النظام السوري يعيش أيام صعبة و عصيبة، فهو يعيش أزمة داخلية خانقة، و يواجه رفضا دوليا غير مسبوق، ويسعى جهد إمکانه و من خلال مناورات سياسية متباينة و کذلك عروض بالغة القساوة للعنف، أن يجير الاوضاع لصالحه او على الاقل يغير مساراتها و محصلتها النهائية بسياقات تخدم بقائه و الحفاظ عليه من"عوادي الدهر"!
بديهي أن دول الاتحاد الاوربي و الولايات المتحدة الامريکية ليست لوحدها فقط ترحب بالانتفاضة الشعبية السورية ضد نظام الرئيس بشار الاسد، وانما هنالك أيضا حالة من الارتياح و الغبطة تسري بين دول من المنطقة على خلفية الاحداث العاصفة التي تمر بها سوريا و تضع النظام في موقف حرج و بالغ الصعوبة، وإذا ماکان هنالك إجماع عربي کامل على تفهم الحالة الشعبية السورية و التضامن"الصميمي"معها، فإن الحکومة العراقية و من خلفها حليفتها و ظهيرها الاستراتيجي النظام الديني المتخلف في طهران، تجد في النظام السوري نظاما ممانعا و مقاوما و مواجها للصهيونية و الامبريالية الامريکية(على حد زعمهم)، ويبدو في أغلب الاحيان أن بغداد المالکي و طهران آيات الله المستبدين تفکران بعقلية و منطق النعامة التي تضع رأسها في الرمال و هي تواجه المخاطر التي تحدق بها، إذ واضح و جلي أن أي نظام يقف بوجه التغيير في دمشق فإنه معني بهذا التغيير و مشمول بتداعياته و تأثيراته المستقبلية، ولعل التأکيدات التي أطلقها المرشد الايراني و التي قام من خلالها بتبعيض واضح و مقصود في الدول العربية التي تجتاحها الرياح الربيعية الجارفة، تظهر رغبة أکيدة لطهران في الحفاظ و الابقاء على نظام الاسد و درء الاخطار المحدقة به، وقطعا أن عمامات طهران تسعى جهد إمکانها من أجل إحداث أي تغيير في المعادلات القائمة لصالح النظام السوري المترنح بفعل الرفض الجماهير الجارف و العارم له، وقطعا أن التأکيدات التي بعثها الرئيس العراقي جلال الطالباني لنظيره بشار الاسد بخصوص ما سماه(دعم مسيرة الاصلاحات في سوريا)، و التي نقلت للرئيس السوري من خلال رسالة خاصة حملها إليه مبعوثه(عادل عبدالمهدي)، خلال الايام القليلة الماضية و التي قال فيها الطالباني(أن العراق يدعم أمن و استقرار سوريا و مسيرة الاصلاحات السياسيـة فيها)، وقطعا أن الهجمة"الخائبة و الفاشلة" التي تقوم بها قوات الحرس الثوري بإتجاه جبل قنديل، هي الاخرى تصب بهذا الاتجاه من أجل تقوية الموقف الايراني إقليميا و دفع دول المنطقة بسياق قبول الخيارات الايرانية ومن ضمنها إبقاء نظام الدکتاتور الاسد في سوريا، مثلما أن المرشد الايراني قد قام أخيرا بضخ بضعة مليارات من الدولارات النفطية لنظام بشار الاسد من أجل الحيلولة دون سقوطه المحتوم، هو الاخر سعي حثيث من أجل بقاء هذا النظام الشمولي المستبد على دست الحکم في دمشق، لکن مشکلة عمائم طهران الازلية هي انها لاتريد القبول بثمة حقيقة مهمة جدا تتجلى في أن نهاية الربيع العربي ستکون في طهران!
التعليقات (0)