مواضيع اليوم

العلمانية والليبرالية مع وليس ضد

Riyad .

2015-09-03 21:36:57

0

العلمانية والليبرالية مع وليس ضد

تختلف العلمانية والليبرالية كنظرية سياسية أيدلوجية باختلاف فهم المجتمعات لها واختلاف وعي من يطبقها أو يتبنها فهي قيمة لها سلبياتها وايجابيتها .

العلمانية والليبرالية وجهين لعملة الإنسانية والحرية والحقوق والتمرد على الاستبداد والتهميش و تبليد العقل وتجهيله بتأويلات وأراء متعددة الأهداف وقابلة للصواب والخطأ , مناهضة العلمانية والليبرالية في العالم العربي ليست ترفاً بل مرضاً يرجع سببه لأمرين الأول الجهل والتجهيل المتعمد والنزعة الشعاراتية العاطفية التي تغلب على المجتمعات المخدرة بجرعات تاريخية قديمة فالإسلام السياسي بشقية السني والشيعي على سبيل المثال مسيطرٌ على الفضاء المجتمعي بشكل كبير ولعل شوق المجتمعات إلى الخلافة بمفاهيمها عند السنة أو الشيعة دليلٌ واضح على تلك السيطرة فالمجتمعات تهرب من فشلها الواقعي إلى تاريخ قديم تتجلى دمويته في أنظمة قامت باسم الخلافة فمارست أشياء لا صلة لها بالدين بل نابعة من تدين سلوكي غير سوي " الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية " , أما الأمر الثاني فهو الخوف من الجمود بعد التطبيق فالليبرالية والعلمانية تحتاجان إلى التحديث والتطوير المستمر وهذا الأمر يشغل الطبقة النخبوية المناهضة للطبقات الحاكمة  .

هناك من يتخوف من العلمانية أو الليبرالية لأنها في اعتقاده تقف ضد الأديان وحريات الآخرين ومرد ذلك الخوف الخلط بين لعبة المصالح السياسية بين الدول ومؤسساتها فيما بينها وبين حياة المجتمعات مع بعضها فالخلط هنا غير واقعي فالدول وعلاقاتها تقوم على المصالح أما علاقات المجتمع تقوم على الاحترام والمشاركة والتعددية والتعايش وحدود الفرد محكومة بقوانين واضحة وكذلك مؤسسات الدولة فلا غالب ولا مغلوب ولا أيدلوجيا طاغية , هناك من يهاجم العلمانية والليبرالية لمجرد أنها وفق رؤيته تشرعن الفجور و تقف ضد الدين والقيم الروحية والهجوم هنا نابعٌ من جهل فالعلمانية والليبرالية مناهج سياسية وفكرية وأيدلوجية ليست بعيدة عن الخطأ وليست قريبة من الصواب والاحتكام إلى نسب الصواب والخطأ من أهم عوامل معالجة السلبيات وتفادي تراكمات الأخطاء , هناك محاولات لتطبيق العلمانية والليبرالية في العالم العربي فازدهرت عصور سٌميت بالعصر الليبرالي كعصر الملكية بمصر والذي لم يستمر طويلاً لأسباب سياسية معقدة وهناك محاولات ببلدان تبنت أحزابها السياسية الطرح الليبرالي أوالعلماني ووقعت الأنظمة بفخ الشعارات فسلكت طريق الاستبداد والتهميش وأخرى سلكت طريق الإسلام السياسي فخلقت قضايا متعددة وتم تجهيل العقول وتبليدها باسم الدين وكل ذلك ملاحظ ومعايش في عالم يهرب من مشاكله وواقعة باتجاه الماضي والقضايا الهامشية التي لا تبني مستقبلاً ولا تحل أزمة النهضة والفكر والعقل ؟

العلمانية السياسية والليبرالية السياسية ليستا مجرد تنظيرات فكلا الأمرين بحاجة لفضاء مرن حتى ترى النور وتقطف المجتمعات ثمرة وجودها كحقيقة لا تنظير أو خيال أو ممارسات خجولة , العلمانية السياسية والليبرالية السياسية تبدأ وتولد من رحم الفكرة العاقلة " الدستور " الوثيقة التي تضع لكل شيء حدود معينة وتضع للسلطة حدوداً وللفرد حدوداً تصون الحقوق والحريات وتحافظ على استقرار وتماسك المجتمعات ويخرج من رحم تلك الوثيقة قوانين ولوائح تنظم الحياة وهذا ما تفتقده المجتمعات العربية التي يتجلى فيها البقاء للأقوى والأغلبية المستبدة على حساب التعددية والتعايش والتطلع للمستقبل .

التطبيق الخاطيء لليبرالية أو العلمانية لا يعني أن تلك الفكرتين العاقلتين لا تصلح للتطبيق ولا يعني أنها ضد الفرد وقيمه فهي تصون القيم الفردية والروحية وتحافظ عليها وتعزز مكانتها فهناك ما يٌسمى بالمباديء العامة أو العليا التي تتوافق عليها المجتمعات وتصونها الدساتير الفكرة العاقلة قديماً وحديثاً كما يقوله الواقع وكما قاله أرسطو من قبل , التعصب الأحمق هو من جعل من تلك الأفكار العاقلة ضد كل شيء فتارة ضد الدين وتارة ضد المجتمعات والحقوق و الإ في الأصل هي مع كل شيء لأنها نابعة من المجتمعات وتستهدف المجتمعات بشكل إيجابي لا بشكل سلبي .

في المجتمعات التي تبنت العلمانية السياسية والليبرالية السياسية نجد ونرى الاستقرار والانسجام مع الذات والتاريخ فلا غالب ولا مغلوب ولا تهميش أو تمييز إذا كانت هناك أخطأ أو حوادث تٌحسب على العلمانية أو الليبرالية فإنها لا تساوي ذرة عند مصائب وكوارث مجتمعات حٌرمت من أشياء ومنعت من أشياء غباءً وليس ترفاً أو تعقلاً , العلمانية السياسية والليبرالية السياسية حدود وخطوط عريضة يقف عندها الجميع حاكماً ومحكوماً لا يستطيع تجاوزها مهما بلغت به القوة فهما فكرتين عاقلتين وأشد تعقلاً من غيرهما ! .





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات