مواضيع اليوم

العلمانية الفكرة العاقلة

Riyad .

2015-06-02 17:40:30

0

العلمانية الفكرة العاقلة

تتكون الدول من مجموعات بشرية مختلفة في الدين والمذهب والعرق والانتماء المناطقي والجهوي و لا يجمعها سوى الوطن القاسم المشترك الأكبر , لاستمرار السلم الاجتماعي بين تلك الفئات والمجموعات البشرية فإن العقد الاجتماعي " الدستور" هو الفكرة العاقلة لأنه يحفظ الحقوق ويصون السلم والوحدة الوطنية وحق المواطنة التي لا تٌقاس بمذهب أو دين أو عرق وإنما تٌقاس بالانتماء للأرض والولاء والتضحية والفداء  .

الدول المستقرة لم تصل للاستقرار بالصدفة أو باتخاذ إجراءات معينة إنما وصلتها بإقرار عقدٍ اجتماعي بين المواطنين " المجموعات البشرية " عقد يحفظ الحقوق ويحدد شكل وملامح الدولة ونظام الحكم فيها , عقد يصون السلم الأهلي والوحدة الوطنية , ذلك العقد المسمى بالدستور وثيقة توافقية بين أفراد المجتمع يضعه المجتمع بالتوافق وتحترمه السلطة الحاكمة وتحافظ عليه ولا تنتهكه بأي شكل من الأشكال , السلطة الحاكمة نخبة تحكم البلد بتفويض وتوافق اجتماعي , تلك النخبة الحاكمة سواءً كانت نخبة حزبية أو أسرية أو فئة عرقية أو دينية أو مذهبية لها دورٌ محدد في عملية الإدارة ورعاية مصالح البلاد والعباد  فصلاحياتها محددة بالدستور " العقد الاجتماعي " ووظيفتها الإدارة والتنظيم و إدارة العملية السياسية وما يندرج تحتها بكل أمانة واستقلال , النخبة الحاكمة أياً كانت لا تفرض رؤية معينة على المجتمعات و لا تقرب فئة وتهميش أخرى ولا تتبني منهج أيدلوجي معين ولا تناهض التيارات الفكرية أو القوى والفعاليات الاجتماعية والدينية والسياسية والثقافية فعملها محكوم بقوانين واضحة وصريحة ووجودها مرهون باحترام تلك القوانين وصيانتها وتطبيقها بعدالة , لو أن تلك النخبة الحاكمة تجاوزت حدودها وانتهكت القوانين وتحايلت على العقد الاجتماعي بطرق شتى فإنها بذلك تحدث شرخاً بالصف الوطني وتدخل المجتمعات في نفق الصراعات الفكرية الطائفية والمذهبية والدينية التي لا تنتهي والمحصلة النهائية تعزيز وجود طبقة وفئات تابعة على حساب مجموعات بشرية لها نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات وولادة الضغائن والأحقاد والكراهية والعنف والتطرف بشتى صورة وأشكاله !.

النظام المثالي لتعزيز وحدة المجتمعات هو النظام العلماني أو ما يٌسمى بالعلمانية السياسية التي تضع للسلطة الدينية وما يتفرع منها حدوداً وتضع للسلطة الحاكمة حدوداً وتضع للفعاليات الوطنية الاجتماعية والسياسية والمذهبية والدينية والفكرية والثقافية حدوداً واضحة وهذا ما يٌسمى بفصل السلطات الفكرة العاقلة والأشد تعقلاً , العلمانية السياسية ليست ضد تيار ديني أو فكري أو مكون بشري بل هي ضد أدلجة المجتمعات وضد الاستبداد وضد التهميش المذهبي و الديني وضد التطرف الفكري و السياسي والديني والمذهبي أيضاً , العلمانية السياسية تختلف عن العلمانية الاجتماعية فالأولى " العلمانية السياسية " تقوم على فصل الايدلوجيا الدينية أو المذهبية أو الانتماء العرقي عن الدولة الكيان السياسي الجامع والحاضن للجميع , أما العلمانية الاجتماعية فهي سلوك  يطبقه الفرد بما يوافق هواه ورؤيته للأمور وبما ينسجم مع القانون وكذلك العلمانية الفكرية التي هي أفكار قابلة للتحديث والتغيير والخطأ والصواب , العلمانية في مجملها فكرة عاقلة تقف ضد الكهنوت والاستبداد والتهميش وتقف ضد سيطرة فئة معينة على الفضاء السياسي والاجتماعي والروحي فهي نظام يحفظ الحقوق ويعزز وجود الفرد ويصون حقوقه وحرياته التي هي في الأصل فطرة إنسانية ..

يعيش العالم العربي بفوضى طبيعية تعد تنفيساً لتراكمات الماضي الأليم ولكي يتخلص العالم العربي من تلك الفوضى ومن تلك الصراعات ولكي يتجنب مشاريع تقسيم بلدانه على أسس طائفية ودينية وعرقية ومذهبية فإن العلمانية هي الحل لجميع بلدانه بلا استثناء , ولادة " العلمانية " مرهونة بوجود عقد اجتماعي " دستور" يوضح ملامح الدولة وحدود السلطة والحقوق والواجبات وينزع القدسية عن الفعاليات الحزبية والثقافية والفكرية والسياسية والاجتماعية والدينية فالعلمانية لا تقدس أحداً ولا تعترف بالكهنوت ولا بالحزبية الدينية ولا بالإسلام السياسي الفكرة المتطرفة المتعددة الأشكال والأوجه ولا بالقدسية التاريخية التي توجد في المجتمعات المنغلقة المؤدلجة , العالم المتقدم المستقر لم يصل لتقدمة واستقراره بالمصادفة بل وصل نتيجة التأمل والتفكير وإعمال العقل وتأطير الحياة بقوانين وكل ذلك ليس بضد الدين كما يعتقد البعض فالدين الإسلامي والأديان بصفة عامة تدعو لصيانة وحماية حقوق وحريات الأفراد أياً كانوا ضمن مباديء أساسية رئيسية.

من يرفض العلمانية يعتقد أنها تقف ضد الدين غافلاً عن أن العلمانية كفكرة لا تقف ضد أحد وإنما من يطبقها يجعلها تقف ضد المسلمات أو الأديان أو حتى الأفراد , العلمانية تنشأ وتولد من رحم الدستور والدستور يحتوي على مواد أساسية تٌمسى بالمباديء العامة التي تحدد ثوابت المجتمعات ومسلماته وهذا ما يجعل العلمانية بعيدة عن الوقوف بوجه الحريات والرغبات للأفراد والمجتمعات التي تختلف باختلاف طريقة التفكير والتنشئة والتربية والوعي  .

العلمانية فكرة وطريقة صالحة لكل مجتمع وبلد خاصة البلدان العربية التي تعيش فوضى دموية والتي هي النتيجة الطبيعية لعقود طويلة من الاستغلال الديني والمذهبي والطائفي والاستبداد , لن يخرج العالم العربي من دوامة ذلك الطوفان سوى بالعلمانية السياسية الحقيقية التي لا تهمش أحداً ولا تغلب أحداً ولا تضطهد أحداً  ولا تؤدلج مجتمعاً وتغلب فئة عل حساب أخرى وأول خطوات العلمانية إقرار وثيقة العقد الاجتماعي المسماة بالدستور الفكرة العاقلة قديماً وحديثاً !.





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات