مواضيع اليوم

العلم عبادة الأنبياء

حسن العجوز العجوز

2012-04-17 11:59:31

0




العلم عبادة الأنبياء والمرسلين

ما عبادة الأنبياء والمرسلين؟ عبادتهم هى التى قال الله له فيها 
{وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} العلم: يتعلَّم هو من العليم سبحانه ويعلِّم الجهلاء كي يتفقهوا فى دين الله ولذلك ورد عن الصالحين أنه كان يأتيهم المريد يبول على نفسه – أى لا يعرف كيفية الاستنجاء ولا كيفية التَّطهُّر – فيمكث عندهم ثلاثة أيام فيخرج عالماً بالله هل ذلك أفضل أم صلاة ألف ركعة فى كل ليلة؟ يقول الحبيب {لأنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً واحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ}[1] وفى رواية{لأنْ يَهْدِيَ الله عَلى يَدَيْكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ}[2] إذاً كانت عبادة رسول الله طلب العلم من الله بالزيادة ثم تعليم خلق الله ونشر دين الله وشرع الله جلَّ فى علاه وهى أعلى وظيفة وكان على ذلك أعلى المقربين والصالحين والوارثين لسيد الأولين والآخرين الذين ورثوا هذا الشأن أى الذي يعلِّم نفسه ثم يعلِّم غيره ولا يوجد فى الأمة رجل يتعلَّم فقط لقول الحبيب {بَلغُوا عَني وَلَوْ آيَةً}[3] فلو عرفت مسألة واحدة عليك أن تُعَلِّمها لزوجك ولأولادك ولجيرانك ثم لرفقائك فى العمل بحسب مقتضى الحال واجعل حديثك دائماً مع إخوانك المسلمين فى مسائل الدين لكن ليس للجدال ولكن للتعليم كي تدخل فى هذه الوراثة الكاملة للنبي الرءوف الرحيم التى يقول فيها{إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلاَ دِرْهَماًإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ[4] من ميراث رسول الله وكما لا يوجد في الأمة متعلم فقط كذلك لا يوجد فيها معلم فقط لأنه قال عز شأنه{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} إذ يسعى المرء لطلب العلم ممن فوقه ويعلِّم من دونه وهذه هي وظيفة كلِّ رجل فى هذه الأمة {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}لماذا يا رب؟{تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} وإذا فعلتم ذلك {وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} هنا يصح الإيمان بعد الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهذا للأمة كلها {كُنتُمْ} أى جميعاً وذلك لأنك عندما تأمر بالمعروف فإنك ستأمر نفسك وتنهى نفسك فإن استجابت! لك تدعو زوجك فإن استجابت ستدعو أولادك فإن استجابوا ستدعو أهلك فإن استجابوا ستدعو جيرانك إذاً يجب على كل مسلم أن يكون فى هذا الباب وينافس فيه ليفوز بنصيبه الوافر مع الأحباب من النبي فى العلم الذي ورثَّه الله له فى الكتاب ولذلك فإن النبي يقول واسمعوا هذا الحديث وعوه {مَنْ غَدا إِلى المسْجِدِ لا يُرِيدُ إِلا أَنْ يتَعلَّمَ خَيْراً أَو يُعَلِّمَهُ كان له أجْرُ حاجٍّ تاماً حجَّتَهُ}[5] وقال أيضاً {مَنْ جاءَ مَسْجِدَنا هذا يَتَعَلَّمُ خَيْراً وَيُعَلِّمُهُ فَهو كالْمجَاهِدِ في سَبيلِ الله}[6] أى الذي يأتى إلى المسجد كي يتعلم يكتب له أجر حجة تامة كاملة كم ينفق الواحد منا ليحظى بهذا الأجر عندما يحج؟ وكم يبذل من التعب والعناء ليحظى بأجر الحج ؟ كل ذلك وهو لا يعلم إن كانت حجته بعد هذا تامة وكاملة أم ناقصة ولكن من جاء المسجد للعلم فقد حظى بهذا الأجر بفضل الله تاما غير منقوص من غير تعب ولا عناء ولا شقاء ولا مصاريف ولا فلوس ومن يأتى المسجد كي يُعلّم كذلك يكتب له خيرٌ من عبادة ستين سنة وهنا إشارة لماذا ذكر النبى الاثنين؟لأنه كما قلنا فإنك تعلم وتتعلم فلا يوجد معلم وفقط فسيدنا موسى عندما قال له بنو اسرائيل: من أعلم الناس يا موسى؟ قال: أنا عاتبه الله على ذلك لأنه لم ينسب العلم إلى العليم ومع أنه نبي وكليم إلا أن الله أمره أن يذهب إلى عبد متواضع متوارٍ كالذين يقول فيهم الرءوف الرحيم {أَلاَ أُخْبِرُكَ عَنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَىٰ قَالَ: رَجُلٌ ضَعِيفٌ مُسْتَضْعَفٌ ذُو طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ}[7] وكان العبد على هذا المثال وقد مشى سيدنا موسى إليه وعندما سارا معا رأيا عصفوراً نقر نقرتين فى البحر فقال العبد لموسى كما جاء {مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللّهِ إِلاَّ مِثْلَ مَا نَقَصَ هذَا الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ}[8]{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} كذلك سيدنا سليمان عندما كان يجلس مع خاصته وقال {عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ} وعندما ذهب ليتفقد الطير قال{مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} بعد ذلك جاء الهدهد فسأله أين كنت؟ قال: أحطت بما لم تحط به وانظر إلى إعجاز الله وتعليم الله وتأديبه لأنبياءه ورسله فأين نذهب نحن يا إخوانى عندما نسمع واحداً منا وهو يقول: أنا العالم فلان وإذا قلنا له:هيا نحضر مجلس علم لفلان يقول: ماذا سيقول أكثر مما عندي وماذا تملك يا مسكين من العلم فالعلم كله فى العالم كله من الذي يستطيع أن يجمع العلم كله؟ وقد جمع الإمام جلال الدين السيوطى مائة ألف حديث لرسول الله بأسانيدهم فلان عن فلان عن فلان ثم جاءه رسول الله فى المنام كي يُشَرِّفه وقال له كي يبشِّره: اقرأ علىَّ يا شيخ الحديث وقرأ على رسول الله بعض أحاديثه فى المنام ، ومع أنه صلى الله عليه وسلم أعطاه مرتبة شيخ الحديث إلا أنه قال: "جمعت مائة ألف حديث عن رسول الله ولا أظن أنى جمعت حديث رسول الله كله لماذا؟ لأن أصحاب رسول الله تفرقوا فى البلاد وكان مع كل رجل منهم أحاديث سمعتها أذناه ووعاها قلبه لم يسمعها غيره من رسول الله ولذا فإنى أعجب عندما يأتى رجلٌ ويقول: هذا الحديث لم يرد؟ من الذي أدراك؟ وكل ما عليك أن تقوله هو أن هذا الحديث لم يمر علىَّ أو أنى لم أسمعه ولم أطلع عليه فهل يوجد ياأيها القراء الكرام على ظهر البسيطة من عصر حضرة النبي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها من جمع كل تراث النبي من الحديث؟ إن كان فأين هو؟ وذلك لأن كل كلمة كان يقولها رسول الله كانت حديثاً سواءاً كان يقولها لواحد أو لإثنين أولثلاثة فهى حديث وقد كانت عبادة رسول الله طوال النهار تعليماً ثلاثة وعشرون سنة كلام وعمل من الذي يستطيع أن يجمعها وأين السجلات التى تدونها وتستوعبها وأين الشرائط التى تسجلها إذاً من الأدب مع حضرة النبي ألا يقول أحدٌ أن هذا الحديث لم يرد بل يقول: لم أقرأه أو لم أطلع عليه أو لم أسمعه لأنه من الجائز أن يكون قد سمعه غيره أو جمعه أو حفظه ومن حفظ حجة على من لم يحفظ وبذلك فإن أول عبادة خاصة يتقرب بها المتقربون لينالوا محبة الله أن يتفقهوا فى الدين ليعملوا به أولاً فى أنفسهم ثم يعلِّمون غيرهم من عباد الله المسلمين وأكرر بوضوح لا يتعلم ليُعَلِّم لا ولكن يتعلم أولاً ليعمل فإذا عمل به وانفعل قلبه بنور عمله يبلِّغ بعد ذلك عن ربه أو عن نبيه فلا يتعلم ليقال عالم وإلا كان هذا أجره {فَقَدْ قِيلَ}[9] ولا يتعلم ليجادل لأن ديننا ينهى عن الجدال الذي يقول فيه نبينا {أَنَا الزَعِيمُ -الضامن- بِبَيْتٍ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلاَهَا، وَبِبَيْتٍ فِي أَسْفَلِهَا لِمَنْ تَرَكَ الْجِدَالَ وَهُوَ مُحِقٌّ، وَتَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ لاَعِبٌ، وَحَسُنَ خُلُقُهُ لِلنَّاسِ }[10] وذلك لأن الجدال يُوَرِّث الضغائن فى النفوس والأحقاد فى القلوب ويدفع للكذب فى الحجج ويدفع للتبجح والتعنف ولذلك أمر المسلمين بمنع الجدال بالكلية من الذي يجادل يا رسول الله؟ قال {مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلاَّ أُوتُوا الْجَدَلَ}[11] إذاً فالجدل دليلٌ على غضب الله هل معنى ذلك ألا نتناقش فى العلم؟ لا ليس ذلك ولكن هناك ما يسمى بالمناظرة أنا أدلي برأيي والثانى يدلي برأيه لكن أخضع لصاحب الحجة الأقوى بلا تعنت أما المجادل فهو المصرُّ على رأيه ويريد أن يفرضه على الآخرين ولو كان خطأً وهذا ما نهى عنه نبي الإسلام وهذه الآداب ذكرها رسول الله فى الحديث الشريف حيث يقول{مَنْ تَعَلَّـمَ الْعِلْـمَ لِـيُبَـاهِيَ بِهِ الْعُلَـمَاءَ أَوْ يُـمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَـيْهِ أَدْخَـلَهُ الله جَهَنَّـمَ }[12] إذاً علينا أن نطلب العلم أولاً للعمل به ثم بعد ذلك نعلِّم غيرنا طلباً لمرضاة الله ورغبة بإخلاص وصدق فى نشر دين الله لا للتمشيخ على عباد الله ولا لإكتساب المنزلة بين خلق الله فإن كل ذلك فانٍ يوم لقاء الله وذلك مثل إمام العلماء بعد سيد الرسل والأنبياء علمه الله فقال كما قال عنه مولاه فى كتابه{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً} لماذا؟ لأن الجزاء الوافى عند رب العالمين 


[1] صحيح البخارى ومسلم عن سهل بن سعد. [2] من حديث أبى رافع فى جامع بيان العلم وفضله لأبن أبى بر [3] رواه البخارى وأحمد والترمذي عن ابن عمرو [4] رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي عن أبى الدرداء [5] عن أَبي أُمامةَ ، رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون كلهم. [6] عن أبي هريرة المستدرك على الصحيحين [7] سنن ابن ماجة عن معاذ بن جبل. [8] البخارى ومسلم عن ابن عباس [9] من حديث "فعلت ليُقال" رواه مسلم عن أبي هريرة. [10] رواه الطبراني عن ابن عباس. [11] رواه أحمد والترمذي وابن ماجة عن أبى أمامة [12] رواه الطبراني فى الأوسط والبزار عن أنس بن مالك.



 



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات