخلط في الاوساط الاسلامية، حتى المتخصصة منها، لهذا اقتضى توضيح هذه التسميات وتسلسلها وخلفياتها. ونبدأ بالعهد القديم والعهد الجديد وما سبب التسمية وما الفرق بينهما علما ان كلاهما يشكلان سوية كتاب النصارى.

الكتاب المقدس

وهو أسفار العهدين القديم والجديد مُترجم من اللغات الأصلية الى اللغة العربية. بمعنى ان كتاب النصارى غالبا ما يحمل باللغة العربية اسم الكتاب المقدس ويظهر هذا الاسم على عنوان الكتاب وهو يشتمل على كتابي اليهود والنصارى معا، حيث يطلق على كتاب اليهود في الكتاب المقدس اسم (العهد القديم)، فيما يُطلق على الأجزاء الباقية (المكملة) في الكتاب المقدس اسم (العهد الجديد). ويشتمل العهد القديم في الكتاب المقدس على تسعة وثلاثين سفرا، فيما يشتمل العهد الجديد على سبعة وعشرين سفرا. ويختلف عدد وترتيب اسفار كتاب اليهود بين كتاب النصارى وكتاب اليهود ولكن هذا سيأتي ذكره لاحقا، إذ بداية لا بد أن نوضح لماذا تُرجم كتاب النصارى الى العربية، وفي أي لغات كتب أصلا، ولماذا يعتبر النصارى كتاب اليهود جزءا من كتابهم..؟ للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها لا بد من العودة الى بداية الحكاية..

نشأة الديانة المسيحية وتدوين الاسفار المقدسة

استنادا الى كتابات المؤرخ اليهودي يوسف بن متتياهو "يوسيفوس فلافيوس" (القرن الأول ميلادي)، واعتمادا على أسفار العهد الجديد (الانجيل)، يمكن القول إن الأوضاع اليهودية الدينية والسياسية والمذهبية التي سادت في ارض اسرائيل عشية ظهور الديانة المسيحية ابان القرن الأول للميلاد، مهّدت الطريق لنشوء مذهب جديد يحسم الخلاف القائم بين مذهب الفريسيين (المفسرين)، ومذهب الصادوقيين (أتباع مذهب الكاهن صادوق)، ومذهب الايسيين (أهل الشفاء) او المعتزلة (اعتزلوا الفريقين السابقين ولجأوا الى صحراء يهودا). وقد رافق هذا الانقسام المذهبي تردي في الأوضاع الأقتصادية والسياسية بفعل خضوع مملكة يهودا لسيطرة رومانية مباشرة بعد ان كانت تتمتع بحكم ذاتي حتى فترة هوردوس الوالي الروماني على يهودا الذي اعتنق اليهودية في وقت سابق. وقد بلغت الأزمة ذروتها مع اندلاع الثورة اليهودية الكبرى ضد الرومان وخراب بيت المقدس اليهودي في أورشليم عام 70 لميلاد السيد المسيح. وتذكر المصادر الأنجيلية ان أحد الواعظين اليهود الكبار خلال الفترة التي سبقت الثورة كان يدعى يوحانان الذي أطلق عليه فيما بعد اسم (يوحنا المعمدان) وهو ذاته النبي يحيى في الاسلام. وكان يوحانان يعظ الناس ويحثهم على العودة الى الله، وشرع بتعميد الناس في نهر الأردن للتطهّر من الآثام استعدادا للخلاص (ملكوت السماء). وكان أحد المؤمنين اليهود الذين لبوا دعوة يوحانان، شاب يهودي متحمس للتغيير والنجاة وعالم بالتوراة، يسمى يشوع (يسوع) وهو ذاته المسيح عيسى بن مريم في الاسلام. في أعقاب تعميده في نهر الأردن على يد يوحانان، شرع يشوع يطوف القرى اليهودية في يهودا والجليل ويدعو المستضعفين من اليهود للفرار الى الله والعودة الى الدين الصحيح، داعيا إياهم الى التطهر إيذانا بقرب ملكوت السماء. أولى يشوع في مواعظه أهمية خاصة لقاعدة (انما الأعمال بالنيات)، حتى ان شاؤول التارسي (سمي فيما بعد باولوس "بولس") أحد أتباع المسيح ذهب الى بطلان الفرائض الدينية حيثما صلُحت النية، ليصبح هذا الأمر ساريا حسب المذهب الجديد الذي أسس له يشوع وتلاميذه وتحوّل هذا المذهب لاحقا الى ديانة جديدة هي الديانة المسيحية. وكرد فعل، وضع المفسرون (الفريسيين) مبدأ العمل كشرط اساسي للايمان قائلين إن الايمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، ولا يصلح الايمان بغير العمل. وبعد أن عظم شأن يشوع وطفق بعض أتباعه يؤمنون انه المسيح اليهودي المنتظر، اعتبر يشوع بنظر القيادات الدينية اليهودية، خارجا عن الملة، ولم تعترض هذه القيادات على حكم الاعدام الذي صدر بحقه من قبل الوالي الروماني على أورشليم "بونتيوس بيلاطس" بتهمة إثارة الفتن والاخلال بالنظام العام.

وبعد يشوع شرع تلاميذه بتدوين سيرته وتعاليمه، وانسلخ المذهب الجديد شيئا فشيئا عن الديانة اليهودية الأم، ليتحول الى ديانة جديدة سميت الديانة النصرانية، تيمنا بيشوع الناصري الذي نشأ وترعرع في مدينة الناصرة، وسميت كذلك الديانة المسيحية، بفعل ايمان أتباع يشوع بانه المسيح اليهودي المنتظر. وظلت الجماعات المسيحية تحمل نسخا مختلفة من الكتابات المقدسة، التي كُتبت بوحي من الروح القدس وفقا للمعتقد المسيحي، حتى تم جمعها في مؤتمر قرطاج مع نهاية القرن الرابع الميلادي واعتمدت هذه النسخة نهائيا.

العهد القديم (التناخ)

التناخ هو كتاب اليهود ويشتمل على ثلاثة أجزاء تتفاوت في درجات القدسية:
التوراة: وتحتوي على خمسة أسفار وهي الاسفار التي نزلت على موسى وهو سيد الانبياء عند اليهود، من هنا تتمتع اسفار التوراة برتبة عالية من القداسة ودرجة نبوة عالية.
اسفار الانبيياء: وعددها ثمانية اسفار وهي الاسفار التي نزلت على انبياء اسرائيل على مر العصور، وتنسب اليها درجة نبوة اقل من اسفار التوراة.
كتوفيم: وعددها أحد عشر سفرا دوّنها علماء اليهود بوحي روح القدس بعد انقطاع النبوة، وتُنسب اليها درجة نبوة اقل من اسفار الانبياء.
وطبقا للديانة المسيحية يعتبر التناخ جزءا من كتاب النصارى، فقد ورد في إنجيل متى على لسان السيد المسيح (يشوع) أنه قال: "لا تظنُّوا أني جئت لأَنقض الناموس أو الأنبياءَ. ما جئت لأنقض بل لأكمّل. فإني الحقَّ أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرفٌ واحدٌ أو نقطةٌ واحدةٌ من الناموس حتى يكون الكل." وهنا نرى أن العهد الجديد قد كمّل العهد القديم، وفقا للاعتقاد المسيحي، لكنه لم ينقضه أو ينفيه أو ينسخه، فالعهد الجديد أَكمل في تعاليمه الناموس والأنبياء. والناموس هي التوراة، ويراد بالناموس والأنبياء معا، كتاب اليهود (التناخ) الذي يضع الأساس للتعاليم والأحداث المذكورة في العهد الجديد بحسب الديانة المسيحية. وبنفس الطريقة، فإن المسيحية ترى في أناجيل العهد الجديد وأعمال الرسل إتمام النبؤات المدونة منذ مئات السنين في العهد القديم (التناخ). وتتعلق هذه النبؤات بمجيء المسيح وبعثته حسب المسيحية. واما تسمية (العهد القديم) فهي تسمية مسيحية تستند الى ما ورد في التوراة حيث عاهد الله ابراهيم عهدا أبديا ان يرث نسله ارض اسرائيل. ووفقا للاعتقاد المسيحي فقد حقّق يسوع المسيح العهد الجديد الذي وعد الله به في العهد القديم حين قال على لسان ارميا النبي: "ها إنها تأتي ايام، يقول الرب، أقطع فيها مع بيت اسرائيل وبيت يهوذا عهدا جديـدا)..

ترتيب اسفار العهد القديم في كتاب النصارى

يختلف ترتيب وعدد أسفار التناخ (العهد القديم) في كتاب النصارى عنه في كتاب اليهود، وفقا لتسلسل الأحداث والنبوءات التي ترتبط بمجيء المسيح. وظروف ميلاده، وحياته وموته، وقيامته، حسب المعتقد المسيحي.

ترجمة الكتاب المقدس

تظهر المراجع التاريخية ان نسخ الأناجيل وأعمال الرسل وبقية أسفار العهد الجديد كتبت خلال الفترات التي أعقبت المسيح، باللغة اليونانية والعبرية والأرامية، التي كانت سائدة في ذلك الزمان، وقام هيرونيموس ابان القرن الرابع للميلاد، بترجمة هذه النسخ الى اللغة اللاتينية، وتم اعتماد هذه الترجمة من قبل بابا الفاتيكان كترجمة رسمية، وظل هذا الوضع قائما حتى ظهور مارتن لوثر في القرن السادس عشر، حيث قام بترجمة الكتاب المقدس للغة الألمانية، وكان هذا أحد أسباب الانقسام الذي حصل بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستانتية.. وبعد انعقاد مجمع الفاتيكان خلال الستينيات من القرن المنصرم، أزيل الحظر الذي كان مفروضا على ترجمة الكتاب المقدس والصلوات الى اللغات الدارجة. اما بالنسبة لترجمة الانجيل الى اللغة العربية فبدأت ايضا في وقت مبكر، وتحديدا في الفترات التي أعقبت الفتح الاسلامي. ورد في احد المصادر التاريخية ان القائد العربي عمر بن سعد ابن أبي وقاص طلب من البطريرك اليعقوبي يوحنا أن يضع ترجمة الإنجيل في اللغة العربية. وقد تمت عشرات الترجمات للانجيل الى العربية خلال القرون المتوالية. وفي عام 1865 قام بطرس البستاني والمرسلان الإنجيليان عالي سميث وكرنيليوس فاندايك بنقل الانجيل الى العربية من مصادره الأصلية، وهذب عباراته الشيخ ناصيف اليازجي والشيخ يوسف الأسير. وهذه هي أشهر الترجمات العربية للكتاب المقدس وأوسعها انتشاراً في العالم العربي والعالم.


تسمية العهد القديم والعهد الجديد في القرآن

يطلق على كتاب اليهود (التناخ) في القرآن اسم التوراة اختصارا، حيث يراد بذلك أسفار التناخ جميعا بما فيها التوراه والأنبياء وكتوفيم. واما كتاب النصارى فيطلق عليه في القرآن اختصارا اسم الانجيل، ويراد به أسفار العهد الجديد جميعا بما فيها الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل ورؤيا يوحنا.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات