هـوامــش حـرة
العمر الحقيقي
بقلم: فاروق جويدة
أحيانا ننتظر الأشياء وقتا طويلا ولكنها لا تجيء.. وأجمل الأشياء تلك التي تأتي في ميعادها كثيرا ما نزرع الأشجار وتبخل علينا السماء بالمطر..
وكثيرا مما ننتظر الحظ ولكنه يعاندنا وأسوأ الحظوظ في دنيا البشر ألا يزورنا الحب أو يأتي في الزمن الخطأ أو يجيء بعد فوات الأوان.. وإذا كان للطيور مواسم للرحيل والسفر وللثمار فصول نزرع فيها أو نحصد الثمر.. فإن للحب أيضا مواسمه وهي لا ترتبط بالزمن مثل كل الأشياء.. إن الحب لا يعرف الزمن أنه زائر عزيز يدق أبواب قلوبنا بلا ميعاد ولا نملك غير أن نكون في شرف استقباله..
هناك مواعيد لا تحتمل التأجيل لحظة حب.. وقصيدة.. ولا يستطيع الإنسان أن يستعيد لحظة حب فرت من بين يديه.. نستطيع أن نسترجع أحزاننا.. ونستطيع أن نعيش لحظات الذكري ولكن لحظة الحب شيء يختلف.. يمكن أن تعيش الذكري مع نفسك وأن يزورك الحزن وحيدا.. ولكن لحظة الحب يرسمها قلبان وليس قلبا واحدا وإذا ضاعت منك أخذتك إلي ساحة الذكري وهي حق مشروع لك وحدك نحن نملك ذكرياتنا ولكننا لا نملك أن نعيش وحدنا لحظة حب.. وإذا كانت لحظة الحب مع امرأة فإن القصيدة لحظة حب مع الكلمات ولابد أن تقدم لها كل مظاهر العرفان وأن تترك لها نفسك, إنها زيارة ملكية لها طقوسها الخاصة لأنها تختار مثل الحب موعد ظهورها.. وكما تستقبلك الحبيبة بأجمل ما عندها من العطور والثياب فإن القصيدة لا تستسلم لك إلا بعد وصلة دلال طويلة.. إنها تجيء علي استحياء وتعطيك نفسها بلا موعد.. ثم بعد ذلك تمضي دون أن تحدد ميعاد عودتها أو مواسم ظهورها.. قد تكون القصيدة لحظة حب.. وقد يكون الحب مجرد لحظة وفي الحب لا نحسب الزمن بالسنين.. ومع القصيدة لا ينبغي أن نحسب ميعاد المجيء أو الرحيل.. وما بين الحب والقصيدة يمكن أن تعرف العمر الحقيقي للإنسان..
التعليقات (0)