العلم .. التعليم .. الخرافة .. الشعوذة
نخاف التعليم .. ونخشى العلم .. ونكفر العلوم , ولسان حالنا يقول إنه شر لابد منه .. ندمن الخرافات والشعوذة ونلجأ للدجل .. بل نرجع كل نجاح أو إخفاق للعديد من الخرافات
بات العلم عندنا مجرد
إيجازة علمية للوجاهة فقط .. و أكاد أجزم بأن حتى هذه الزاوية ( الوجاهة بالعلم ) إندثرت بعدما لهث المتعلم وراء المال والمكسب السريع السهل .. لترى المحامي .. تحول نقاشا ً ، والمهندس .. فضل قيادة السيارات الأجرة عن مهنة الهندسة التي لم يجد لنفسه فيها متسعا ً لمكان قدم .. وخريج الآداب .. فضل أن يعمل سباكا أو في مجال المعمار أو العتاقة بحثا ً عن الكسب السريع السهل
أصبح العلم مجرد شهادة علمية .. ليس إلا .. حتى يقال أن صاحبها حاصل على شهادة .. وبالمرة يمكن أن نقول درجة علمية تقلص من مدة تجنيده بالخدمة العسكرية
العلم بات وكأنه شر لابد منه .. فكرهناه , لاحظ حتى إننا لا نلجأ إليه في أشد أوقاتنا حرجا ً .. ونتحول للدجل والسحر والشعوذة .. ونرجع إليهم معظم نجاحاتنا وإخفاقاتنا .
المجتمع اليوم في حالة حراك سياسي وإقتصادي .. وهذا الحراك في وجود أمية تعليمية وثقافية من أخطر وأشد أنواع البلاء .. ومع ذلك بقي العلم والتعليم على حالة من السكون بلا حراك
والسؤال هنا لماذا ؟؟
وللإجابة على هذا التساؤل : تعالى معي عزيزي القارئ لنبحث عن العلم بين جنبات وفي داخل مجتمعنا .. في فكرنا وسلوكياتنا وقيمنا .. أله وجود أم أنه متخفي وإندثر
أله قيمة وذو دور في تنمية المجتمع أم لا ؟؟
والإشكالية هنا متعددة الأبعاد
تبدأ بالبيت ثم المدارس والمؤسسات التعليمية .. ثم قيمة العلم نفسه في نفسية أطفالنا
ونأتي لدور
البيت والأسرة
باتت الصورة سلبية ومحايدة بإعتبار العلم مرحلة آداء واجب للحصول على شهادة
مهما تكلف الأمر من مصاريف
فصار أبناؤنا يخرجوا من المؤسسات التعليمية كما دخلوا
بل لك أن تقول يتهبوا منها وينسلخوا حيث الجهل والأمية
كان الأهل مرمى هدفهم لأولادهم العلم والتعليم
وأتذكر أول سؤال كان يواجهني بعد عودتي من المدرسة .. ها أخذتوا إيه النهارده ؟؟
أما الآن فأعتقد أن السؤال الأم الذي يواجهه أبنائنا حال عودتهم من المدرسة .. هذا إن كان هناك من يهتم ويسألهم ، أو حتى كان موجود من أساسه ولم يشغله أو يشغلها السعي وراء الرزق عن أولادهما .. ها عندك درس خصوصي إيه النهارده ؟ ..
والمجموعة دي فين .. وهكذا بات الحال لأولادنا وكأنه معتقل .. يخرج أبنائنا من المدرسة العامة صباحا ً مودعا أكثر من خمسين زميل .. ليستكمل يومه في المدرسة الخاصة مع عشرة أو خمسة من الزملاء جدد أو قدامى .. داخل الدرس الخصوصي أو المجموعة
وكأن أولادنا كلنا ضعاف المدارك
ثم نأتي للمرحلة الأخرى من البعد المتعدد لإشكالية التعليم
وهي دور المؤسسات التعليمية
والتي إنشغل المسئولون فيها عن آداء واجبهم بالأداريات والروتينيات واللهث في البحث عن تجميع أكبر عدد من الطلبة تحت ما يسمى بالدروس الخصوصية
هذا حالنا لا يخفى على أحد سوانا
بات العلم مجرد تحصيل حاصل ينتهي مفعولة بإنقضاء مدة الصلاحية
وحاول مرة عزيزي القارئ أن تسأل خريج جامعة
عن إسم وزير معين في الدولة ومتى تسلم واجبات وظيفته .. وماهي متطلباتها .. أو كم عدد الوزارات بالدولة وتعداد الوزراء .. وإنتظر الرد .. وأجارك الله من الردة في الرد
لذا
أتحدى لو أن هناك من بين المسئولين عن المؤسسات التعليمية من يمكنه تقييم الطالب تقيما ً دقيقا ً عند تصحيح ورقة إمتحان .
ونقول
كمبيوتر لكل بيت وكل مدرسة
ولكننا حقيقة
نحتاج أن نتعلم القرأة والكتابة
وأن يكون في بيتنا كتاب ولو واحد فقط
نحتاج لمدرس قوى وقادر على آداء واجبه
ولا نحتاج لأن ننظر تحت أقدامنا ونعيش حياتنا مثل حياة البراري اليوم بيومه
و يتبقى سؤال
لماذا نتعلم ؟؟
ولو كان أبنائنا يعتقدون في الكثير من المقولات والعادات الخرافية التي يتقول بها الكثير وينسبونها للدين
ويكبر الطفل على أن قرآة آية قرآنية هي التي أدت لنجاحه ويتناسى بمسبب أن أسباب النجاح هي الجد والإجتهاد
ويأخذ معه وهو ذاهب لأداء الإمتحان بعض الأدعية والأحجبة
حتى يتسنى له إنجاز ما هو صعب على فكره ومداركه
ويتطور الموضوع ليصل لمرحلة مخيفة حين تعلم أن الإعلام يشجع على هذه الفوضى من خلال وسائطه ووسائله
راجع ما كان يقال آبان عبور الجيش المصري لقناة السويس وإقتحام خط بارليف .. بأن هناك من الملائكة من عبر مع قواتنا وحطم اسطورة إسرائيل التي لا تهزم
فقد الشعب الثقة في جيشه وفقدنا حقائق التدريب المضني والمستمر والتخطيط العلمي كأنه لم يكن له وجود .. والإشكالية هنا أن الدولة ذاتها تسمح بذلك وتمنع الرد على مثل هؤلاء
كما .. وما يفرد من صفحات بالصحف مثلا لما يقال بأنه الإعجاز العلمي في الإسلام
وهوما نقده الكثير من كبار المحترمين من شيوخ الأزهر
ملخص القول
إننا نخاف من التفكير العلمي والعلوم
لأنهما سيكشفان حجم الجهل والتخلف الذي نحياه
ويميط اللثام عن الفجوة في قدرتنا على التفكير العلمي
لذا نجد أن التعليم اليوم لا يتناسب مع أماني المجتمع
ولآن الناس يقبلون على ما يرون أنه في مصلحتهم .. فتجدهم أقبلوا على الإستسهال والمكسب السريع .. حتى ولو أهان هذا المبدأ كرامة العلم والتعليم والمتعلمين
وإلى لقاء آخر بإذن الله
عندما
يصبح العلم ليس ذو قيمة ليؤدي دوره في نمو المجتمع
التعليقات (0)