"وسط دهشة الحاضرين، بدأت مغنية الراب، أريكا بادو، في التجرد من ملابسها قطعة تلو القطعة لتسقط عارية تماماً قرب البقعة التي اغتيل فيها الرئيس الأمريكي، جون كيندي.
ولم تكن تلك المشاهد سوى الفيديو المثير للجدل لأغنية بادو الجديدة "مقعد نافذة" "Window Seat"، الذي بدأ بثه الأحد.
وشوهد أطفال قرب منطقة "ديلي بلازا" في دالاس، نظراً لأنها بقعة يرتادها السياح لإلقاء نظرة على مكان اغتيال كينيدي، عندما بدأت المغنية السمراء بالتعري" .
قد لايكون الخبر بحد ذاته غريب علينا ، فنحن تعودنا مثل هذه الأخبار من الدول العلمانية اللتي تعتبر مثل هذه الأمور حرية شخصية . ألا أن ما يهمنا هو دلالات مثل هذا الخبر .
واول هذه الدلالات هي أن العلمانية تجبر المجتمع على تقييم الأخلاق والقيم الأنسانية السامية بحسب الفائدة المادية اللتي تجنى من وراء المحافظة على هذه القيمة الأخلاقية أو العكس . أي أن آليات المنظومة العلمانية ستلغي مع الوقت حتما أي قيمة أنسانية وأخلاقية عليا أذا ما رأت في ذلك تعارضا مع قوانين السوق .
والعلمانية أنما تقوم بذلك عبر الترويج الى الرذيلة بأعتبارها حرية شخصية ، ولكي تحاول أيهام البشر الميالين الى الخير بالفطرة بأن الرذائل لادخل لها في نشر الشرور في العالم ، فأن العلمانية ووفق آلية مدروسة تحاول بشدة الخلط بين الرذيلة والفسق والفجور ، وبين الديموقراطية وحرية التعبير عن الرأي والمواطنة والمساواة . وكأن هذه الأمور هي شيئا واحدا لامجال للفصل بينها .
وأذا ما قرأنا ردود هذه المطربة الأمريكية اللتي تعرت في الشارع كما جائت في الأخبار فلابد أن نتوصل الى هذه الحقيقة .
تقول هذ المطربة "أصابني الرعب عند تصوير هذا الفيديو، لكني تحررت بمجرد البدء به.. تغلبت على مخاوف عدة في تلك اللحظات القليلة" .
"وقالت أيضا "كنت منشغلة للغاية بالنظر إلى رجال شرطة، وإذا ما أحرجهم جسدي العاري.. لقد تعريت كما كلمات أغنيتي وأفعالي" .
وهكذا أصبحت هذه المراة المتعرية حرة ، تنادي بالحرية والقيم الأنسانية العليا عبر الرذيلة اللتي تمتنع عنها حتى بعض الحيوانات اللتي تخفي عوراتها . بل أنها أصبحت قدوة للأطفال اللذين كانوا يملأون المنطقة و للآخرين في هذا الفعل . حيث يقول أحدهم في تعليقه على موقع هذه المطربة في تويتر .
" أشكرك لشجاعتك، لن يعتريني الخوف من الآن فصاعدا في القول بما أشعر به ".
وهكذا أصبحت حرية التعبير عن الرأي مرتبطة بالتعري في الشارع في ذهنية هذا المعجب وغيره من المعجبين بالمطربين والمطربات والممثلين والممثلات اللتي تملأ صورهم العارية شاشات التلفزة والسينما كل يوم .
عبر الدكتور المسيري عن هذه الحقيقة بالقول :
" الواحدية السائلة كامنة في الواحدية الصلبة . فبعد أن تتحول المرأة من أنسان ، أنسان الى كائن طبيعي مادي . يرد الى عناصر مادية ويفسر في أطارها ، بحيث لاتشير المرأة الى ذاتها بل الى الطبيعة المادة .. يتم تسويتها بالرجل أو الأنسان الطبيعي في جميع الوجوه بحيث لاتختلف عنه في أي شيء ، دورها لايختلف عن دوره فكلاهما أنسان طبيعي مادي . وما يجمعهما ليس أنسانيتهما المشتركة بل ماديتهما المشتركة . فيتم أختزالهما الى مستوى طبيعي مادي عام واحد يساوي بينهما ، فلا يكترث بذكورة الذكر وأنوثة الأنثى ، فالقانون الطبيعي المادي العام لايكترث بالخصوصية والثنائية .
كما أن العالم متعدد المراكز لايكترث بأي فروق ظاهرة أو باطنة ، فهو عالم سائل لامركز له ، لايمكن أحدا من أصدار أحكام عن أي شيء " .
وعبارة الدكتور المسيري هذه تعني أن تصبح "دعوة الحق العلمانية" للمطالبة بحق المرأة في التعليم والعمل وأختيار الزوج ومنع أهانتها من قبل الأب والأخ والزوج ، وحماية حقوقها في الميراث " وهي بالمناسبة حقوق مكفولة للمرأة في الأسلام " . الى "دعوة أريد بها باطل" الهدف منها تحويل المراة والرجل الى سلعة أو كما يقول المسيري .
" المراة تتحول وفق هذه القيم من أم وأخت وحبيبة وزوجة ، لها دور في داخل أيطار الجماعة الأنسانية الشاملة اللتي تظم الذكور والأناث والصغار والكبار ، الى شيء مختلف تماما . ومع ذلك يطلق عليه مصطلح ( المرأة ) .
وبسقوط المراة تسقط الأسرة ويتراجع الجوهر الأنساني المشترك ويصبح كل البشر أفرادا طبيعيين لكل منهم مصلحته الخاصة اللتي تصطدم وتتصارع مع مصالح الآخرين . والجميع يواجهون قطاع اللذة والأعلانات بمفردهم ويسقطون في قبضة الصيرورة ، ويتم تسوية الجميع بالحيوانات والأشياء ، وتسود الواحدية السائلة اللتي لاتفرق بين بين الرجل والمرأة ، أو بين اللأنسان والحيوان والأشياء " .
وما نفهمه من عبارة المسيري هذه يتجلى بوضوح في خبر التعري لهذه الممثلة في الشارع أمام الجميع وأمام الأطفال .
لقد حولت العلمانية البشر الى سلع رخيصة فارغة من كل قيمة حقيقية عبر هذا الخلط المتعمد بين القيم الديموقراطية والعلمية الراقية . والرذائل الأخلاقية المنحطة . وهكذا تحطمت قيمة االأسرة وأصبح الأطفال ملكا للدولة تجعلهم سلعة منتجة حسب الطلب .والزواج مؤسسة بالية عفا عليها الزمن . وكأن فك الأرتباط بين الرذيلة والحرية أصبح أمرا مستحيلا . وماقامت به هذه المطربة خير دليل على ذلك .
ومن الدلالات الأخرى لهذا الخبر هو قدرة العلمانية على تحويل أي دين الى سلعة أيضا وليس البشر فقط . فلقد أستطاعت العلمانية الغربية من تحويل حتى الدين المسيحي نفسه الى مجموعة مفاهيم لا تتعارض مع التعري والزنا واللواط . وهذا لا يمت الى الحقيقة بأي صلة . وأذا ما نظرنا الى أخواننا المسيحيين في بلدان الشرق سنرى هذا الفرق الشاسع بين مفهوم المسيحية عند الغربيين ومفهومها عند اخواننا مسيحيي الشرق .
تقول المطربة المتعرية في الشارع تعليقا على فعلتها الشائنة . " كان هناك أطفال، وابتلهت لله أن لا يصابوا بصدمة نفسية " .
وهكذا يتضح أن التربية العلمانية اللتي تربت عليها هذه المطربة تجعلها على يقين بأن الصلاة الى الله جائزة حتى وأن قامت بها وهي عارية تماما في وسط الشارع المكتظ بالمارة والأطفال وفي وضح النهار !!.
فهل بقيت للدين قيمة تذكر في ظل العلمانية اللتي يدعي معتنقوها بأنها لاتتعرض الى الأديان ؟ .
arabic.cnn.com/2010/entertainment/4/5/Nude.Video/index.html
التعليقات (0)