ملاحظات حول إحتفالات أعياد رأس السنة الميلادي
لسنا نميل الى منع او رفض مظاهر الاحتفال بأعياد رأس السنة و ميلاد السيد المسيح"ع"، لکننا في نفس الوقت لسنا مع التمادي في الاسراف بتلك المظاهر و منح السيادة المطلقة للنفس في تحديد الاحتفال بتلك المظاهر کما هو جار حاليا في معظم أرجاء العالم.
التمعن في مکونات الکائن الانساني من حيث کونه حصيلة للعوامل العضوية(الغذاء، النوم)، و العوامل الغريزية(حب الذات،شهوة الجنس، حب الظهور..الخ)، و العامل العقلي، تبين في النهاية، الشخصية الواقعية لأي إنسان، وان أي واحد منا إذا ما إبتغى أن يعرف شيئا عن شخصيته و عن إرادته و ميوله و أفکاره و المؤثرات الاساسية في توجيهه، فإن سعيه لتحليل شخصيته على أساس العوامل السابقة التي تشکل اساس شخصية الکائن الانساني، سوف تضعه أمام حقيقة کونه منقادا لأي من تلك العوامل.
الله سبحانه و تعالى الذي خلق الانسان من"نطفة أمشاج" ممحص بالابتلاء، کما جاء في القران الکريم، فإنه هداه النجدين، أي وضعه أمام طريق الخير و طريق الشر أعطاه الحق في الاختيار، وبطبيعة الحال، فإن إختيار أي من الطريقين يعتمد على خضوعه لأي من العوامل(العضوية او الغريزية او العقلانية)التي تحدد الملامح النهائية لشخصيته، وفي ضوء ذلك يعرف أي انسان من هو و ماذا يريد و الى أين يتجه في مساره الکينوني ببعديه الخاص و العام.
تلك العوامل و المکونات التي وهبها الله سبحانه و تعالى لأي واحد منا، مطلوب منا کبشر ان نمنح کل واحدة منها حقها و لکن من دون أن يکون ذلك على حساب عوامل و مکونات أخرى، مع ملاحظة هامة جدا وهي أن العوامل العقلية لوحدها تقف في جبهة فيما تقف العوامل العضوية و الغريزية في جبهة أخرى معا، وان غلبة أي واحد من الجبهتين بمقدوره أن يحدد قوة شخصية أي فرد منا، ومن هنا، ومع ملاحظة اننا ندعو دائما لإعطاء کل عامل مکون لشخصيتنا الانسانية حقوقها المشروعة و المکفولة في ضوء الموازين المنطقية و الطبيعية من دون إفراط و لاتفريط و لابخس، فإن ذلك من شأنه أن يحدد ملامح شخصية قوية متمکنة لکل فرد منا.
ونعود الى موضوعنا الاساسي، أي مسألة الاحتفالات بأعياد رأس السنة و ميلاد السيد المسيح"ع"، وندعو بکل هدوء و دعة الى تشذيب و تقنين إحتفال أي فرد في ضوء تلك العوامل، لأن الانجراف و الانسياق خلف العوامل العضوية و الغريزية من دون الاکتراث للعامل العقلي فإنه يقود الى حالة من الضياع والحيرة و التمزق و الضياع.
العلامة السيد محمد علي الحسيني.
التعليقات (0)