مواضيع اليوم

العلامة السيد محمد علي الحسيني: وهل نهانا الله عن من لايقاتلنا؟

العلامة الحسيني: وهل نهانا الله عن من لايقاتلنا؟


يتميز الدين الإسلامي بسعة أفقه وکونه يمتلك خلفية عقائدية ـ فکرية ثرية في مختلف المجالات والأمور على کل الأصعدة، ولعل قوة الحجة والشفافية و الوضوح في مخاطبة الآخر ومناقشته، من أهم تلك المميزات، ولهذا فإن الإلتقاء بأتباع الديانات السماوية الأخرى ولاسيما الديانة اليهودية، ليس بالأمر المحرم و المنهي عنه بموجب النصوص الشرعية، خصوصا وأن الآية 8 من سورة الممتحنة "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم"، واضحة المقاصد بهذا الصدد، حيث أن الله سبحانه وتعالى لم ينهانا أبدا عن الذين لم يقاتلونا من أتباع الديانات الأخرى والإحسان إليهم و الإنفتاح عليهم، بل وحتى أنه جل وعلا دعانا إلى اللقاء بهم ومحاورتهم.

طوال الأعوام الماضية، واستجابة منا لدعوة الله سبحانه وتعالى، فقد قمنا بزيارات متعددة بما نمثل من موقعنا الإسلامي وزرنا حضرة الفاتيكان وكذلك المطارنة والقساوسة والرهبان في لبنان وعدة دول أوروبية، وكذلك الحال خلال جولتنا الأوروبية الأخيرة حيث قمنا بزيارة رسمية علانية إلى الكنيس اليهودي في باريس والتقينا مع حاخامات اليهود، وکل ذلك تم في النور وليس خلف الکواليس أو في الظلام بعيدا عن الأنظار، لأنه ليس لدينا من شيئ کي نخفيه أو نتهرب منه بقدر مالدينا من رسالة ونهج إنساني ـ تربوي ـ وسطي معتدل نسعى لتشييد بنيانه ونرغب بشدة في إيصاله إلى العالم کله لنثبت إعتدالية و وسطية الإسلام وانفتاحه على الأديان وعلى الإنسانية.

أولئك الذين يسعون لحرف الحقائق و تزييفها أو قلبها والتصيد في المياه العکرة من خلال التشکيك بلقاءاتنا بحاخامات اليهود في باريس، فإننا نقول بأننا نسير على نهج أمير المٶمنين علي بن ابي طالب  الشفاف خصوصا ماجاء عنه"ع" في رسالته لمالك الاشتر: (يا مالك إن الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.)، وإذا لم يکن ينهانا أمير المٶمنين الذي کان بحق(القرآن الناطق)، عن من هو نظير لنا في الخلق بغض النظر عن دينه وعرقه وطائفته، فبأي حق يتم منعنا عن أناس مٶمنين بالله لهم کتاب سماوي؟!

إننا ومن موقعنا الإسلامي، نضع دائما الآية الکريمة 143 من سورة البقرة"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"، نصب أعيننا و نبذل کل مابوسعنا من أجل إثبات وتجسيد الوسطية والإعتدال في الإسلام کأمر واقع، هذه الوسطية والإعتدال الذي تم توضيحه بصورة کاملة من خلال الآية الکريمة 13 من سورة الحجرات "ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير "، وإننا ولثقتنا الکاملة والمطلقة بما يدعونا إليه الله تعالى من خلال کلامه المجيد، نمضي دونما وجل وبمنتهى الاطمئنان والثقة في هذا الطريق الذي رسمه و حدده لنا ديننا الحنيف.

الإسلام الذي لم يکن في يوما ما مدرسة للحقد و الفناء والقتل والدمار کما يحاول اليوم المتطرفون هذه الأيام وإنما کان مدرسة التسامح والتعايش السلمي و المحبة والتعاون والتعاضد الإجتماعي و الإنساني، وأن الجماعات والتنظيمات المتطرفة الإرهابية التي تحاول إظهار الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على الأديان والعالم کله على أنه دين منغلق و انطوائي يعتمد على القتل وإقصاء ونبذ الآخر ونشر الخوف والذعر والدمار في کل مکان، فإننا نود تذکير البعض المترصد بنا بأن الدين الإسلامي قد أولى اهتماما استثنائيا بالجانب الامني للإنسان کما جاء في سورة إيلاف(الذي أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف). 

وإننا نرى أنه من صلب واجب العلماء المسلمين أن يبادروا لأداء دورهم بشأن تأکيد السلام على ضرورة توفير الأمن و الاستقرار للإنسان وليس إرعابه وإرهابه کما يفعل الموتورون والذين يتصرفون بمنطق(لاتقربوا الصلاة) حيث تبعيض الآيات وعدم أخذها على شموليتها و معناها ومقاصدها الأساسية والنهائية.

إننا ومن خلال تحرکاتنا ونشاطاتنا على مختلف الأصعدة وبکافة الإتجاهات، إضطلعنا دائما بما رأيناه ونراه مطابقا لما دعانا إليه الله تعالى في محکم کتابه الکريم وقمنا بدورنا الديني بلا محذور ونحن لا ولم  نفعل شيئا إستحينا أو نستحي منه ولا نخالف القانون بل عملنا من منطلق إسلامنا الذي دعانا إلى الإنفتاح على الناس أجمعين والدعوة إلى المحبة والتآلف والتعاضد والله وراء القصد.

*العلامة السيد محمد علي الحسيني

 الأمين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان .





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات