مواضيع اليوم

العلامة الحسيني بمناسبة ذكرى شهادة امير المؤمنين علي (ع):علي.. معاوية، لأسالمن ماسلمت أمور المسلمين

 علي.. معاوية، لأسالمن ماسلمت أمور المسلمين

مع إشتداد الهجمة التکفيرية السنية ـ الشيعية الشرسة على حد سواء، ومع تصاعد مد التطرف الاعمى المشرئب بالارهاب، فإن العالمين العربي و الاسلامي يقفان أمام مفترق خطير و حساس يضع العلماء من الجانبين بشکل خاص أمام مسٶولية بالغة الخطورة تتطلب منهم التکاتف و التعاون و المشاورة و الاتفاق على منهج يساعدهم و يمنحهم القدرة على مواجهة هذه الهجمة و إخماد نيران الاحقاد و المشاعر الضارة الشائعة في اوساط مختلفة من الجانبين.

هذه الهجمة الظلامية السوداء التي نجزم بأن الدين الاسلامي الحنيف منها براء، يبدو من أنها بعد أن إستباحت دماء و أعراض و أموال بعضهم البعض، تعمه في غيها لتشمل بنار حقدها الظلامي المساجد و الاماکن الدينية و الذي يبعث على الغضب و الحزن و الأسى هو أن هذه الهجمات اللااسلامية و الوحشية تجري في أوقات نجد فيها المسلمين يٶدون فرض الصلاة و يقفون بين يدي الله، کما حدث مع مسجد مصعب بن عمير"السني" في العراق و مسجد الامام الصادق"الشيعي" في الکويت ،وماحدث في شمال لبنان من تفجير مسجدي السلام والتقوى "السني" ومسجدي القديح والعنود"الشيعي" في السعودية ، وغيرها من الهجمات الاخرى مما يٶکد بوضوح بأن هٶلاء المهاجمين قد اعمى التطرف و الحقد بصيرتهم و قلوبهم فجعلهم يتناسون ماقد ورد في القرآن الکريم(وماکان لمٶمن أن يقتل مٶمنا إلا خطأ) أي ليس عن عمد مع سبق الاصرار لأن الله سبحانه و تعالى توعد بالويل و الثبور لمن يقوم بذلك کما ورد في الآية الکريمة(ومن يقتل مٶمنا متعمدا فجزاٶه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه و أعد له عذابا عظيما) او ماجاء في الحديث الشريف(کل المسلم على المسلم حرام، دمه و ماله و عرضه)، او الحديث الشريف(لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم)، ولذلك فإن کل الحجج و الاعذار التي يسوقها غلاة السنة و الشيعة وهم يزهقون دماء مسلمين موحدين وهم بين يدي ربهم، فإنها تتلاشى کفقاعات أمام هذه النصوص الشرعية الدامغة التي لاتحتاج لأي شرح أو توضيح.

غلاة و متطرفو الجانبين، الذين صاروا وسائل و أدوات لأعداء الامة و المتربصين شرا بها، عليهم أن يتذکروا وهم يستندون على مرتکزات و دوافع طائفية، مواقف و أحداث مضيئة في التاريخ الاسلامي، فقد نقل عن الامام علي"ع"، وهو في ذروة خلافه مع معاوية بن ابي سفيان، "لأسالمن ماسلمت أمور المسلمين"، کما انه من المفيد جدا هنا أن نشير الى انه لما اشتد الخلاف بين علي ومعاوية، وبلغ ذلك هرقل عظيم الروم، أرسل هذا الأخير برسالة لمعاوية يقول له فيها: “علمنا بما وقع بينكم وبين علي بن أبي طالب، وإنا لنرى أنكم أحق منه بالخلافة لحنكتكم السياسية، فلو أمرتني أرسلت لك جيشا أوله عندك وأخره عندي يأتون إليك برأس علي”، لما وصل كتاب هرقل لمعاوية، طلب من كاتبه أن يخط على ظهر الرقعة الرد التالي: “أخان تشاجرا فما بالك تدخل فيما بينهما وتعلي من نباحك؟! إن لم تخرس نباحك أرسلت إليك بجيش أوله عندك وآخره عندي يأتونني برأسك أقدمه لعلي”، وأمر برد الرسالة لصاحبها... 
و في رواية اخرى :من معاوية بن ابي سفيان إلى هرقل، أما بعد، فأنا وعلي أخوان، كل منا يرى أن الحق له، ومهما يكن من أمر فما أنت بأقرب إلي من علي، فاكفف يا هرقل عنا خبثك وشرك وإلا أتيت إليك بجيش جرار، علي قائده، وأنا تحت إمرة علي حتى أملكه الأرض التي تحت قدميك، وان هرقل قد بعث بنفس الرسالة للإمام علي"ع"، فرد عليه بمثل مارد عليه معاوية من رفض مطلق أن تطأ أقدام جيش الروم أرض الشام لدعمه، لکن هل يتعظ المتطرفون من الجانبين ويأخذون دروسا من هکذا مواقف و أقوال مأثورة؟
المواقف و التصرفات و الممارسات الممقوتة التي يقوم بها المتطرفون من الجانبين، هي تشبه تماما ماکان يقوم به الخوارج الذين کفروا عليا و معاوية و الجميع و زعموا أن الحق معهم لوحدهم في وقت کانوا في ضلال مبين، ويکفي أن نشير هنا الى أن الخطة التي تم وضعها لإغتيال الامام علي فقد کانت هناك خطة مماثلة في نفس الليلة لإغتيال معاوية، ولذلك فإن الواجب الشرعي يدعونا للتمعن و التفکير بروية و عمق قبل القيام بأي أمر يستند على دافع طائفي، لأنه يفتح بابا لمصادرة العقل و ضعف و إهتزاز الايمان ناهيك عن أنه يفتح الابواب على مصاريعها أمام الشيطان الرجيم ليوظف مشاعر الحقد و الکراهية الطائفية له و ليس لله تعالى، وفي هذا الامر أکثر من عظة و درس.

التطرف و التعصب خصوصا فيما لو أخذ نهجا طائفيا و سيطر على العقل و المشاعر و الاحاسيس فإنه سيقود بالمسلم نحو دروب ضبابية قد تفتح عليه في أية لحظة أبواب الضلال و التيه و تشابك الامور و تضاربها عليه، ولذلك فإننا ندعو اخواننا من السنة و الشيعة ليفکروا ليس مرة واحدة وانما حتى آلاف المرات في حقيقة النوايا التي تحرضهم على قتل أخيهم في الدين او هدم مسجد او إستباحة عرض او مال، وان يتجنب کل لبيب أن يصبح مطية للشيطان الرجيم ففي ذلك هلاکه و براءة الدين منه.
*العلامة السيد
 محمد علي الحسيني.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات