أن الرجل الذي اثأر اسمه جدلا كبيرا في الأوساط العلمية والدينية والاجتماعية هو العالم الكبير تشارلس دارون Charles Darwin (1882-1809) لقد كان دارون نشطا طيلة حياته الأولى كعالم طبيعي في جامعة كامبردج ,وكان يقضي الكثير من وقته لجمع الحيوانات والنباتات ,لكن فرصته الحقيقة جاءت عندما سمح له إن يكون ضمن طاقم سفينة بيجل HMS Beagle عام 1832 وكانت تنوي القيام برحلة حول العالم المترامي الأطراف , من اجل القيام بمسح خرائطي .لقد استغرقت الرحلة كلها من البداية حتى نهايتها رسميا حوالي الخمس السنوات .توقفت في بعض المناطق حوالي الخمس شهور .وفي بعضها لم يزد البقاء سوى أيام او حتى سويعات ..اتاح السفر مع طاقم هذه الرحلة لدارون فرصة فريدة للتحري عن الحيوانات والنباتات في العديد من مناطق العالم المختلفة ..
كان دارون مأخوذا جدا بطبيعة الحيوانات والنباتات العجيبة في جزر كالا بوكوز Galapagos في المحيط الهادئ .وخلال رحلته البحرية كان دارون مندفعا شيئا فشيئا نحو استنتاجه القائل إن الحيوانات والنباتات ارتفعت بعملية بطيئة جدا ومتدرجة ومن التغير عبر أجيال متعاقبة وقد تم ذلك بطريق الانتخاب الطبيعي إي natural selection . ولمدة عشرين عاماً –بعد عودته من رحلته البحرية –وجد دارون أن الكمية التي حصل عليها من المعلومات لا باس بها لإثبات رائيه فقام إن وحدها ورتبها في نظريته بالتفصيل معززا ًمعتقداته بعلم الجيولوجيا والأجنة وفروع أخرى من علم الإحياء .وقد طبع كتابه ((حول أصل الأنواع بطريقة الانتخاب الطبيعي )) والذي يعتبر وثيقته الأولى في التطور المعضدة بالوثائق ولم تكن في الحقيقة – هذه المرة التي يعلن فيها عن نظريته-فقد نشر دارون قبل ذلك بحثا مع الفريد رسل والالاس Alfred Russel Wallace بعنوان نظرية في التطور عن طريق الانتخاب الطبيعي ((A theory of evolution by natural )) لقد توصل ولالاس بشكل منفرد إلى نفس الاستنتاج ولكن بأدلة اقل ولأسباب متعددة اتفقا على نشر استنتاجاتهما سوية بدلاً من نشرها بصورة منفردة وعلى اية حال لم يحظى بحثهما باهتمام كبير في ذلك الوقت وقد يكون من غير العدل اليوم ان ننسب النظرية الشهيرة إلى دارون وحده !!!
أصبح التطور من هذه الأيام حقيقة واقعة ولكن الفكر كان بعيدا عن صالح العقائد والنزوات في منتصف القرن التاسع عشر ومع أن الفكرة كانت تتقاذفها الرياح لبعض الوقت ألا إن معظم الناس كانوا يعتقدون ان النباتات والحيوانات نشأة تلقائيا نتيجة الخلق الخاص وكان كل نوع من الأنواع قد خلق بمفرده وبصورة منفصلة .وقد حسبت بداية الكون وبسذاجة بالغة من قبل دكتور لايت فوت وهو قس معروف في كنيسة الجامعة في كامبردج وتوصل من حساباته ان العالم قد خلق في الساعة التاسعة قبل الظهر قي / October / 4004 / 23 قبل الميلاد .ولذا وجد دارون نفسه فجاءه في خلاف حاد مع الكنسية !!
ان المناظرات التي أجريت آنذاك بين توماس هنري هكسلي Thomas Henry Huxley وأسقف أكسفورد دكتور صموئيل وايبر فورس Samuel Wiber foerce (( والذي اكتسب لدماثة أخلاقه لقب سام الصابوني )) لقد سال الأسقف – في مناظرة عامة – هكسلي اذا كان تتبع انحداره من القردة سواء من نسله لامه أم لأبيه ؟
أجاب هكسلي :انه يفضل انحداره من القردة على أن يكون انحداره من إنسان ذكي يستخدم موهبته في التشكيك وتحطيم الباحثين المتواضعين عن الحقيقة بمعزل عن هذه العواطف فقد اجتازت نظرية دارون امتحان اليوم ومع بعض التحويرات العلمية أصبحت اليوم مقبولة رغم وجود حلقة مفقودة فيها
ماذا فعل دارون ؟
لقد قام دارون بأمرين جوهرين أولهما انه وضع برهانا قويا يدعم الحقيقة في آلية التطور Fact of evolution إي أن الأنواع لم تبقى على حالها خلال الوقت وإنما تغيرت .وهذه على أية حال ليست فكرة جديدة تماما
ويمكن العثور عليها في كتابات علماء الطبيعة والفلاسفة القدماء .ولكن دارون وصفها على أساس علمي ولقد اعتمد في الكثير من براهينه إلى التوزيع الجغرافي للنباتات والحيوانات التي شاهدها خلال الخمس سنوات من رحلته البحرية .ثم ذهبت بعد ذلك أفكاره الى الجدل الديناميكي انه اذا ارتقى نوع معين نتيجة تغير متدرج فيجب أن يحتفظ ببعض صفات إسلافه إضافة إلى حدوث بعض التغيرات و الاختلافات ,ويمكن معرفة ذلك من خلال علمي الأجنة والمتحجرات
لقد بداء في ذلك بجد وشمول وبذا احدث اتجاها جديدا للاستعلام في علوم الحياة .نما علم التشريح المقارن وعلم المتحجرات ولم يعد هذان العلمان مقتصران على الوصف فقط بل لتتبع تاريخ سلف الكائن الحي والتأكد من صحة نظرية دارون
والعمل الثاني المهم الذي قام به دارون هو محاولته وضع فرضية مقبولة لتفسير إلية جدية للتطور mechanism of evolution .وكأي عالم طبيعي كان دارون متأثرا كثيرا بطريقة تكييف الحيوانات والنباتات الفاخرة والى ما يحيطها ..
لقد فسر دارون ذلك بأعزائه إلى أن إفراد النوع الواحد تختلف عن بعضها بالدرجة التي تؤهلها إلى التلائم مع محيطها .وقد ناقش دارون ذلك من خلال الأسس التي يمكن منها الإفراد القليلة التكيف في إن تتلاشى ..بينما تستمر تلك المتكيفة جيدا إلى مواصلة الحياة بكفاءة ..وتمرر صفاتها الجيدة إلى ابنائها ..وهذا ما يعرف بالانتخاب الطبيعي ..وبما أن الطبيعة اختارت المتلائم وتركت مادون ذلك فيعطى هذا بنسبة او بأخرى تمكن دارون من تفسير سبب انقراضها وهو ما وضوحه بنفسه بالنسبة إلى الإشكال المنقرضة والتي جاءتنا اليوم بصورة متحجرات ..
التعليقات (0)