شيركو شاهين
sher_argh@yahoo.com
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة لم تكن موجودة في المجتمع العراقي من قبل الا وهي ظاهرة عنف البنات وهي من الظواهر العديدة التي توالدتها ايامنا حيث أصبحت بنات اليوم اكثر ميلا للعنف من بنات الأمس حيث كانت تتصف بالوداعة والاستكانة والهدوء وقد يصل بها الأمر إلى حد الاستسلام والتسليم بالأمر الواقع والعادات والتقاليد.
أما بنات اليوم فمختلفات يعبرن عما بداخلهن من ضيق وسخط ليس فقط في صورة توتر وعصبية زائدة وانما ببعض العنف وربما الاعتداء اللفظي على الآخرين وقد يصل الأمر إلى الاعتداء بالضرب.
فما هو سبب هذا العنف ؟ ما هي دوافعه ؟ وما هي طرق التخلص منه ؟
تقول رباب أحمد20-عاما-: الاوضاع السيئة التي تمر بها غالبية بنات جيلنا هذه الايام سبب رئيس وراء هذه الظاهرة الى جانب ما للمدنية من دور كبير في اكتساب البنات العنف بعد أن ارتفعت مستويات المعيشة وزادت مغريات الحياة وتضاعفت احتياجات الفرد وعندما لا تحصل الفتاة على متطلباتها واحتياجاتها فإن ذلك يؤثر على حالتها النفسية والعصبية ويجعلها متوترة وقد تتسم تصرفاتها بالعنف تعبيرا عن الضيق عما بداخلها.
وتضيف سلمى يوسف –طالبة في كلية الفنون الجميلة-23 عاما-: تربيت في بيت هادئ واعتدت منذ صغري أن اتكلم بصوت خافت وأتعامل كفتاة ولي شقيقان ذكور يلعبان الكاراتيه منذ صغرهما وحاولا إقناعي بممارسة اللعبة معهما, ولكنني رفضت حيث من الضروري ان تتمسك الفتاة برقتها وهدوئها وهذه اللعبة لا تتناسب مع طبيعتها فهي أضعف وأرق, والرجل أقوى وأشد منها كثيرا, وعليها ان تعيش حياتها وفقا لطبيعتها.
أما فاطمة خورشيد -28 عاما- بكالوريوس إعلام فتقول: إن انخفاض مستوى تعليم بعض الآباء ينتج عنه سوء معاملتهم لبناتهم والميل لضربهن وتعنيفهن الذي يكون له أثر واضح عليهن واتجاههن إلى العنف فالفتاة عندما تكبر في بيت يصرخ فيه الاب وتضرب الام تعتاد على هذا الاسلوب في التعامل خارج بيتها ويصبح العنف سمة في شخصيتها.
وتضيف مها عز الدين-23عاما- موظفة: لاشك ان هناك ارتباطا وثيقا بين اسلوب عقاب البنات واسلوب الام الخاطئ في معاملتها لابنتها ففي حالة عدم وجود لغة حوار وتفاهم مشترك تتسع الفجوة بين الآباء والبنات. وبالعكس تقول عبير مصطفى27 -عاما-: أعتقد ان استخدام الفتاة للعنف ما هو إلا رد فعل طبيعي للدفاع عن نفسها من مخاطر كثيرة وفي الفترة الاخيرة ركزت وسائل الاعلام على بعض الافلام الاجنبية التي توضح استخدام الفتاة لبعض الالعاب القتالية فانعكس ذلك على سلوك الفتيات وعلى تفكيرهن وشخصيتهن ومعاملتهن مع الآخرين.
وتقول منال فريدون-23 عاما-: لقد انتشرت هذه الظاهرة بشكل ملحوظ في المجتمع العراقي وأعتقد أن سبب ظهورها هو التنشئة الاجتماعية للفتاة وسوء معاملة الاسرة لها ومشاعر الكبت التي تواجهها فتؤدي الى حدوث إحباط وضغوط نفسية تتسبب في اضطرابها واستخدامها العنف مع الآخرين.
وتشكو حبيبة أحمد-22عاما- كلية الهندسة من تعامل اصدقائها البنات بالأيدي خلال الحديث معهن أو التهريج واستخدام العنف في أي صورة يعني تراجع الحوار في المجتمع ويؤثر ذلك على اسلوب البنات لان ما يميز الفتاة هو معاملتها الرقيقة.
ـ وتقول م. ع25 سنة:ـأنا من الفتيات اللائي يستخدمن العنف اثناء الحوار مع الآخرين ولا أنكر ان تعاملي بهذا الاسلوب أفقدني العديد من زميلاتي لكنني اتعامل بهذا الأسلوب من مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة, وهذا خارج عن إرادتي فمنذ صغري وأنا أتعامل بهذا الأسلوب.
وتضيف ريم سيد-27عاما- كلية الحقوق: ظهرت الآن ملامح العنف على الفتيات فهناك كثيرات من صديقاتي يتبادلن الكلام والحديث بالأيدي ويعتبرونه نوعا من الاستمتاع في سبيل نسيان الواقع وأصبحت الفتاة تدافع عن نفسها بهذا الاسلوب.
وتضيف وعد مجدي-22عاما- كلية الطب:أعتقد ان انخفاض مستوى المعيشة يولد الضجر والمشاجرات داخل الاسرة ويؤدي ذلك بالفتاة إلى العنف لانها اكثر تأثرا بالظروف الاسرية المحيطة بها.
وتقول هبه عزيز-27عاما-: انا الأخت الصغرى لأخوين ووالدي لا يفرق في التعامل بيني وبين أخوتي الصبية سواء في الملبس أم أسلوب التعامل معي, وقد انعكس ذلك على علاقتي مع خطيبي فاوجد كثيرا من الخلافات بيننا.
وتحلل الدكتورة سهام علي شريف أستاذ علم النفس هذه الظاهرة بقولها:
إن التنشئة الاجتماعية هي العامل الرئيس في عنف البنات لأن الأسرة هي المدرسة الاساسية لكل طفل وما يتعلمه فيها يبقى معه طوال حياته وعن طريقها يكتسب قيمه الاجتماعية ومعايير سلوكه فإذا كانت الأسرة متصدعة أي أن العلاقات بين اعضائها غير مرضية فإن ذلك يؤدي الى لجوء الفتيات للعنف, ويلعب منطق المساواة بين الرجل والمرأة دورا مؤثرا في اتساع هذه الظاهرة وعلاج هذه الظاهرة يأتي عن طريق عدة محاور رئيسة منها: اعطاء الآباء قدرا مناسبا من المعلومات عن أهم الاحتياجات النفسية لنمو بناتهم النمو السليم والأسس العامة للتوافق الانفعالي عند الابناء وكذلك المساعدة على حل المشكلات الأسرية حيث يؤدي احساس البنت بالظروف الاسرية السيئة المحيطة بها وحرمانها من الحب الى الضغط النفسي عليها ومن ثم الى العنف.
وللإعلام بوسائله المختلفة دور في إرشاد الوالدين الى الطريقة الصحيحة للتعامل مع بناتهم حتى ينشأن سويات لا يعانين من مشاكل نفسية واضطرابات تنعكس على سلوكهن. ويلاحظ ان الدين يمثل دورا وقائيا ضد العنف حيث يؤثر تأثيرا قويا في ضبط النفس وتكوين القيم الاخلاقية وتزويد البنات الملتزمات بقوة مرجعها أن كل شيء من الله سبحانه وتعالى والصبر مأجور بالحسنات لذلك فالتربية الدينية السليمة تساعد على تنشئة البنات بشكل طبيعي وانخراطهن في المجتمع.
نشر بتاريخ ((04/11/2006))
التعليقات (0)