بقلم: محمد أبو علان
اللجوء للفتاوى الدينية كحل وحيد في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية في أي مجتمع لا يعبر إلا عن عجز مطلق في مواجهة هذه القضايا، أو عن السعي لرفع العتب عن المؤسسة الرسمية في فشلها لتقديم حلول عملية.
الفتوى التي أصدرها قاضي قضاة فلسطين الدكتور تيسر التميمي والتي تنص على "أن كل فلسطيني يعمل مع سلطات الاحتلال في الحفريات تحت أساسات الأقصى المبارك وفي بناء المستوطنات خائن لوطنه ودينه" فتوى تأتي في إطار التعبير عن فشل المؤسسة الرسمية في معالجة العمالة في المستوطنات، وفي مواجهة الاحتلال الإسرائيلي سياسياً في كل ما يدور بالقدس بشكل عام والمسجد الأقصى بشكل خاص.
هذا الرأي ليس من باب تأيد العمل في المستوطنات الإسرائيلية، أو العمل في الحفريات التي تتم في المسجد الأقصى، بل من باب أن على المؤسسة الرسمية الفلسطينية أن تعمل وفق خطة عمل متكاملة سياسية واقتصادية في هذا المجال لا عبر الفتاوى التي لا تغني ولا تسمن من جوع في ظل واقع اقتصادي متردي.
فلا يعقل أن تدعو المؤسسة الرسمية لمقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية، وفي المقابل نرى البعض في المحافظات الفلسطينية المجاورة للمستوطنات الإسرائيلية يقيم شبكة علاقات جيدة مع هذه المستوطنات والمجالس الإقليمية الخاصة بها، فالجهات الرسمية وممثليها يجب أن يكونوا القدوة إن كانت المواقف السياسية المعلنة حقيقية.
وبدلاً من وصف هؤلاء العمال بالخائنين لوطنهم ودينهم على المفتى توجيه رسالته للداخل الفلسطيني لكي يقوم بدورة في وضع برامج تدريبية وتطويرية من شأنها الحد وحتى القضاء على العمل في المستوطنات الإسرائيلية مقابل توفير البديل الذي يضمن لهم حياة كريمة تساعدهم على تلبية احتياجتهم المعيشة.
ومقابل التخوين للعاملين في المستوطنات هل يستطيع فضيلة المفتي أن يصدر فتوى بتحريم المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في ظل الهجمة الاستيطانية على الأرض الفلسطينية، وفي ظل سياسية تهويد القدس وتهجير أهلها.
ولماذا يفرق فضيلة المفتي بين مستوطنة ومستوطنة في فتواه؟، فهل العمل في مستوطنة "آرئيل" و "حومش" و "ألون موريه" يعتبر حرام وخيانة، بينما يعتبر العمل في المناطق المحتلة في العام 1948 ليس حراماً، ففلسطين التاريخية من النهر إلي البحر هي فلسطين نفسها، لا فرق بين جمين ورام الله والقدس وبين عكا وطبريا، والمستوطن في "ألون موريه" هو نسخة عن المستوطن في اللد والرملة وعسقلان وصفد هذه هي القاعدة التي يجب أن ينطلق منها مفتى فلسطين، لا أن تكون الفتاوى انتقائية وتتناغم مع المواقف الرسمية.
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)