حكم العمل
بالحديث الضعيف
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فمن البدع المستهجنة التى تجرى بكل بساطة على ألسنة كثير من المغرمين بالانتساب إلى السنة والتوحيد والتجديد مجازفتهم بالقول بضعف الحديث على معنى أنه باطل مكذوب , ويعتبر العمل به رجساً وفسقاً , أو على الأقل جهلاً وتجاوزاً.
ومن ظلم العلم والدين أن يؤخذ الحديث الضعيف بحكم الحديث المكذوب وليس كذلك العلم ؛ فان للحديث الضعيف مجالا شرعيا يدور فيه , وله وظيفة أساسية فى دين الله , وهو حديث لم تستكمل فيه شروط الصحة .
أى : أن فيه جانبا من الصحة , ومن بعض شروط ما يتوقف عليه قبول الحديث , لكنها غير كاملة , ولهذا نص العلماء على العمل به , خصوصا فى فضائل الأعمال والترغيب والترهيب والمواعظ والرقائق أو فى غير الأحكام ؛ فهو ليس من قسم المرفوض على أى حال , ولهذا استحب بعض العلماء العمل به فى موضعه بل هناك من الائمة من نص على العمل به في الأحكام إذا كان لم يوجد غيره بحذر واحتياط
كما سنوضح في هذا البحث.
فقد روي أبو الشيخ ابن حبان فى كتاب (( النوائب )) عن جابر – رضى اللّه عنه – مرفوعا :(من بلغه عن اللّه عز وجل شيء فيه فضيلة , فأخذ به ايمانا به , ورجاء لثوابه , أعطاه اللّه ذلك , وان لم يكن كذلك )
وهذا الحديث أصل كبير فى أحكام الحديث الضعيف لأنه لا يمكن أن يكون صادرا عن رأى , بلا سماع , بل هو دليل على أن للحديث الضعيف أصلا ووظيفة ايجابية.
كذا إذا تلقت الأمة الضعيف بالقول يعمل به على الصحيح حتى إنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع به
ولهذا قال الشافعي في حديثه " لا وصية لوارث" : إنه لا يثبته أهل الحديث و لكن العامة تلقته بالقول وعملوا بها حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية.
أو كان في موضع احتياط كما إذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع أو الأنكحة فان المستحب _كما قال النووي _أن يتنزه عنه و لكن لا يجب
وهذا ما سنبينه في هذا البحث المتواضع الملتقط من كلام المحدثين والعلماء
وللبعض شبهات مثل قولهم الإمام البخاري لم يأخذ بالضعيف فنقول لهم الأدب المفرد للإمام البخاري مليئ بالضعيف وأخذ به وكذلك القاضي ابن عربي نص علي انه لا يعمل بالحديث الضعيف مطلقاً ولكنه قرر في نفس الوقت الأخذ به لانه أولي من القياس والإمام الاوزاعي كان يحتج بالمراسيل فمن بقي لإخواننا المعترضين وستري هذه الأقوال في طيات هذا البحث..
أولاً: أقوال العلماء في العمل بالحديث الضعيف
قد روى جمّ من السلف وجمع من الخلف فيما يروى عنهم كابن المبارك وابن المهدي وابن حنبل وغيرهم أنهم تساهلوا في رواية الحديث الضعيف الذي في إسناده مقال إذا كان في الترغيب والترهيب والقصص والأمثال والمواعظ كما يجوز رواية الحديث الضعيف الوارد كما يجوز العمل به عند الجمهور كما سنرى
1- قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في معرض الدفاع عن مسند الإمام احمد فيما عده الإمام ابن الجوزي من أحاديث المسند من الموضوعات فقال الحافظ وهو يشرع في الرد على ابن الجوزي وبعض أهل العلم
"ثم نشرع الآن في الجواب عن الأحاديث التسعة التي أوردها واقتصر عليها ونجيب عنها أولا من طريق الإجمال بأن الأحاديث التي ذكرها ليس فيها شيء من أحاديث الأحكام في الحلال والحرام والتساهل في إبرادها مع ترك البيان بحالها شائع وقد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أنهم قالوا إذا روينا في الحلال والحرام شددنا وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا" انتهى
(القول المسدد في الذب عن مسند أحمد ج1/ص11)
نقول:- فالأساس عند هذا الإمام (ابن حجر) و القاعدة الأولى أن جميع الأحاديث التي رماها بالوضع الإمام ابن الجوزي و غيره هي من أحاديث فضائل الأعمال و ليست من أحاديث الأحكام في الحلال
و الحرام و لا أظن المجهري يُخالفني بأن جميع ما ذكره الحبيب علي الجفري ليس فيه حديثا واحدا في الأحكام بل جلّها في الفضائل
و السير التي يُتساهل فيها ويقبل بالضعيف فيها بل ما قال عنه المجهر موضوع هو ما فيه إختلاف بين الائمة مثل موضع كلامنا هنا فقد عد الإمام ابن الجوزي و بعض أهل العلم منهم الحافظ العراقي بعض الأحاديث في مسند الإمام احمد من الموضوعات!!
والبعض الأخر قال بضعفها او تصحيحها.
وبعد ذلك يكون عملنا في الشُبهات الحديثية التي أوردها المجهري تخريج الأحاديث و شواهدها.
و سؤالاً نسوقه :
هل ترمي الإمام احمد بن حنبل بالكذب على رسول الله لروايته أحاديث عدّها الإمام ابن الجوزي في الموضوعات؟
فالاختلاف في الرجال والحكم على الأحاديث وارد !!
فهل ستهاجم الإمام الإمام احمد أم ابن الجوزي والحافظ العراقي أم تهاجم الحافظ ابن حجر العسقلاني أم ستهاجم من يذكرها وهي من نص بعض الائمة على وضعها كما وضح الحافظ ابن حجر كما تهاجم الحبيب علي الجفري لانه قلد أئمة الدجى وعمل بحديث اختلف فيه الائمة والحفاظ ما بين مصحح له ومضعف له ومن حكم بوضعه؟؟
مثل حديث توسل ادم الذي صحح إسناده الحاكم وصححه السبكي والحصني والسمهودي وابن الجوزي والقسطلاني وغيرهم واختلف في الحكم فيه من آخرون لم يطلعوا على الطرق الأخرى.!!
ام ستهاجم الإمام السبكي والسمهودي والقسطلاني وغيرهم؟؟
2- قَالَ الإمام احمد بن حنبل:
"إذَا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَلالِ وَالْحَرَامِ شَدَّدْنَا فِي الأَسَانِيدِ. وَإِذَا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ، وَمَا لا يَضَعُ حُكْمًا وَلا يَرْفَعُهُ تَسَاهَلْنَا فِي الأَسَانِيدِ"
(رواه الخطيب بسنده في "الكفاية ص 134)
(ورواه النوفلي عن أحمد انظر: المسودة ص 273)
3- قال ابن مهدي كما أخرجه البيهقي في "المَدخل":
"إذا رَوَيْنا عن النبي صلي الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام، شدَّدنا في الأسانيد، وانتقدنا في الرجال. وإذا روَينا في الفضائل والثواب والعقاب، سهّلنا في الأسانيد وتسامحنا في الرجال. وقال سفيان بن عيينة: «لا تسمعوا من بَقِيّة ما كان في سُنّة، واسمعوا منه ما كان في ثواب».
وقال أبو عبد الله النوفلي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: «إذا روينا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام، تشدّدنا في الأسانيد. وإذا روينا عن النبي صلي الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكماً ولا يرفعه، تساهلنا في الأسانيد». وقال الميموني: سمعت أبا عبد الله يقول: «أحاديث الرقاق يحتمل أن يتساهل فيها، حتى يجيء شيء فيه حُكْم".
(وتجد غير هذه الأقوال في الكفاية في علم الرواية (1|134))
4- َقَالَ الْخَلاَّلُ:
"مَذْهَبُهُ - يَعْنِي: الإِمَامَ أَحْمَدَ - أَنَّ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُعَارِضٌ قَالَ بِهِ
(المدخل إلى مذهب أحمد 97)
5- وفي شرح الكوكب المنير قال الخلال:
" ومذهبه ــ أي الإمام أحمد ــ أن الحديث الضعيف إذا لم يكن له معارض قال به
شرح الكوكب المنير (2/573)
6- ذكر عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة:
"إذا روينا في الحلال والحرام شدَّدنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا"
(الأجوبة الفاضلة للإمام محمد عبد الحي اللكنوي، تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ص36.)
7- وثبت عن الإمام أحمد أنَّه قال :
"إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والاحكام تشددنا ، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكماً ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد"
(انظر الكفاية للخطيب البغدادي ص135-)
(وابن رجب الحنبلي في طبقات الحنابلة1/ 95)
8- وقال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية:
"والذي قطع به غير واحد ممن صنف في علوم الحديث حكاية عن العلماء أنه يعمل بالحديث الضعيف في ما ليس فيه تحليل ولا تحريم كالفضائل، وعن الإمام أحمد ما يوافق هذا. ا.ه"
9- وثبت عن الإمام عبد الرحمن بن مهدي أنَّه قال :
"إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال تساهلنا في الأسانيد ، وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام تشددنا في الرجال"
(انظر الجامع لأخلاق الرواي للخطيب البغدادي2/ 91)
10- قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في تبيين العجب بما ورد في فضل رجب :
" اشتهر أن أهل العلم يتسامحون في إيراد الأحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف، ما لم تكن موضوعة"
(تبيين العجب بما ورد في فضل رجب (23-26 ))
11- قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في
( النكت على مقدمة ابن الصلاح ) ما نصه:
(( وقد صرَّح أبو الحسن ابن القطان أحد الحفاظ النقاد من أهل المغرب في كتابه (بيان الوهم والإيهام) بأن هذا القسم - أي الضعيف أو المنقطع ... - لا يحتج به كله بل يعمل به في فضائل الأعمال ويتوقف عن العمل به في الأحكام إلا إذا كثرت طرقه أو عضده اتصال عمل أو موافقة شاهد صحيح ، أو ظاهر قرآن. - ثم قال الحافظ ابن حجر مباشرة - : وهذا حسن قوي رايق ما أظن منصفاً يأباه والله الموفق )). انتهى
( النكت على مقدمة ابن الصلاح ج1ص243)
12- ذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه
" قد رخَّص كثير من الأئمة في رواية أحاديث الرقاق ونحوها عن الضعفاء ، منهم ابن مهدي ، وأحمد بن حنبل ".
( شرح علل الترمذي م1 ص 72 طبعة دار الفلاح)
13- قال الحافظ ابن الصلاح في مقدمته:
" الثاني : يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله تعالى وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما . وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وسائر ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك : ( عبد الرحمن بن مهدي ) و ( أحمد بن حنبل ) رضي الله عنهما ."اهـ
(مقدمة ابن الصلاح ص 60 طبعة مكتبة الفارابي الطبعة الأولى 1984 م )
14- قال الإمام النووي في شرح مسلم :
"الرابع : أنهم قد يروون عنهم أحاديث الترغيب والترهيب ، وفضائل الأعمال ، والقصص ، وأحاديث الزهد ، ومكارم الأخلاق ، ونحو ذلك مما لا يتعلق بالحلال والحرام وسائر الأحكام ، وهذا الضرب من الحديث يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل فيه .
ورواية ما سوى الموضوع منه والعمل به ، لأن أصول ذلك صحيحة مقررة في الشرع معروفة عند أهله ." اهـ
(شرح صحيح مسلم للنووي ( 1 / 125 طبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت الطبعة الطبعة الثانية ، 139))
15- وقال الامام النووي في كتابه التقريب
"ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ، ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف ، والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى ، والأحكام كالحلال والحرام ، ومما لا تعلق له بالعقائد والأحكام ". اهـ
((التقريب) ج1ص502 )
لاحظ قوله (( والعمل به من غير بيان ضعفه ))
16- قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في (التدريب) معلقاً على هذا الكلام ما نصه:" وممن نُقل عنه ذلك: ابن حنبل ، وابن مهدي ، وابن المبارك ، قالوا: إذا روينا في الحلال والحرام شدَّدنا ، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا"
((التدريب) ج1ص503)
17- وقال الإمام النووي رحمه الله في كتابه الإرشاد
" يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الضعيف من غير اهتمام ببيان ضعفها ، ويجوز العمل بها فيما سوى صفات الله وأحكام الشرع من الحلال والحرام وغيرها ، وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وما لا تعلق له بالأحكام والعقائد"(الإرشاد م1 ص270 طبعة مكتبة الإيمان المدينة المنورة)
18- وقال الإمام النووي في كتابه الأذكار :
(( وقال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم : يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف مالم يكن موضوعاً ))
(الأذكار ص36طبعة دار المنهاج)
19-قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني :
"النوافل والفضائل لا يشترط صحة الحديث لها".
المغني (1/437-438)
20- قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني
" فِي صَلاةِ التَّسْبِيحِ: "الْفَضَائِلُ لا يُشْتَرَطُ لَهَا صِحَّةُ الْخَبَرِ"، وَاسْتَحَبَّهَا جَمَاعَةٌ لَيْلَةَ الْعِيدِ. فَدَلَّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الشِّعَارِ وَغَيْرِهِ. .
(المغني 2/ 98)
21-وقال ابن عبد البر المالكي في التمهيد :
أما حديث علي فإنه يدور على دينار أبي عمرو عن ابن الحنفية وليس دينار ممن يحتج به وحديث عمرو بن شعيب ليس دون عمرو من يحتج به فيه ثم قال: وأحاديث الفضائل لا يحتاج فيها إلى من يحتج به .
"التمهيد" 6/39
22- قال ابن الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: بعنوان: (ما لا يفتقر كتْبُه إلى إسناد)
"وأما أخبار الصالحين وحكايات الزهاد والمتعبدين ومواعظ البلغاء وحكم الأدباء، فالأسانيد زينة لها، وليست شرطاً في تأديتها".
(الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: (2/316 - 320))
23- قال الحافظ العراقي في شرحه على ألفيته المسمى التبصرة والتذكرة
"تقدم أنه لا يجوز ذكر الموضوع إلا مع البيان، في أي نوع كان ،وأما غير الموضوع، فجوَّزوا التساهل في إسناده وروايته من غير بيان لضعفه ،إذا كان في غير الأحكام والعقائد بل في الترغيب والترهيب من المواعظ والقصص وفضائل الأعمال ونحوهما، أما إذا كان في الأحكام الشرعية من الحلال والحرام وغيرهما، أو في العقائد كصفات الله تعالى، وما يجوز ويستحيل عليه ونحو ذلك، فلم يروا التساهل في ذلك، وممن نص على ذلك من الأئمة ،عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وعبد الله بن المبارك وغيرهم، وقد عقد ابن عدي في مقدمة " الكامل " والخطيب في " الكفاية " بابا لذلك . انتهى
(التبصرة والتذكرة 1/ ص291 طبعة دار الكتب العلمية)
24- جاء في "شرح علل الترمذي" للحافظ ابن رجب رحمه الله :
" يقول سفيان الثوري رحمه الله :
لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة والنقصان ، ولا بأس بما سوى ذلك من المشايخ .
وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي نا عبدة قال :
قيل لابن المبارك - وروى عن رجل حديثاً - فقيل : هذا رجل ضعيف ! فقال : يحتمل أن يروي عنه هذا القدر أو مثل هذه الأشياء
قلت لعبدة : مثل أي شئ كان ؟ قال : في أدب في موعظة في زهد .
وقال ابن معين في موسى بن عيينة : يُكتب من حديثه الرقاق .
وقال ابن عيينة : لا تسمعوا من بقية – اسم واحد من الرواة - ما كان في سُنَّة ، واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره .
وقال أحمد في ابن إسحاق : يكتب عنه المغازي وشبهها .
وقال ابن معين في زيادٍ البكائي : لا بأس في المغازي ، وأما في غيرها فلا " انتهى.((شرح علل الترمذي (1/372))
25- وجاء في فتاوي الرملي
"وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الصَّلَاةِ فَقَوْلُهُ فِيهَا : فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ أَيْ إسْلَامَهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ ، وَأَخَّرَ وُجُوبَ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ دُخُولِهَا وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ غَيْرِ الْمَوْضُوعِ إنَّهُ كَذِبٌ ؛ لِأَنَّ تَضْعِيفَهُ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ"
26- وقال بدر الدين بن جماعة في إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل عند كلامه عن الاعتماد على الحديث الصحيح دون الضعيف في العقائد ، ما نصه :
( قال ابن الصلاح في مقدمة في علوم الحديث : يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله تعالى وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وسائر مالا تعلق له بالأحكام والعقائد وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما"
((إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل( ص 45 طبعة دار الطبعة الأولى ، 1990 ، بتحقيق وهبي سليمان غاوجي الألباني ))
27- قال الإمام الحافظ شمس الدين السخاوي في (فتح المغيث) ما نصه:
"وهذا التساهل والتشديد منقول عن ابن مهدي عبد الرحمن وغير واحد من الأئمة كأحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المبارك والسفيانين بحيث عقد أبو أحمد بن عدي في مقدمة كاملة، والخطيب في كفايته لذلك باباً. وقال ابن عبد البر: أحاديث الفضائل لا نحتاج فيها إلى من يحتج به، وقال الحاكم سمعت أبا زكريا الغبري يقول: الخبر إذا ورد لم يحرم حلالاً، ولم يحل حراماً، ولم يوجب حكماً، وكان في ترغيب، أو ترهيب، أغمض عنه وتسهل في رواته ". اهـ
((فتح المغيث) ج1ص288))
28- قال الحافظ السخاوي
”وممن اختاروا ذالك أيضاً(أي العمل بالضعيف) إبن عبد السلام وإبن دقيق العيد“ (القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص195)) .
29- ونص الإمام محمد بن علان الصديقي في كتابه الفتوحات الربانية على الأذكار النووية وهو شرح للأذكار النووي ، على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال .(الأذكار النووية م1 ص82 المكتبة الإسلامية)
30- قال الإمام الصنعاني
”الأحاديث الواهية جوزوا أي أئمة الحديث التساهل فيه ، وروايته من غير بيان لِضعفه إذا كان وارداً في غير الأحكام وذالك كالفضائل والقصص والوعظ وسائر فنون الترغيب والترهيب“
(توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار (2/238)) .
(وهكذا تجدونه في كتاب "التحفة المرضية" ص 185 - 186)
30- قال العلامة إبراهيم بن موسى الأبناسي
”الأحاديث الضعيفة التي يُحتمل صِدقها في الباطن حيث جاز روايتها في الترغيب والترهيب“
(الشذ الفياح من علوم إبن صلاح (1/223)) .
(وصول الأثر (2/238) ).
31- وقال العلامة علي القاري
”الأعمال التي تثبت مشروعيتها بما تقوم الحجة به شرعاً ، ويكون معه حديث ضعيف ففي مثل هذا يُعمل به في فضائل الأعمال ؛ لأنه ليس فيه تشريع ذالك العمل به ، وإنما فيه بيان فضل خاص يُرجى أن يناله العامل به“
(المرقاة (2/381))
32- قال العلامة حبيب الرحمن الأعظمي
”والضعيف من الحديث وإن كان قبولاً في فضائل الأعمال ، ولابأس بإيراده فيها عند العلماء“ (مقدمة مختصر الترغيب والترهيب (ص06))
33- قال الإمام ابن حجر الهيتمي "الفتح المبين في شرح الأربعين" "قد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال؛ لأنه إن كان صحيحاً في نفس الأمر فقد أُعطي حقه من العمل به، وإلا لم يترتب على العمل به مفسدة تحليل ولا تحريم، ولا ضياع حق للغير."
(الفتح المبين في شرح الأربعين ص 32)
34- وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية مطلب في الأذكار التي لها أصل في السنة كأذكار النووي وغيرها
"ولا يضر أن في بعض أحاديثها ضعفا ، لأن الحديث الضعيف والمرسل والمعضل والمنقطع يعمل به في فضائل الأعمال اتفاقا بل إجماعا على ما فيه ."
34- وفي فتاوى الإمام ابن حجر الهيتمي كتاب الحج
"والظاهر أن المأثور عنه لا فرق فيه بين أن يصح سنده أو لا، لأن الحديث الضعيف والمرسل والمنقطع يعمل به في فضائل الأعمال اتفاقاً كما في المجموع."
35- قال الإمام ابن حجر الهيتمي:
"وأُجيب على ما سبق بأن العمل بالحديث الضعيف "ليس من باب الاختراع في الشرع، وإنما هو ابتغاء فضيلة، ورجاؤها بأمارة ضعيفة من غير مفسدة عليه"
(راجع الأجوبة الفاضلة ص43)
36- قال المحقق الجلال الدواني رحمه الله تعالى في رسالته
( أنموذج العلوم ) - بعد كلام طويل - ما نصه:
(( والذي يصلح للتعويل أنه إذا وُجِدَ حديث ضعيف في فضيلة عملٍ من الأعمال ، ولم يكن هذا العمل مما يَحتمِل الحرمة أو الكراهة ، فإنه يجوز العملُ به ويُستَحَب ، لأنه مأمون الخطر ومرجوُّ النفع ، إذ هو دائر بين الإباحة والإستحباب ، فالإحتياط العمل به رجاء الثواب ... )) انتهى
((أنموذج العلوم ) ص2))
37- وقال ابن الهمام في كتاب الجنائز من "فتح القدير":
الاستحباب يثبت بالضعيف غير الموضوع . انتهى
38- وقال حافظ بن أحمد الحكمي في اللؤلؤ المكنون في أحوال الاسانيد والمتون ما نصه :
وَقَدْ أَتَى أَوْهَى الأَسَانِيدِ بِمَا أَصَحُّهَا فِيمَا مَضَى تَقَدُّمَا
وَبِالضَّعِيْفِ لاَ بِتَرْكٍ وُصِفَا وَلاَ لِمَدْلُولِ الصَّحِيحِ قَدْ نَفَى
يُؤْخَذُ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ لاَ الْفَرْضِ بِالْحَرَامِ وَالْحَلاَلِ
((الاسانيد والمتون ( ص 229 ))
39- قال ابن حجر العسقلاني:
«إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة: الأول: وهو متفق عليه، أن يكون الضعف غير شديد. فيَخرج مَنِ انفَرَدَ من الكذّابين، والمُتّهَمين بالكذب، ومن فَحُشَ غَلَطُه. الثاني: أن يكون مُندَرِجاً تحت أصلٍ عام معمولٍ به، فيخرج ما يخترع، بحيث لا يكون له أصلٌ أصلاً. الثالث: أن لا يُعتقَدَ عند العمل به ثبوتُه، لِئَلا يُنْسَبُ ثبوته إلى النبي صل الله عليه وسلم ما لم يقله».
نقله الحافظ السخاوي في كتابه القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص195)
ومن مشايخ السلفية
صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ
”أما في فضائل الأعمال فيجوز أن يستشهد بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وأن يذكر لأجل ترغيب الناس في الخير، وهذا هو المنقول عن أئمة الحديث وأئمة السلف“ [محاضرة بعنوان وصايا عامة (الوجه الثاني)]
يقول الدكتور أكرم ضياء العمري ( وهو يتبع السلفية) :
" أما اشتراط الصحة الحديثية في قبول الأخبار التاريخية التي لا تمس العقيدة والشريعة ففيه تعسف كثير ، والخطر الناجم عنه كبير ؛ لأن الروايات التاريخية التي دونها أسلافنا المؤرخون لم تُعامل معاملة الأحاديث ، بل تم التساهل فيها ، وإذا رفضنا منهجهم فإن الحلقات الفارغة في تاريخنا ستمثل هوّة سحيقة بيننا وبين ماضينا مما يولد الحيرة والضياع والتمزق والانقطاع .. لكن ذلك لا يعني التخلي عن منهج المحدثين في نقد أسانيد الروايات التاريخية ، فهي وسيلتنا إلى الترجيح بين الروايات المتعارضة ، كما أنها خير معين في قبول أو رفض بعض المتون المضطربة أو الشاذة عن الإطار العام لتاريخ أمتنا ، ولكن الإفادة منها ينبغي أن تتم بمرونة ، آخذين بعين الاعتبار أن الأحاديث غير الروايات التاريخية ، وأن الأولى نالت من العناية ما يمكنها من الصمود أمام قواعد النقد الصارمة " انتهى .
دراسات تاريخية" (ص/27)
ثالثاً:
العمل بالحديث الضعيف في الأحكام ان لم يوجد غيره بشروط حددها الائمة والحفاظ وتصحيحه بتلقي الأمة له بالقبول بل وبالتجربة.
القول أن الضعيف لا يعمل به في الأحكام، فإن ذلك ليس على عمومه لأن الضعيف اليسير ليس مقطوعا في عدم نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و إذا تلقت الأمة الضعيف بالقول يعمل به على الصحيح حتى إنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع به
يقول الإمام العلامة المحدث السيد/ عبدالله بن الصديق الغماري رحمه الله في كتابه "القول المقنع" ص4 ما نصه:
" على أن قولهم: لا يجوز العمل بالضعيف في الأحكام، ليس على عمومه، لأن الأئمة عملوا بالحديث الضعيف في كثير من الأحكام، وللحافظ ابن الملقن كتاب جمع فيه الأحاديث الضعيفة التي عَمل بها الأئمه مجتمعين أو منفردين، ورتبه على الأبواب الفقهية، وهو جدير بأن يطبع، وفي تدريسي لنيل الأوطار بزاويتنا الصديقية ألفت أنظار الطلبة إلى الأحاديث التي عَمِل بها الأئمة أو الجمهور، وهي ضعيفة مع علمهم بضعفها" انتهى .
ولذلك تجد الأئمة الحفاظ أخذوا الأحاديث الضعيفة المعمول بها وأثبتوها في كتبهم مع علمهم بضعفها ونرى من يشتمونهم من المتعالمين في عصرنا هذا ويصفونهم بالتساهل في الأخذ بالأحاديث فهذا دليل على جهله وعدم إدراكه لحقيقة الأمور وواقعه .
1- قال الامام الدارقطني - في عادة مالك - في العلل :
«ومن عادة مالك إرسال الأحاديث وإسقاط رجل» ا.هـ
(العلل ج6 صفحة 63: )
ومع ضعف الحديث بإرساله أو انقطاعه فقد أخذ به مالك وأصبح دليلا قويا وحجة مقبولة عند جمهور العلماء
2- قال الإمام ابن حزم في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام":
"قال أبو حنيفة: الخبر الضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى من القياس، ولا يحل القياس مع وجوده"
( الإحكام في أصول الأحكام ج7ص 45)
3- قال ابن حزم في "المحلَّى":
"وهذا الأثرُ ـ في دعاء القنوت ـ وإنْ لم يكنْ مما يُحتجُّ بمثله، فلم نجدْ فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرَه، وقد قال أحمد بن حنبل رحمه الله: ضعيفُ الحديث أحبُّ إلينا من الرأي. قال عليٌّ ـ هو ابن حزم ـ: وبهذا نقول".
( المحلَّى لابن حزم 1: 68)
من أمثلة الأخذ بالحديث الضعيف في الحلال والحرام
حديث: "لاوصية لوارث"
4- قال ابن حزم رحمه الله تعالى في "المحلى" :
"وهذا الأثر وإن لم يكن مما يحتج بمثله فلم نجد فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره، وقد قال أحمد بن حنبل رحمه الله: (ضعيف الحديث أحب إلينا من الرأي). قال علي-يعني ابن حزم نفسه-: وبهذا نقول"انتهى.
(المحلى(3/61))
5- يقول الحافظ السخاوي رحمه الله تعالى في "فتح المغيث :
"وكذا إذا تلقت الأمة الضعيف بالقبول يعمل به على الصحيح حتى أنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع به؛ ولهذا قال الشافعي رحمه الله في حديث: "لاوصية لوارث" : (إنه لايثبته أهل الحديث، ولكن العامة تلقته بالقبول وعملوا به حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية له) "انتهى.
("فتح المغيث"(1/287))
6- الشيخ محمد أنور شاه الكشميري في " فيض الباري على صحيح البخاري" عند قول البخاري : بابُ لا وصية لوارث :
وهذا الحديثُ ضعيفٌ باتفاق، مع ثبوت حُكْمه بالإِجماع، ولذا أخرجه المصنِّف في ترجمته، وإلا فإِنْه لا يأتي بالأحاديث الضَّعاف مِثْله، ثم لم يعبِّر عنه بالحديث، على ما عرفت من دَأبه، فيما مرّ، وبَحَث فيه ابنُ القَطَّان أن الحديثَ الضعيف إذا انعقد عليه الإِجماع هل ينقلب صحيحًا أَم لا؟ والمشهور الآن عند المحدِّثين أنه يبقى على حاله، والعُمْدة عنده في هذا الباب هو حال الإِسناد فقط، فلا يَحْكُمون بالصِّحة على حديثٍ راوٍ ضعيفٌ، وذهب بعضُهم إلى أن الحديثَ إذا تأيَّد بالعملِ ارتقى من حال الضَّعْف إلى مرتبة القبول.
قلت: وهو الأَوْجَهُ عندي، وإن كَبُر على المشغوفِين بالإِسناد. فإِني قد بلوت حالَهم في تَجَازُفِهم، وتسامحهم، وتماكُسِهم بهذا الباب أيضًا. واعتبارُ الواقع عندي أولى مِن المَشْي على القواعد. وإنَّما القواعدُ للفَصْل فيما لم يَنْكشِف أمرُه من الخارج على وَجْهِه، فاتِّباع الواقِع أَوْلى، والتمسُّك به أَحْرَى.) انتهي
((فيض الباري على صحيح البخاري (3/409) )
حديثُ " من ذرعَهُ القيءُ وهو صائم فليس عليه القضاء، وإن استقاءَ فليقض".
7- قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري" في كتاب الصيام في باب الحجامة والقيء للصائم (4/152) :
" روى البخاري في التاريخ الكبير" قال : قال مُسددٌ عن عيسى بن يونس، حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رفعه: " من ذرعَهُ القيءُ...". قال البخاري: لم يصحّ.
ورواه أصحاب "السُنن الأربعة" والحاكم من طريق عيسى بن يونس، وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من رواية عيسى بن يونس عن هشام، وسألتُ محمداً – يعني البخاري – عنه فقال : لا أراه محفوظاً.
وقد أخرجه ابن ماجه والحاكم من طريق حفص بن غياث أيضاً عن هشام.
قال الترمذي : وقد رُوي من غير وجه عن أبي هريرة، ولا يصح إسناده وعليه العمل عند أهل العلم".انتهي
((فتح الباري (4/152)))
حديث " القاتل لا يرث".
8- أخرجه الترمذي أيضاً في باب إبطال ميراث القاتل :
" من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " القاتل لا يرث".
قال الترمذي: " هذا حديثٌ لا يصح، ولا يُعرفُ هذا إلا من هذا الوجه، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قد تركه بعض أهل العلم، منهم أحمد بن حنبل، والعمل على هذا عند أهل العلم : أن القاتل لا يرث، سواء أكان القتل خطأ أو عمداً، وقال بعضهم إذا كان القتل خطأ فانه يرث، وهو قول مالك"
(8/259)
9- قال الإمام ابن حجر العسقلاني في (النكت على ابن الصلاح ): "من جملة صفات القبول التي لم يتعرض لها شيخنا: أن يتفق العلماء على العمل بمدلول حديث فإنه يقبل حتى يجب العمل به.
وقد صرح بذلك جماعة من أئمة الأصول.
ومن أمثلته: قول الشافعي رضي الله عنه: وما قلت من أنه إذا غير طعم الماء وريحه ولونه ويروى عن النبي صلي الله عليه وسلم من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله ولكنه قول العامة لا أعلم بينهم فيه خلافا. وقال في حديث لا وصية للوارث: لا يثبته أهل العلم بالحديث ولكن العامة تلقته بالقبول وعملوا به حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية للوارث.أهـ
(النكت على ابن الصلاح ج1/ص494)
10- في "النكت على ابن الصلاح" ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني حديثاً من رواية الحارث عن علي، وقال :
والحارث ضعيف جداً، وقد استغربه الترمذي، ثم حكى إجماع أهل العلم على القول بذلك، فاعتضد الحديث بالإجماع، والله أعلم، اه
(النكت على ابن الصلاح ج1/ص340)
11- وفي "التلخيص" قال الحافظ ابن حجر العسقلاني :
والحارث وإن كان ضعيفاً، فإن الإجماع منعقد على وفق ما روى)اه
((التلخيص" (3/206/1440))
12- وفي " التلخيص" ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني حديث :
" لا قطع في ثمر ولا كثر" ثم قال الحافظ : اختلف في وصله وإرساله، وقال الطحاوي : هذا الحديث تلقت العلماء متنه بالقبول" انتهي
(( التلخيص (4/121/2074))
13- وفي " التلخيص" قال الحافظ ابن حجر العسقلاني:
وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور – يعني حديث عمرو بن حزم في كتاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأهل اليمن – جماعةُ من الأئمة، لا من حيث الإسناد، بل من حيث الشهرة، فقال الشافعي في " رسالته" : لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقال ابن عبد البر : هذا كتاب مشهور عند أهل السير، معروف ما فيه عند أهل العلم، معرفة يُستغنى بشهرتها عن الإسناد، لأنه أشبه بالتواتر في مجيئه، لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة، قال : ويدل على شهرته: ما روى ابن وهب عن مالك عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، قال: وُجد كتابٌ عند آل حزم يذكرون أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقال العقيلي : هذا حديث ثابت محفوظ، إلا أنا نرى كتاب غير مسموع عمن فوق الزهري، وقال يعقوب بن سفيان: لا ألعم في جميع الكتب المنقولة كتاباً أصح من كتاب عمرو بن حزم هذا، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتابعين يرجعون إليه، ويدعون رأيهم، وقال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد العزيز وإمام عصره الزهري لهذا الكتاب بالصحة، ثم ساق ذلك بسنده إليهما" انتهي
(( التلخيص (4/36/1879))
14- قال ابن عبد البر في " الاستذكار" :
وهذا إسناد وإن لم يخرجه أصحاب الصحاح، فإن فقهاء الأمصار وجماعة من أهل الحديث متفقون على أن الماء البحر طهور، بل هو أصل عندهم في طهارة المياه الغالبة على النجاسات المستهلكة لها، وهذا يدل على أنه حديث صحيح المعنى، يُتلقى بالقبول والعمل، والذي هو أقوى من الإسناد المنفرد"
(( الاستذكار (2/98) برقم (1569))
15- ذكر الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء :
"أن الإمام الأوزاعي يحتج بالمقاطيع ومراسيل أهل الشام ".
(سير أعلام النبلاء ج7 ص 114)
16- بل حتي القاضي ابو بكر العربي الذي صرح بعدم جواز العمل بالحديث الصحيح فضل الضعيف على راي القياس وهذا يدل علي أخذه بالضعيف
ذكر القاضى أبو بكر بن العربى فى كتابه - مراقى الزلف – حديث ابن عباس إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى, ثم قال: و بكراهة النظر أقول لأن الخبر و إن لم يثبت بالكراهة فالخبر الضعيف أولى عند العلماء من رأى القياس.
((كما جاء في رد اعتبار الجامع الصغير ص 26 ص 27))
17- قال الإمام البيهقي في السنن الكبرى كتاب الضحايا باب ما جاء في ذبيحة المجوس:(هذا مرسل، وإجماع أكثر الأمة عليه يؤكده، اه)
((السنن الكبرى (9/285))
((وانظره في " التلخيص (3/353 – 354/1643)
18- قال الإمام البيهقي في السنن كتاب الجمعة، بباب من زعم أن الإنصات للإمام اختيار... قال : وهذا وإن كان مرسلاً، فهو مرسل جيد، وهذه قصة مشهورة فيما بين أرباب المغازي...، اه.
((السنن (3/222))
19- قال الإمام البيهقي رحمه : قال في " السنن الكبرى" :
كتاب صلاة العيدين، باب الغدو إلى العيدين:
وهذا أيضاً مرسل، وشاهده عمل المسلمين بذلك، أو بما يقرب منه...، انتهي
((السنن الكبرى (3/282))
20- جاء في (الكفاية في علم الرواية ):
وقد يستدل أيضا على صحته بأن يكون خبرا عن أمر اقتضاه نص القرآن أو السنة المتواترة ، أو اجتمعت الأمة على تصديقه أو تلقته الكافة بالقبول وعملت بموجبه لأجله.أهـ
(الكفاية في علم الرواية ج1/ص17)
21- قال السيوطي في (تدريب الراوي ) وهو يتحدث عما يرد على تعريف الحديث الصحيح قال: أورد على هذا التعريف:
- إن الحسن إذا روى من غير وجه ارتقى من درجة الحسن إلى منزلة الصحة ، وهو غير داخل في هذا الحد.
- وكذا ما اعتضد بتلقي العلماء له بالقبول ، قال بعضهم: يحكم للحديث بالصحة إذا تلقاه الناس بالقبول ، وإن لم يكن له إسناد صحيح."
(تدريب الراوي ج1/ص67-68)
22- قال السيوطي في "تدريب الراوي"
عن الحديث الضعيف: «ويُعمَلُ بالضعيف أيضاً في الأحكام إذا كان فيه احتياط»
(تدريب الراوي ص298، 299)
23- وفي " التدريب":
ذكر كلام ابن عبد البر في حديث ماء البحر، ثم قال: وقال في " التمهيد" : روى جابر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " الدينار أربعة وعشرون قيراطاً" قال : وفي قول جماعة العلماء وإجماع الناس على معناه غنّى عن الإسناد.
وقال الإستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني : تُعرف صحة الحديث إذا اشتهر عند أئمة الحديث بغير نكير منهم.
وقال نحوه ابن فورك، وزاد بأن مثّل ذلك بحديث : " وفي الرقة ربع العشر، وفي مائتي درهم خمسة دراهم".
وقال أبو الحسن بن الحصار في " تقريب المدارك على موطا مالك" : قد يعلم الفقيه صحة الحديث إذا لم يكن في سنده كذاب، بموافقة آية من كتاب الله، أو بعض أصول الشريعة، فيحمله ذلك على قبوله والعمل به ...، اه.
(( التدريب (1/66))
24- قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث :
( أبو داود يخرج الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره وهو أقوى عنده من رأي الرجال وهو تابع في ذلك شيخه الإمام أحمد فقد روينا من طريق عبد الله بن أحمد بالإسناد الصحيح إليه قال سمعت أبي يقول لاتكاد ترى أحدا ينظر في الرأي إلا وفي قلبه غل ، والحديث الضعيف أحب إلي من الرأي ، قال فسألته عن الرجل يكون ببلد لا يجد فيها إلا صاحب حديث لا يدري صحيحه من سقيمه وصاحب رأي فمن يسأل ؟ قال : يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأي .
وكذا نقل ابن المنذر أن أحمد كان يحتج بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا لم يكن في الباب غيره .
وفي رواية عنه أنه قال لابنه لو أردت أن أقتصره على ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث إني لاأخالف ما يضعف إلا إذا كان في الباب شيء يدفعه وذكر ابن الجوزي في الموضوعات أنه كان يقدم الضعيف على القياس بل حكى الطوفي عن النقي بن تيمية أنه قال : اعتبرت مسند أحمد فوجته مواقفا بشرط داود انتهى ) اهـ
((فتح المغيث ( 1 / 82 – 83 طبعة دار الكتب العلمية – لبنان الطبعة الأولى ، 1403هـ ))
25- قال الحافظ السخاوي رحمه الله تعالى في: "فتح المغيث" :
"لكنه-يعني: الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه- احتج رحمه الله بالضعيف حين لم يكن في الباب غيره، وتبعه أبو داود، وقدماه على الرأي والقياس. ويقال عن أبي حنيفة أيضا ذلك. وإن الشافعي يحتج بالمرسل إذا لم يجد غيره)
(فتح المغيث(1/287))
26- قال الحافظ الزيلعي في (نصب الراية)
عن عبدالله ابن المبارك:
«إن ابن المبارك يروي كثيرا من الاحاديث فيوقفها» ا.هـ
((نصب الراية ج2 ص444))
لم ينظر أهل العلم في أن الحديث موقوف بل أخذوا بقول عبدالله ابن المبارك لجلالته وإمامته وأصبح كلامه فتوى يعمل به
27- قال ابن القيم الحنبلي رحمه كتاب " الروح" :
" ويدلّ على هذا – أي على أنّ الميت يعلم من حال الأحياء وزيارتهم له وسلامهم عليه – ما جرى عليه عمل الناس قديماً وإلى الآن : من تلقين الميت في قبره، وقد سُئل الامام أحمد رحمه الله تعالى فاستحسنه واحتجّ عليه بالعمل.
ويُروى فيه حديث ضعيف ذكره الطبراني في " معجمه" من حديث أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات أحدكم فسوّيتم عليه التراب فليقُم أحدكم على رأس قبره ثم يقول : يا فلان بن فلانة، فانه يسمع ولا يجيب، ثم ليقُل: يا فلان بن فلانة، الثانية، فانه يستوي قاعداً، ثم ليقل: يا فلان بن فلانة، يقول: أرشدنا رحمك الله، ولكنكم لا تسمعون. فيقول: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأنك رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما، فإنّ منكراً ونكيراً يتأخر كل واحد منهما ويقول: انطلق بنا، ما يُقعدنا عند هذا وقد لُقّن حجّته؟ ويكون الله ورسوله حجيجه دونهما. فقال رجل: يا رسول الله فان لم يعرف أمّه؟ قال : ينسُبُه إلى أمه حواء، يا فلان بن حواء".
(( الروح (ص 14))
28- قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في أعلام الموقعين:
"وقد ذكر حديث إرسال معاذ إلى اليمن: قال أبو بكر الخطيب: وقد قيل : إن عبادة بن نسي رواه عن عبد الرحمن بن غنيم عن معاذ، وهذا إسناد متصل، ورجاله معروفون بالثقة، على أن أهل العلم قد نقلوه واحتجوا به، فوقفنا بذلك على صحته عندهم، كما وقفنا على صحة قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " لا وصية لوارث" وقوله في البحر: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته" وقوله : " إذا اختلف المتبايعان في الثمن، والسلعة قائمة، تحالفا وترادّا البيع" وقوله : " الدية على العاقلة" وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الإسناد، ولكن ما تلقتها الكافة عن الكافة غنوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها، فكذلك حديث معاذ لما احتجوا به جميعاً غنو عن طلب الإسناد له، انتهى
((أعلام الموقعين (1/202 - 203))
29- في شرح الكوكب المنير قال الخلال:
" ومذهبه ــ أي الإمام أحمد ــ أن الحديث الضعيف إذا لم يكن له معارض قال به ..الخ"
((الكوكب المنير (2/573))
30- جاء في شرح ابن علان والاجوبة الفاضلة :
" عن عبدالله بم أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي: رجلٌ وقعت له مسألة وفي البلد رجل من أهل الحديث فيه ضعف، وفقيه من أهل الرأي، أيهما يسأل؟
قال: لا يسأل أهل الرأي، ضعيف الحديث خير من قوي الرأي"
((شرح ابن علان للأذكار (1/86))
(والأجوبة الفاضلة ص47).
31- قال العلامة اللكنوي رحمه الله تعالى في: "الأجوبة الفاضلة" :
"وتبع أحمد أبو داود، وقدماه على الرأي والقياس. ويقال عن أبي حنيفة أيضا ذلك، وإن الشافعي يحتج بالمرسل إذا لم يجد غيره"انتهى.
(والأجوبة الفاضلة ص51).
32- قال المحقق ابن الهمام في " الفتح" في آخر الفصل الأول من فصول كتاب الطلاق :ومما يصحح الحديث أيضاً عمل العلماء على وفقه، وقال الترمذي عقيب روايته حديث " طلاق الأمة ثنتان" : حديث غريب، والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وغيرهم."
((الفتح (3/143))
33- قال صاحب "الدر المختار" (1|87):
«وأما الموضوع فلا يجوز العمل به بحال. أي ولو في فضائل الأعمال».
فعقّب عليه الشيخ أحمد الطحطاوي (ت1231هـ) في "حاشيته": «أي: حديث كان مخالِفاً لقواعد الشريعة. وأما لو كان داخلاً في أصلٍ عام، فلا مانع منه! لا بجَعْلِه حديثاً، بل لدخولِه تحت أصلِ عام»!!!
34- قال الشيخ إبراهيم الشبرخيتي رحمه الله تعالى في: "شرح الأربعين النووية" :
"ومحل كونه لايعمل بالضعيف في الأحكام مالم يكن تلقاه الناس بالقبول، فإن كان كذلك تعين وصار حجة يعمل به في الأحكام وغيرها كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى" انتهى.
((شرح الأربعين النووية (ص/39))
35- أورد الدكتور ماهر الفحل في كتابه : أثر علل الحديث في الإختلاف بين الفقهاء:
"ما نصه الأتي فيما يتكلم عن أقوال العلماء عن الحديث الضعيف الذي تلقته العلماء بالقبول :أما تلقي العلماء لحديث بالقبول فهو من الأمور التي تزول به العلة و تخرج الحديث من حيز الرد الى العمل بمقتضاه ، بل ذهب بعض العلماء الى أن له حكم الصحة ؛ قال الحافظ ابن حجر : (( و جزم القاضي أبو نصر عبد الوهاب المالكي في كتاب الملخص بالصحة فيما اذا تلقوه بالقبول)) .
و قال ابن عبد البر في الاستذكار -لما حكى عن الترمذي أن البخاري صحح حديث البحر: ((هو الطهور ماؤه)) - : و أهل الحديث لا يصححون مثل اسناده لكن الحديث عندي صحيح لأن العلماء تلقوه بالقبول ).
و في التمهيد (روى جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم : الدينار أربع و عشرون قيراطا).
قال ((و في قبول جماعة من العلماء و اجماع الناس على معناه غنى عن اسناده))
و قال الزركشي : ((ان الحديث الضعيف اذا تلقته الأمة بالقبول عمل به على الصحيح حتى أنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع))
و عند الحنفية يعدون الضعيف اذا تلقاه العلماء بالقبول في حيز المتواتر كما نص عليه الجصاص فقد قال عند الكلام على حديث : ((طلاق الأمة تطليقتان و عدتها حيضتان)) : (( و قد تقدم سنده و قد استعملت الأمة هذين الحديثين في نقصان العدة و ان كان وروده من طريق الآحاد فصار في حيز المتواتر لأن ما تلقاه الناس بالقبول من أخبار الآحاد فهو عندنا في معنى المتواتر لما بيناه في مواقع )) .
و الذي يبدو لي أن الشافعي رحمه الله تعالى هو أول من أشار الى تقوية الضعيف بتلقي العلماء فقد قال : ((فاستدللنا بما و صفت من نقل عامة أهل المغازي عن النبي صلى الله عليه و سلم أن ((لا وصية لوارث )) على أن المواريث ناسخة للوصية للوالدين و الزوجة مع الخبر المنقطع و اجماع العامة على القول به)) .
ثم ان الامام الشافعي قد أشار الى ذلك عند كلامه عن شروط قبول المرسل فقال : ((و كذلك ان وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روي عنهم عن النبي صلى الله عليه و سلم)).
و ربما التمس الترمذي ذلك من كلام الشافعي فأخذ يقول في كثير من الأحاديث الضعيفةالاسناد من حيث الصناعة الحديثية ((و عليه العمل عند أهل العلم)) مشيرا في ذلك -و الله أعلم- الى تقوية الحديث عند أهل العلم لأن عملهم بمقتضاه يدل على اشتهار أصله عندهم . و قد يلتمس هذا من صنيع البخاري رحمه الله فقد قال في كتاب الوصايا من صحيحه : ((و يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية)) . و قد علق على ذلك الحافظ ابن حجر قائلا :((و كأن البخاري اعتمد عليه لاعتضاده بالاتفاق على مقتضاه ، و الا فلم تجر عادته أن يورد الضعيف في مقام الاحتجاج)) .
و قال ابن الوزير :
(( و قد احتج العلماء على صحة أحاديث بتلقي الأمة لها بالقبول)) و قال الحافظ ابن حجر : (من جملة صفات القبول التي لم يتعرض لها شيخنا أن يتفق العلماء على العمل بمدلول حديث ، فانه يقبل حتى يجب العمل به ، و قد صرح بذلك جماعة من أئمة الأصول ، و من أمثلته قول الشافعي رضي الله عنه : و ما قلت من أنه اذا غير طعم الماء و ريحه و لونه يروى عن النبي صلى الله عليه و سلم من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله ، و لكنه قول العامة لا أعلم بينهم خلافا . و قال في حديث: (( لا وصية لوارث)) لا يثبته أهل العلم بالحديث و لكن العامة تلقته بالقبول و عملوا به حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية)) .
و قال السيوطي في التعقبات على الموضوعات - بعد أن ذكر حديث حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر)) - أخرجه الترمذي و قال : العمل على هذا عند أهل العلم ؛ فأشار بذلك الى أن الحديث أعتضد بقول أهل العلم ، و قد صرح غير واحد بأن من دليل صحة الحديث قول أهل العلم به و ان لم يكن له اسناد يعتمد على مثله" .
((أثر علل الحديث في الإختلاف بين الفقهاء ص 106 و 107))
منقول من :موقع المجهر
|
التعليقات (0)